الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس في الإسلام، فبلغنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الناس تَبع لقريش في الخير والشر، كُفّارهم تَبعٌ لكُفّارهم، ومؤمنوهم تَبعٌ لمؤمنيهم»
(1)
[7312]. (15/ 676)
{رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
(2)}
85047 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد- في قوله: {رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّيْفِ} ، قال: كانوا يَشْتُون بمكة، ويَصِيفون بالطائف
(2)
. (15/ 672)
85048 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء-: أنهم كانوا في ضرٍّ ومجاعة، حتى جمعهم هاشم على الرحلتين، وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغني، حتى كان فقيرهم كغنيّهم
(3)
. (ز)
[7312] اختُلف في قوله: {لإيلاف قريش إلافهم رحلة الشتاء والصيف} ، وفي المعنى الجالب للام في قوله:{لإيلاف} على قولين: الأول: أنّ المعنى الجالب لها قوله: {فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل: 5]، فاللام صلة لـ {جعلهم} ، ومعنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل، نعمة مِنّا على أهل هذا البيت، وإحسانًا مِنّا إليهم، إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، أو يكون الامتنان عليهم بألفة بعضهم بعضًا. الثاني: أن تكون اللام هاهنا للتعجب، والمعنى: اعجب -يا محمد- لنِعم الله على قريش، في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك.
وقد رجّح ابنُ جرير (24/ 649 - 651) -مستندًا إلى اللغة، وإلى آثار السلف- القول الثاني، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّ هذه اللام بمعنى التعجب، وأن ّمعنى الكلام: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وترْكهم عبادة ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام، فأدخلوها في الكلام للتعجّب، اكتفوا بها دليلًا على التعجّب من إظهار الفعل الذي يجلبها
…
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل». وذكر آثار السلف على هذا المعنى.
وانتقد (24/ 650) -مستندًا إلى اللغة، وإجماع المسلمين على أنّ السورتين منفصلتين- القول الأول، فقال:«وأمّا القول الذي قاله مَن حكينا قوله أنه من صلة قوله: {فجعلهم كعصف مأكول} فإنّ ذلك لو كان كذلك لوجب أن يكون {لإيلاف} بعض {ألم تر}، وأن لا تكون سورة منفصلة من {ألم تر}، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان كلّ واحدة منهما منفصلة عن الأخرى ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك، ولو كان قوله: {لإيلاف قريش} من صلة قوله: {فجعلهم كعصف مأكول} لم تكن {ألم تر} تامة حتى توصل بقوله: {لإيلاف قريش}؛ لأنّ الكلام لا يتم إلا بانقضاء الخبر الذي ذكر» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 24/ 654 مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن جرير 24/ 652، وابن أبي حاتم -كما في فتح الباري 8/ 730 مختصرًا-، والضياء في المختارة 10/ 125 (125، 126). وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(3)
تفسير البغوي 8/ 548.
85049 -
عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: كانت قريش تتَّجر شتًاء وصيفًا، فتأخذ في الشتاء على طريق البحر وأَيْلة
(1)
إلى فلسطين، يلتمسون الدِّفاء
(2)
، وأمّا الصيف فيأخذون قِبل بُصرى وأذْرِعات
(3)
، يلتمسون البرد، فذلك قوله:{إيلافِهِمْ}
(4)
. (15/ 677)
85050 -
قال أبو صالح باذام: كانت الشام منها أرض باردة ومنها أرض حارّة، وكانوا يرحلون في الشتاء إلى الحارّة، وفي الصيف إلى الباردة، وكانت لهم رحلتان كلّ عام للتجارة: إحداهما في الشتاء إلى اليمن؛ لأنها أدفأ، والأخرى في الصيف إلى الشام، وكان الحَرم واديًا جدبًا لا زرع فيه ولا ضرع، ولا ماء ولا شجر، وإنّما كانت قريش تعيش بها بتجارتهم ورحلتهم، وكانوا لا يُتعرّض لهم بسوء، وكانوا يقولون: قريش سكان حرم الله، وولاة بيته. فلولا الرحلتان لم يكن لأحد بمكّة مقام، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرّف، فشقّ عليهم الاختلاف إلى اليمن والشام، وأخصبت تَبالة وجُرش والجَنَد من بلاد اليمن، فحملوا الطعام إلى مكّة، وأهل الساحل في البحر على السفن، وأهل البر على الإبل والحُمُر، فألقى أهل الساحل بجدّة، وأهل البرّ بالمحصّب، وأخصبت الشام، فحملوا الطعام إلى مكّة، فحمل أهل الشام إلى الأبطح، وحمل أهل اليمن إلى جدّة، فامتاروا من قريب، وكفاهم الله مؤونة الرحلتين، وأمرهم بعبادة ربّ البيت
(5)
. (ز)
85051 -
قال محمد بن السّائِب الكلبي -من طريق معمر-: كانت لهم رحلتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام
(6)
. (ز)
(1)
أيلة: مدينة على ساحل البحر الأحمر مما يلي الشام. مراصد الإطلاع 1/ 138.
(2)
الدفاء: اسم لما يُستدفأ به من صوف أو غيره. التاج (دفأ).
(3)
بصرى وأذرعات: موضعان بالشام. مراصد الإطلاع 1/ 47، 201.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(5)
تفسير الثعلبي 10/ 302.
(6)
أخرجه عبد الرزاق 3/ 462، وابن جرير 24/ 652.