الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قِتَالِ الجَانِي وَقَتْلِ المُرْتَدِّ
1197 -
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ» . رَوَاهُ أَبُودَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: هل يجوز لمن أُريد أخذ ماله أن يدفع عن ماله بالقتل
؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (2480): قَالَ النَّوَوِيّ: فِيهِ جَوَاز قَتْلِ مَنْ قَصَدَ أَخْذَ الْمَال بِغَيْرِ حَقٍّ، سَوَاء كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَشَذَّ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَقَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّةِ: لَا يَجُوزُ إِذَا طَلَبَ الشَّيْء الْخَفِيف. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: سَبَبُ الْخِلَافِ عِنْدَنَا: هَلْ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَال بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؟ أَوْ مِنْ بَابِ دَفْعِ الضَّرَرِ فَيَخْتَلِفُ الْحَالُ؟ وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ: مَنْ أُرِيدَ مَاله، أَوْ نَفْسه، أَوْ حَرِيمه؛ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ أَنْ يُكَلِّمَهُ أَوْ يَسْتَغِيثَ؛ فَإِنْ مُنِعَ أَوْ اِمْتَنَعَ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِتَاله، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَوْ أَتَى عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْل، وَلَا دِيَة، وَلَا كَفَّارَة، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ عَمْد قَتْله. قَالَ اِبْن الْمُنْذِر: وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ عَمَّا ذَكَرَ إِذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيل؛ إِلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيث كالْمُجْمِعِينَ عَلَى اِسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْك
(1)
صحيح. أخرجه أبوداود (4771)، والنسائي (7/ 115)، والترمذي (1419)، وفات الحافظ أن الحديث في البخاري (2480)، ومسلم (141). واللفظ لغير أبي داود.
الْقِيَام عَلَيْهِ. وَفَرَّقَ الْأَوْزَاعِيّ بَيْنَ الْحَالِ الَّتِي لِلنَّاسِ فِيهَا جَمَاعَة وَإِمَام، فَحَمَلَ الْحَدِيث عَلَيْهَا، وَأَمَّا فِي حَال الِاخْتِلَاف وَالْفُرْقَة؛ فَلْيَسْتَسْلِمْ وَلَا يُقَاتِلْ أَحَدًا.
وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد مُسْلِم بِلَفْظ: أَرَأَيْت إِنْ جَاءَ رَجُل يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلَا تُعْطِهِ» قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «فَاقْتُلْهُ» ، قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيد» ، قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «فَهُوَ فِي النَّارِ» .
(1)
اهـ.
قلتُ: الصحيح قول الجمهور، وسواء كان المعتدي يريد المال، أو النفس، أو الأهل، وقد تقدم في كلام الشافعي، وابن المنذر الجزم بانَّ الحكم واحد.
وقد دلَّ على ذلك حديث سعيد بن زيد في «السنن» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «من قُتِل دون ماله؛ فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه؛ فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله أو دمه؛ فهو شهيد»
(2)
، وهو حديث صحيح.
تنبيه: لا يجب على الرجل المدافعة عن نفسه، أو ماله بقتل الآخر، ولكنه جائز، واستدل العلماء على ذلك بحديث:«اجلس في بيتك؛ فإن خشيت أن يروعك شعاع السيف، فغطِّ وجهك، يبوء بإثمه، وإثمك»
(3)
، وبحديث:«تكون فتن؛ فكن عبدالله المقتول، ولا تكن عبدالله القاتل»
(4)
، وأما المرأة؛ فلا يجوز لها
(1)
أخرجه مسلم برقم (140).
(2)
أخرجه أحمد (1/ 190)، وأبو داود (4772)، والترمذي (1421)، والنسائي (7/ 116)، وإسناده صحيح.
(3)
أخرجه أحمد (5/ 149)(5/ 163)، وابن أبي شيبة (15/ 13) بإسناد صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه.
(4)
سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (1255).