الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا
(8)}
82231 -
عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس أحد يُحاسب إلا هلك» . فقلتُ: أليس الله يقول: {فَأَمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا} ؟ قال: «ليس ذلك بالحساب، ولكن ذاك العرض، ومَن نُوقِش الحساب هلك»
(1)
. (15/ 317)
82232 -
عن عائشة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: «اللهم، حاسِبني حسابًا يسيرًا» . فلما انصرف قلتُ: يا رسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال:«أن يُنظر في كتابه فيُتجاوز له عنه؛ إنه مَن نُوقش الحساب هلك»
(2)
. (15/ 317)
82233 -
عن عائشة، قالت: يا نبي الله، كيف {حِسابًا يَسِيرًا}؟ قال:«يُعطى العبد كتابه بيمينه، فيقرأ سيئاته، ويقرأ الناس حسناته، ثم يُحوّل صحيفته، فيُحوّل الله سيئاته حسنات، فيقرأ حسناته، ويقرأ الناس سيئاته حسنات، فيقول الناس: ما كان لهذا العبد سيئة. قال: يُعْرّف بعمله، ثم يغفر الله له. قال: {أُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}» [الفرقان: 70]
(3)
. (ز)
82234 -
عن عائشة، في قوله:{فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا} ، قال: يُعرَّف ذنوبَه، ثم
(1)
أخرجه البخاري 1/ 32 (103)، 6/ 167 - 168 (4939)، 8/ 111 - 112 (6536، 6537)، ومسلم 4/ 2204 - 2205 (2876)، وآدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص 714 - ، وعبد الرزاق 3/ 61 (2409)، وابن جرير 24/ 237 - 238، والثعلبي 10/ 159.
(2)
أخرجه أحمد 40/ 260 (24215)، وابن خزيمة 2/ 71 (849)، وابن حبان 16/ 372 (7372)، والحاكم 1/ 125 (190)، 1/ 385 (936)، 4/ 278 (7636)، 4/ 623 (8727)، وابن جرير 24/ 236 - 237.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ» . ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال ابن كثير في تفسيره 8/ 357: «صحيح، على شرط مسلم» . وقال الألباني في ضعيف أبي داود 2/ 472: «وإسناده حسن» .
(3)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع 1/ 34 (69)، من طريق ابن أبي جعفر، أنه بلغه أن عائشة
…
وسنده ضعيف؛ لانقطاعه بين ابن أبي جعفر وعائشة رضي الله عنها.
يُتَجاوزُ له عنها
(1)
. (15/ 317)
82235 -
عن عائشة -من طريق عروة- قالت: مَن حُوسِب يوم القيامة أُدخِل الجنة. وتَلَتْ: {فَأَمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا} ، ثم تَلَتْ:{يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي والأَقْدامِ} [الرحمن: 41]
(2)
. (15/ 317)
82236 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم قال: {فَأَمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ} وهو عبد الله بن عبد الأسد، ويُكنى: أبا سلمة، {فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا} باليسير؛ بأنّ الله لا يُغيّر حسناته ولا يفضحه، وذلك أنّ الله عز وجل إذا جمع الخلائق يوم القيامة فإنهم يموج بعضُهم في بعض مقدارَ ثلاثمائة سنة، حتى إذا استوى الرّبُّ -جلّ وعزّ- على كرسيّه لِيُحاسب خَلْقه، فإذا جاء الرّبُّ تبارك وتعالى والملائكةُ صفًّا صفًّا، فينظرون إلى الجنة وإلى النار، ويُجاء بالنار من مسيرة خمسمائة عام، عليها تسعون ألف زمام، في كلّ زمام سبعون ألف ملك متعلّق، يحبسونها عن الخلائق، طول عنق أحدهم مسيرة سنة، وغِلظها مسيرة سنة، ما بين مَنكِبي أحدهم مسيرة خمسين سنة، وجوههم مثل الجمر، وأعينهم مثل البَرق، إذا تَكلّم أحدهم تناثرتْ مِن فِيه النار، بيد كلّ واحد منهم مرزبة، عليها ثلاثمائة وستون رأسًا كأمثال الجبال، هي أخفّ بيده مِن الريشة، فيجيئون بها، فيسوقونها حتى تقام عن يسار العرش، ويجاء بالجنة يزفونها كما تُزَفُّ العروس إلى زوجها حتى تقام عن يمين العرش، فإذا ما عاين الخلائقُ النارَ، وما أعدّ الله لأهلها، ونظروا إلى ربّهم، وسكتوا؛ فانقطعتْ عند ذلك أصواتهم، فلا