الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الإخلاص
مقدمة السورة
85514 -
قال مقاتل بن سليمان: سورة الإخلاص مكّيّة، عددها أربع آيات
(1)
[7337]. (ز)
سبب نزول السورة
85515 -
عن أُبيّ بن كعب -من طريق أبي العالية-: أنّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، انسب لنا ربّك. فأنزل الله:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ}
(2)
. (15/ 740)
85516 -
عن عبد الله بن مسعود، قال: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربّك. فنزلت هذه السورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ}
(3)
. (15/ 741)
85517 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: أنّ اليهود جاءت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، منهم كعب بن الأشرف، وحُييّ بن أخطب، فقالوا: يا محمد، صِف لنا ربّك الذي بعثك. فأنزل الله:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ} فيخرج منه الولد، {ولَمْ يُولَدْ} فيخرج من شيء
(4)
. (15/ 744)
[7337] نقل ابنُ عطية (8/ 710) عن ابن عباس، والقرظي، وأبي العالية أنّ سورة الإخلاص مدنية.
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 921.
(2)
أخرجه أحمد 35/ 143 - 144 (21219)، والترمذي 5/ 549 (3659)، والحاكم 2/ 589 (3987)، وابن جرير 24/ 727، والثعلبي 10/ 332.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» . ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ 3/ 1659 (3714): «رواه محمد بن ميسر أبو سعد الصاغاني، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي. وهذا يرويه عن أبي جعفر غير أبي سعد، وهو متروك الحديث» .
(3)
عزاه السيوطي إلى الطبراني، وأبي الشيخ في العظمة، وفي الطبراني -كما في تفسير ابن كثير (8/ 518) - عن أبي وائل مرسلا، وكذا في «العظمة» لأبي الشيخ (91). وقد أورده ابن كثير عن ابن مسعود مع بعض إسناده دون ذكر من أخرجه.
(4)
أخرجه ابن عدي في الكامل 5/ 415، والبيهقي في الأسماء والصفات 2/ 38 - 39 (606)، وابن أبي حاتم -كما في مجموع الفتاوى لابن تيمية 17/ 222 - .
قال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ 2/ 627 (1072): «رواه عبد الله بن عيسى الخزاز أبو خالد، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعبد الله لم يُتابع عليه، وليس بحجّة» . وقال ابن عدي عقب الحديث: «وعبد الله بن عيسى له غير ما ذكرتُ من الحديث، وهو مضطرب الحديث، وأحاديثه إفراداتٌ كلّها، ونختلف عليه لاختلافه في رواياته» . وقال ابن حجر في الفتح 13/ 356 عن رواية البيهقي: «بسند حسن» .
85518 -
عن عبد الله بن عباس - من طريق أبي ظَبْيان، وأبي صالح-: أنّ عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال عامر: إلامَ تدعونا، يا محمد؟ قال:«إلى الله سبحانه» . فقالا: صِفه لنا؛ أذهَب هو أم فِضّة أم حديد أم من خشب؟ فنزلت هذه السورة، فأرسل الله سبحانه الصاعقة إلى أربد فأحرقتْه، وطُعن عامر في خنصره فمات
(1)
. (ز)
85519 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق الضَّحّاك-: أنّ وفد نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أساقفة مِن بني الحارث بن كعب، فيهم السيّد، والعاقب، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: صِف لنا ربّك مِن أي شيء هو؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ ربي ليس من شيء، وهو بائن من الأشياء» . فأنزل الله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} أي: واحد
(2)
. (ز)
85520 -
عن جابر بن عبد الله -من طريق الشعبي- قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: انسب لنا ربّك. فأنزل الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ}
(3)
. (15/ 741)
85521 -
عن أنس بن مالك، قال: أتتْ يهودُ خيبرَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم، خَلَق اللهُ الملائكة مِن نور الحجاب، وآدم مِن حمأ مسنون، وإبليس مِن لهب النار، والسماء مِن دخان، والأرض مِن زبد الماء، فأخبِرنا عن ربّك. فلم
(1)
أورده الثعلبي 10/ 332 - 333، والبغوي 8/ 584.
(2)
أورده الثعلبي 10/ 333.
(3)
أخرجه أبو يعلى في مسنده 4/ 38 (2044)، وأبو نعيم في الحلية 4/ 335، 10/ 113 - 114، والبيهقي في الأسماء والصفات 2/ 39 - 40 (608)، وابن جرير 24/ 728.
قال أبو نعيم: «غريب من حديث الشعبي، تفرَّد به إسماعيل عن مجالد، وعنه شريح» . وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ 2/ 1194 (2548): «رواه إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي، عن جابر. قال: وهذا ما رواه إسماعيل، عن أبيه، وإسماعيل أوثق من أبيه» . وقال الذهبي في معجم الشيوخ 1/ 40: «هذا حديث غريب من الأفراد» . وقال ابن كثير في تفسيره 8/ 518 عن رواية أبي يعلى: «إسناده مقارب» . وقال الهيثمي في المجمع 7/ 146 (11542): «رواه الطبراني في الأوسط، ورواه أبو يعلى
…
وفيه مجالد بن سعيد، قال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر، وبقية رجاله رجال الصحيح». وقال السيوطي:«سند حسن» .
يُجبهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأتاه جبريل بهذه السورة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} ليس له عروق تتشعّب، {اللَّهُ الصَّمَد} ليس بالأجوف لا يأكل ولا يشرب، {لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ} ليس له والد ولا ولد يُنسب إليه، {ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ} ليس من خَلْقه شيء يعدل مكانه، يُمسك السموات والأرض أن زالتا. هذه السورة ليس فيها ذِكر جنة ولا نار، ولا دنيا ولا آخرة، ولا حلال ولا حرام، انتسب الله إليها فهي له خالصة
…
(1)
. (15/ 742)
85522 -
قال أبو وائل شقيقُ بن سلمة -من طريق عاصم-: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربّك. فأنزل الله هذه السورة، فقال: يا محمد، انسبني إلى هذا
(2)
. (ز)
85523 -
عن أبي العالية الرِّياحيّ -من طريق الربيع- قال: قال قادة الأحزاب: انسب لنا ربّك. فأتاه جبريل بهذه السورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد}
(3)
. (15/ 741)
85524 -
عن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، أنّ عبد الله بن سلام قال لأحبار اليهود: إني أردتُ أنْ أُحدث بمسجد أبينا إبراهيم عهدًا. فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، فوافاه بمِنى والناس حوله، فقام مع الناس، فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:«أنتَ عبد الله بن سلام؟» . قال: نعم. قال: «ادْنُ» . فدنا منه، فقال:«أنشدك بالله، أما تجدني في التوراة رسول الله؟» . فقال له: انعتْ لنا ربّك. فجاء جبريل، فقال:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} إلى آخر السورة، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن سلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. ثم انصرف إلى المدينة، وكتم إسلامه
(4)
. (15/ 743)
85525 -
عن سعيد بن جُبَير -من طريق محمد- قال: أتى رهطٌ مِن اليهود
(1)
أخرجه أبو الشيخ في العظمة 1/ 370 - 371 (86)، والحسن الخلال في فضائل سورة الإخلاص ص 72 (30).
قال الألباني في الضعيفة 10/ 401 (4843): «موضوع» .
(2)
أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص 760 - .
(3)
أخرجه ابن الضريس (244) من قول الربيع بن أنس، وابن جرير 24/ 728.
(4)
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (664)، والطبراني (372 - قطعة من الجزء 13)، وأبو نعيم في الدلائل (246).
قال الألباني في ظلال الجنة: «إسناده ضعيف» .
النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد، هذا الله خَلَق الخَلْق، فمَن خَلَقه؟ فغضب النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى انتُقع لونه
(1)
؛ ثم ساورهم
(2)
غضبًا لربّه، فجاءه جبريل عليه السلام، فسكّنه، وقال: اخفض عليك جناحك، يا محمد. وجاء مِن الله جواب ما سألوه عنه:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ} ، فلما تلاها عليهم قالوا: صِف لنا ربّك، كيف خَلْقه، وكيف عضده، وكيف ذراعه؟ فغضب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أشدَّ مِن غضبه الأول، وساورهم غضبًا، فأتاه جبريل، فقال له مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه:{وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]
(3)
. (15/ 744)
85526 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم، قال: قالت اليهود: يا محمد، صِف لنا ربّك. فأنزل الله:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد} . فقالوا: أمّا الأحد فقد عرفناه، فما الصَّمَد؟ قال:«الذي لا جوف له»
(4)
. (15/ 744)
85527 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد- أنّ المشركين قالوا: يا محمد، أخبِرنا عن ربّك، صِف لنا ربّك ما هو؟ ومِن أيِّ شيء هو؟ فأنزل الله:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ}
(5)
. (15/ 740)
85528 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحكم بن أبان- قال: قالت اليهود: عزير ابن الله. وقالت النصارى: المسيح ابن الله. وقالت الصابئون: نحن نعبد الملائكة من دون الله. وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر من دون الله. وقال أهل الأوثان: نحن نعبد الأوثان من دون الله. فأوحى الله عز وجل إلى نبيِّه ليكذب قولهم: {قل هو الله أحد الله الصمد} السورة كلها
(6)
. (ز)
(1)
انتقع لونه: تغير من خوف أو ألم. النهاية (نقع).
(2)
ساورهم: واثبهم وقاتلهم. النهاية (سور).
(3)
أخرجه ابن جرير 24/ 728 - 729. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(4)
عزاه السيوطي إلى الطبراني في السنة.
(5)
أخرجه ابن جرير 24/ 728.
(6)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1782.
85529 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: جاء ناسٌ مِن اليهود إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انسب لنا ربّك. -وفي لفظ: صِف لنا ربّك-. فلم يَدْرِ ما يرُدّ عليهم؛ فنزلت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} حتى خَتم السورة
(1)
. (15/ 745)
85530 -
عن محمد بن السّائِب الكلبي: أنّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربّك وصِفه. فأنزل الله هذه السورة
(2)
. (ز)
85531 -
قال مقاتل بن سليمان: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد} تعني: أحدٌ لا شريك له، وذلك أنّ عامر بن الطفيل بن صعصعة العامري دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أما -واللهِ- لَئِن دخلتُ في دينك لَيَدخُلنّ مَن خلفي، ولَئن امتنعتُ لَيمتنعن مَن خلفي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فما تريد؟» . قال: أتّبعك على أن تجعل لي الوبَر، ولك المَدر. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا شرط في الإسلام» . قال: فاجعل لي الخلافة بعدك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نبي بعدي» . قال: فأريد أن تفضّلني على أصحابك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، ولكنك أخوهم إنْ أحسنتَ إسلامك» . فقال: فتجعلني أخا بلال، وخبّاب بن الأرت، وسلمان الفارسي، وجعال؟! قال:«نعم» . فغضب، وقال: أما -واللهِ- لَأُثيرنّ عليك ألف أشقر، عليها ألفُ أمرد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ويحك، تخوّفني؟!» . قال له جبريل عليه السلام عن ربّه: لَأُثيرنّ على كلّ واحد منهم ألفًا من الملائكة، طول عُنُق أحدهم مسيرة سنة، وغِلظها مسيرة سنة. وكان يكفيهم واحد، ولكن الله عز وجل أراد أن يُعلمه كثرة جنوده، فخرج مِن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متعجّب مِمّا سمع منه، فلقيه الأربد بن قيس السهمي، فقال له: ما شأنك؟ وكان خليله، فقصّ عليه قِصّته، وقال: إنى دخلتُ على ابن أبي كَبشة آنفًا، فسألته الوبَر، وله المَدر، فأبى، ثم سألتُه من بعده، فأبى، ثم سألتُه أن يفضِّلني على أصحابه، فأبى. وقال: أنتَ أخوهم إنْ أحسنتَ إسلامك. فقال له: أفلا قتلتَه؟ قال: لم أُطِق ذلك. قال: فارجع بنا إليه، فإن شئتَ حدّثته حتى أضرب عُنُقه. فانطلقا على وجوههما حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد عامر عن يمينه والأربد عن يساره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ما يريدان. قال: وجاء مَلكٌ مِن الملائكة، فعَصر بطن الأربد بن قيس، وأقبل عامر
(1)
أخرجه ابن جرير 24/ 729. وعزاه السيوطي إلى عبد الرزاق، وابن المنذر.
