الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إتْلَافُهُ؛ جَازَ ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا تَحَصَّنَ الْخَوَارِجُ، فَاحْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى رَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ؛ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ، مَا كَانَ لَهُمْ عَسْكَرٌ، وَمَا لَمْ يَنْهَزِمُوا، وَإِنْ رَمَاهُمْ الْبُغَاةُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ؛ جَازَ رَمْيُهُمْ بِمِثْلِهِ. اهـ
مسألة [7]: هل للإمام أن يستعين على البغاة بالكفار
؟
• ذهب الحنفية إلى أنَّ له أن يستعين بأهل الذمة، والمستأمنين إذا كان أهل العدل هم الظاهرين على من يستعينون به.
• ومذهب الحنابلة، والشافعية عدم الاستعانة بهم؛ لأنَّ الكفار همهم قتل المسلمين، فربما قتلوا الجريح والهارب؛ ولأنَّ في ذلك تسليطًا للكافر على المؤمن؛ ولأنَّ القصد هو كفهم وردهم إلى الطاعة دون قتلهم، وإن دعت الحاجة إلى الاستعانة بهم؛ فإن كان يقدر على كفهم؛ استعان بهم، وإن لم يقدر؛ لم يجز.
قال أبو عبد الله غفر الله له: لا يستعان بهم إلا عند الضرورة، أو الحاجة الشديدة، وهي فتوى الإمام ابن باز، والعثيمين، والألباني والوادعي رحمة الله عليهم، والله أعلم.
(1)
مسألة [8]: إذا أظهر قومٌ رأي الخوارج، ولم يخرجوا عن قبضة الإمام
؟
قال أبو محمد بن قدامة رحمه الله في «المغني» (12/ 247): وَإِذَا أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ، مِثْلُ تَكْفِيرِ مَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً، وَتَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَاسْتِحْلَالِ دِمَاءِ
(1)
«المغني» (12/ 247).
الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَسْفِكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ، فَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِذَلِكَ قَتْلُهُمْ وَلَا قِتَالُهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْفِقْهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ فَعَلَى هَذَا حُكْمُهُمْ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ.
قال: وَإِنْ سَبُّوا الْإِمَامَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ؛ عُزِّرُوا؛ لِأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوا مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ. وَإِنْ عَرَّضُوا بِالسَّبِّ، فَهَلْ يُعَزَّرُونَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِبَاضِيَّةِ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ: يُسْتَتَابُونَ؛ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ. قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ: رَأَى مَالِكٌ قَتْلَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْقَدَرِ مِنْ أَجْلِ الْفَسَادِ الدَّاخِلِ فِي الدِّينِ، كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ. اهـ
قال: وَأَمَّا مَنْ رَأَى تَكْفِيرَهُمْ، فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنَّهُمْ يُسْتَتَابُونَ؛ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُتِلُوا؛ لِكُفْرِهِمْ، كَمَا يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ، وَاحْتُجَّ لَهم بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِم وَالْحَثِ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِفِعْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ الله أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ الله تَعَالَى، وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ. اهـ بتصرف يسير.
وهذا الأثر الذي ذكره ضعيفٌ كما في «الإرواء» (2467)، لكن ثبت عن علي رضي الله عنه بسند حسن كما في «مسند أحمد» (1/ 86 - )، و «مستدرك الحاكم» (2/ 152 - )، أنه قال: بيننا وبينكم أن نقيكم رماحنا؛ مالم تقطعوا سبيلًا، وتطلبون دمًا؛ فإنكم إن فعلتم ذلك؛ فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب