الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - بَابُ رِضَاعِ الْكَبِيرِ
1943 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ
= وأخرجه مسلم (1452)، والطحاوي (2065) و (2066) و (4567) و (4568) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة، بنحو لفظ القاسم بن محمَّد، دون ذكر قول عائشة الذي سلف في رواية مالك عن عبد الله بن أبي بكر.
قولها: "ثم سقط" أي: نُسخ.
وقال مالك بإثر الحديث في "الموطأ": وليس العمل على هذا. وقال الزرقاني في "شرح الموطأ" 3/ 349: بل هو على التحريم ولو مصةً وصلت إلى الجوف عملًا بظاهر القرآن وأحاديث الرضاع، وبهذا قال الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة وعلماء الأمصار (ومنهم الإمام البخاري كما في "الفتح" 9/ 164) حتى قال الليث بن سعد: أجمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يُحرِّم في المهد ما يفطر الصائم، حكاه في "التمهيد" 8/ 268، ومن المقرر أنه إذا كان علماء الصحابة وأئمة الأمصار وجهابذة المحدثين قد تركوا العمل بحديث مع روايتهم له ومعرفتهم به كهذا الحديث، فإنما تركوه لعلة كنسخ، أو معارضي يوجِبُ تركه، فيرجع إلى ظاهر القرآن والأخبار المطلقة وإلى قاعدة هي أصل في الشريعة، وهي أنه متى حصل اشتباه في قصة كان الاحتياط فيها أبرأ للذمة، وأنه متى تعارض مانع ومبيح قُدم المانع لأنه أحوط.
وقال صاحب "المغني"11/ 310: الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدًا، هذا الصحيح في المذهب، وروي هذا عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير وعطاء وطاووس، وهو قول الشافعي.
وعند أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع وكثيره يحرم. ورواية ثالثة: لا يثبت التحريم إلا بثلاث رضعات. وبه قال أبو ثور، وأبو عبيد وداود وابن المنذر.
وانظر لزاما "شرح مشكل الآثار" للإمام الطحاوي 5/ 311 - 315، و"المنتقى" لأبي الوليد الباجي 4/ 156.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يا رسول الله إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ الْكَرَاهِيَةَ مِنْ
دُخُولِ سَالِمٍ عَلَيَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَرْضِعِيهِ" قَالَتْ: كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: "قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ" فَفَعَلَتْ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيْئًا أَكْرَهُهُ بَعْدُ. وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا (1).
(1) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع.
وأخرجه مسلم (1453)، والنسائي 6/ 104 - 105 و105 و105 - 106 من طريق القاسم، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد"(24108)، و"صحيح ابن حبان"(4213).
وأخرجه بنحوه البخاري (4000) و (5088)، وأبو داود (2061)، والنسائي 3/ 106 من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد"(26330).
وجمهور أهل العلم سلفا وخلفا على أن الرضاع الذي يتعلق به التحريم ما كان قبل الفطام في زمن الارتضاع المعتاد، وهو ما كان في الحولين، ولا يُحرِّم ما كان بعدهما.
وقد نقل ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 578 عن طائفة من السلف والخلف أن رضاع الكبير يُحرِّم، ولو أنه شيخ، ونسبه إلى عائشة وعلي وعروة بن الزبير وعطاء ابن أبي رباح والليث بن سعد وابن حزم
…
ثم قال 5/ 593: المسلك الثالث: وهو أن حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا مخصوص ولا عام في كل أحد، إنما هو رخصة للحاجة لمن لا يستغني عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما مَن عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا مسلك شخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير إما مطلقة فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال فتخصَّص هذه الحال من عمومها، وهذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له.