يَتكلّم أحدٌ مِنهم مِن فَرَق الله وعظمته، ولما يرون مِن العجائب مِن الملائكة، ومن حملة العرش، ومن أهل السموات، ومن جهنم، ومن خزنتها، فانقطعتْ أصواتهم عند ذلك، وتَرتعد مفاصلهم، فإذا علم الله ما أصاب أولياءَه مِن الخوف، وبلغت القلوب الحناجر، فيقوم منادٍ عن يمين العرش، فينادي:{يا عِبادِ، لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ ولا أنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف: 68]، فيرفع عند ذلك الإنس والجنّ كلُّهم رؤوسَهم والمؤمنون والكفار؛ لأنهم عباده كلّهم، ثم ينادي في الثانية:{الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وكانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف: 69]، فيَرفع المؤمنون رؤوسَهم، وينكس أهل الأديان كلّهم رؤوسهم، والناس سكوت مقدار أربعين عامًا، فذلك قوله: {هَذا يَوْمُ لا
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 13/ 361. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
يَنْطِقُونَ، ولا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35 - 36]، وقوله:{لا يَتَكَلَّمُونَ إلّا مَن أذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وقالَ صَوابًا} [النبأ: 38]؛ وقال: لا إله إلا الله؛ فذلك الصواب، وقوله:{وخَشَعَتِ الأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إلّا هَمْسًا} [طه: 108]، فلا يجيبهم الله، ولا يُكلّمهم، ولا يتكلمون هم مقدار أربعين سنة، يقول بعد ذلك لمَلكٍ من الملائكة وهو جبريل عليه السلام: نادِ الرسل، وابدأ بالأُمِّي. قال: فيقوم المَلك، فينادي عند ذلك: أين النَّبِي الأُمِّي؟ فتقول الأنبياء عند ذلك: كلّنا نبيّون وأُمّيون؛ فبيِّن بيِّن. فيقول: النبي العربي الأُمّي الحرمي، فيقوم عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيرفع صوته بالدعاء، فيقول: كم مِن ذنب قد عملتموه ونسيتموه وقد أحصاه الله! ربِّ، لا تفضح أمتي. قال: فلا يزال يدنو مِن الله تعالى حتى يقوم بين يديه؛ أقرب خَلْقه إليه، فيحمد الله، ويثني عليه، ويذكر من الثناء على الله تعالى والحمد حتى تعجب الملائكة منه والخلائق، فيقول الله عز وجل: قد رضيتُ عنك، يا محمد، اذهب فنادِ أُمّتك. فينادي، وأول ما يدعو يدعو مِن أُمّته عبد الله بن عبد الأسد أبا سلمة، فلا يزال يدنو، فيقرّبه الله عز وجل منه، فيحاسبه حسابًا يسيرًا، واليسير الذي لا يأخذه بالذنب الذي عمله، ولا يغضب الله عز وجل عليه، فيجعل سيئاته داخل صحيفته، وحسناته ظاهر صحيفته، فيوضع على رأسه التاج مِن ذَهَبٍ عليه تسعون ألف ذؤابة، كلّ ذؤابة دُرّة تساوي مال المشرق والمغرب، ويلبس سبعين حُلّة مِن الإستبرق والسندس، فالذي يلي جسده حريرة بيضاء، فذلك قوله:{ولِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ} [الحج: 23، فاطر: 33]، ويُسوَّر بثلاث أسْوِرة: سوار من فِضّة، وسوار من ذهب، وسوار من لؤلؤ، ويوضع إكليل مُكلّل بالدُّرّ والياقوت، وقد تلألأ في وجهه مِن نور ذلك، فيرجع إلى إخوانه من المؤمنين، فينظرون إليه وهو جاءٍ مِن عند الله، فتقول الملائكة والناس والجنّ: واللهِ، لقد أكرم الله هذا، لقد أعطى الله لهذا. فينظرون إلى كتابه، فإذا سيئاته باطن صحيفته، وإذا حسناته ظاهر كتابه، فتقول عند ذلك الملائكة: ما كان أذنب هذا الآدميُّ ذنبًا قط! واللهِ، لقد اتّقى اللهَ هذا العبدُ، فحُقّ أن يكرم مثل هذا العبد. وهم لا يشعرون أنّ سيئاته باطن كتابه، وذلك لمن أراد الله تعالى أن يُكرمه ولا يفضحه، قال: فيأتي إخوانَه من المسلمين، فلا يعرفونه، فيقول: أتعرفوني؟ فيقولون كلّهم: لا، واللهِ. فيقول: إنما برحتُ الساعة، وقد نسيتموني. فيقول: أنا أبو سلمة، أبشِروا بمثله، يا معشر الإخوان، لقد حاسَبني ربي حسابًا يسيرًا، وأكرمني. فذلك قوله:{فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا ويَنْقَلِبُ إلى أهْلِهِ} يقول إلى قومه: {مَسْرُورًا}