الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكعب بن أسد إذ فتنه
…
عن عهده حييّ أعطى رسنه
وكان لواء المهاجرين بيد زيد بن حارثة، ولواء الأنصار بيد سعد بن عبادة، وكان عبّاد بن بشر على حرس النّبيّ صلى الله عليه وسلم مع غيره من الأنصار، يحرسونه كل ليلة، وقيل: إنّ الذي حرسه يوم الخندق الزّبير بن العوّام رضي الله عنه.
وكان المشركون يتناوبون بينهم، فيغدو يوما أبو سفيان في أصحابه، ويوما خالد بن الوليد، ويوما عمرو بن العاص، ويوما هبيرة بن أبي وهب، ويوما عكرمة بن أبي جهل، ويوما ضرار بن الخطاب.
قال في «روض النّهاة» : (وأسلم هؤلاء إلّا هبيرة، فلا يزالون يجيلون خيلهم، ويفترقون مرة، ويجتمعون أخرى، ويناوشون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدّمون رماتهم فيرمون) .
نقض كعب عهده للرسول صلى الله عليه وسلم:
(وكعب بن أسد) القرظي صاحب عقد بني قريظة (إذ فتنه) أي: أوقعه في الفتنة وأضلّه (عن عهده) الذي كان عاهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاقده من ترك قتالهم له مع أحد، والكف عنه، وفاعل فتنه قوله:(حييّ) بترك التنوين للوزن، وخبر المبتدأ الذي هو كعب، جملة قوله:(أعطى) أي: كعب المذكور لحيي (رسنه) أي:
أعطاه قياده، وهو بفتح الراء والسين: ما يقاد به من زمام ونحوه.
فغدرت قريظة لغدره
…
يومئذ إذ هو أسّ نجره
وحاصل ما أشار له الناظم كما ذكره ابن إسحاق وغيره: (أنّه خرج عدوّ الله حييّ بن أخطب النّضريّ حتى أتى كعب بن أسد القرظي، وكان وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، فأغلق دونه باب حصنه، وأبى أن يفتح له، وقال: ويحك يا حييّ إنّك امرؤ مشؤوم، وإنّي قد عاهدت محمّدا، فلست بناقض ما بيني وبينه؛ فإنّي لم أر منه إلّا وفاء، وصدقا.
فقال: ويحك! افتح لي، ولم يزل به حتى فتح له، فقال: ويلك يا كعب! جئتك بعز الدهر جئتك بقريش حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال، ومن دونه غطفان، وقد عاهدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمّدا، ومن معه.
فقال له كعب: جئتني والله بذلّ الدهر، وبجهام «1» قد أهريق ماؤه يرعد ويبرق، وليس فيه شيء، ويحك يا حييّ! دعني وما أنا عليه؛ فإنّي لم أر من محمّد إلّا صدقا ووفاء، ولم يزل به يفتله في الذّروة والغارب «2» .. حتّى نقض عهده، وبرىء ممّا كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فغدرت قريظة) العهد، ونقضته مع كعب (ل) أجل (غدره يومئذ إذ هو) أي: كعب (أسّ) بتثليث الهمزة، أصل البناء، وهو مضاف إلى (نجره) بفتح النون وسكون الجيم:
(1) بجيم مفتوحة، فهاء مخففة: السحاب الذي لا ماء فيه، وأهريق: بضم الهمزة وسكون الهاء وكسر الراء: صب، اهـ «شامية» .
(2)
مثل: أصله البعير يستصعب عليك، فتأخذ القراد من ذروته وغارب سنامه، فيجد لذة، فيأنس بعد ذلك، فضرب مثلا في المراوضة، قاله في «الروض الأنف» اهـ