(2)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 5/ 172 - .
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وضع يده على فمه، وهو يقول: يا محمد، لقد خوّفتني بأمر عظيم، وبأقوام كثيرة، فمَن هؤلاء؟ قال:«جنودي، وهم أكثر مما ذكرتُ لك» . قال: فأخبِرني ما اسم ربّك؟ وما هو؟ ومَن خليله؟ وما حيلته؟ وكم هو؟ وأبو مَن هو؟ ومن أي حيٍّ هو؟ ومَن أخوه؟ وكانت العرب يتخذون الأخلاء في الجاهلية؛ فأنزل الله تعالى: {قُلْ} يا محمد: {هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} لقوله: ما اسمه؟ وكم هو؟ {اللَّهُ الصَّمَد} لقوله: ما طعامه؟ {الصَّمَد} الذي لا يأكل ولا يشرب، {لَمْ يَلِدْ} يقول: ولم يتخذ ولدًا، {ولَمْ يُولَدْ} يقول: ليس له والد يُكنى به، لقوله: وابن مَن هو؟ ثم قال: {ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ} لقوله: مَن خليله؟ يقول: ليس له نظير، ولا شبيه، فمن أين يتخذ الخليل؟! فأشار بيده وبعينه إلى الأربد بن قيس وهو في جهد قد عَصر المَلك بطنه حتى أراد أن يخرج خلاه من فِيه، وقد أهمّته نفسه، فقال الأربد: قم بنا. فقاما، فقال له عامر: ويحك، ما شأنك؟ قال: وجدت عَصرًا شديدًا في بطني ووجعًا؛ فما استطعتُ أنْ أرفع يدي. قال: فأمّا الأربد بن قيس فخرج يومئذ من المدينة، وكان يومًا متغيمًا، فأدركتْه صاعقة في الطريق، فقتلتْه، وأمّا عامر بن الطفيل فوجاه جبرئيل عليه السلام في عُنُقه، فخرج في عُنُقه دبيلة، ويقال: طاعون، فمرض بالمدينة، فلم يأوه أحد إلا امرأة مجذومة من بني سلول، فقال جزعًا من الموت: غُدَّة كغُدَّة البعير، وموت في بيت سلولية! ابرز إليَّ، يا موت، فأنا قاتلك. فأنزل الله عز وجل:{وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ} [الرعد: 13]
(1)
. (ز)
85532 -
قال مقاتل بن سليمان: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} وذلك أنّ مشركي مكة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انعتْ لنا ربّك، وصِفه لنا. وقال عامر بن الطفيل العامري: أخبرنا عن ربّك؛ أمِن ذَهب هو، أو من فِضّة، أو من حديد، أو من صُفر؟ وقالت اليهود: عُزَيز ابن الله، وقد أنزل الله عز وجل نعْته في التوراة؛ فأخبِرنا عنه، يا محمد. فأنزل الله عز وجل في قولهم:{قُلْ} يا محمد: {هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} لا شريك له، {اللَّهُ الصَّمَد} يعني: الذي لا جوف له كجوف المخلوقين. ويقال: الصَّمَد: السيد الذي تَصمُد إليه الخلائق بحوائجهم وبالإقرار والخضوع، {لَمْ يَلِدْ} فيورث، {ولَمْ يُولَدْ} فيشارك، وذلك أنّ مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الرحمن. وقالت
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 923 - 925، وذكره مختصرًا في 2/ 371.