الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1214 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ بَيْنَ أَبْيَاتِنَا رُوَيْجِلٌ ضَعِيفٌ، فَخَبَثَ بِأَمَةٍ مِنْ إمَائِهِمْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«اضْرِبُوهُ حَدَّهُ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «خُذُوا عِثْكَالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ
(1)
ثُمَّ اضْرِبُوهُ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً» فَفَعَلُوا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: هيئة جلد الزاني الصحيح وصفته
.
• قال العِمراني رحمه الله في «البيان» (12/ 382): إن كان صحيحًا قويًّا، والزمان
(1)
العثكال: العذق، وكل غصن من أغصانه شِمْراخ، وهو الذي عليه البسر. «النهاية» .
(2)
صحيح. أخرجه أحمد (5/ 222)، والنسائي في «الكبرى» (7309)، وابن ماجه (2574)، من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عبدالله بن الأشج عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعيد بن سعد بن عبادة به. ومحمد بن إسحاق قد خالفه محمد بن عجلان فرواه عن يعقوب مرسلًا بدون ذكر سعيد. أخرجه كذلك النسائي في «الكبرى» (7310)، وتابع يعقوب على رواية الإرسال الزهريُّ في المحفوظ عنه، كما في «سنن أبي داود» (4472) وأبوالزناد -في المحفوظ عنه- كما في «مصنف عبدالرزاق» (16134)، والشافعي كما في «المسند» (2/ 79 - 80)، ويحيى بن سعيد الأنصاري كما في المصدرين السابقين، وأبوحازم كما في «الكبرى» للنسائي (7301)،.
فالصحيح أنه من مراسيل أبي أمامة بن سهل بن حنيف، وجوَّد النسائي المرسل، ورجحه البيهقي والدارقطني على بعض الطرق الموصولة. انظر:«السنن الكبرى» للنسائي (4/ 314)، و «الكبرى» للبيهقي (8/ 230)، «العلل» للدارقطني (2713).
قلتُ: ومراسيل أبي أمامة بن سهل صحيحة؛ لأنه صحابي صغير له رؤية، ولأنه يأخذ عن الصحابة؛ فهو مرسل صحابي، وهو أقوى من مرسل سعيد بن المسيب الذي قَبِلَهُ جمعٌ من المحدثين.
معتدل الحر والبرد؛ فإنه يجلد، ولا يجرد، ولا يقيد، وقال أبو حنيفة: يجرد عن الثياب.
قال: دليلنا ما رُوي عن ابن مسعود أنه قال: ليس في هذه الأمة مدٌّ، ولا تجريد، ولا غل، ولا صفد. ولا مخالف له في الصحابة. اهـ
قلتُ: أثر ابن مسعود أخرجه عبدالرزاق (13522)، والبيهقي في «الكبرى» (8/ 326)، وفي إسناده: جويبر، وهو متروك.
• والقول بعدم التجريد هو مذهب الحنابلة أيضًا، ومذهب مالك التجريد؛ لأنَّ الأمر بجلده يقتضي مباشرة جسمه.
وأُجيب بأنَّ التجريد لم يأمر الله به، ولا رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولا نُقل عن أحد من الصحابة ذلك، ومن جُلِدَ من فوق الثوب فقد جُلِد.
(1)
وأما التقييد، والتمديد؛ فلا يُفعَل به ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (12/ 508): ولا نعلم عنهم في هذا خلافًا. اهـ
• وَيُفَرَّقُ الضرب على جميع الجسد؛ ليأخذ كل عضو منه حصته، ويُكثر منه في مواضع اللحم كالأليتين، والفخذين، ويُتَّقَى المقاتل كالرأس، والوجه، والذكر، والخصيتين، والفرج من المرأة. هذا مذهب الحنابلة، والشافعية.
(1)
«المغني» (12/ 508).
• وقال مالك: يُضرب الظهر وما يقاربه.
• وقال أبو يوسف، وبعض الشافعية: يُضرب الرأس أيضًا.
والصحيح ما تقدم؛ لقول علي رضي الله عنه: اضرب، واعط كل عضو حقَّه، واتق وجهه، ومذاكيره. أخرجه عبدالرزاق، وابن أبي شيبة، والبيهقي، وفي إسناده: محمد بن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ. وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند المذكورين أنه قال: اضرب، ولا يُرى إبطك، واعط كل عضو حقَّه.
وأما استثناء الرأس؛ فلأنه لا يؤمن أن يسري ذلك على حواسه، أو نفسه.
• ويضرب الرجل قائمًا في مذهب أحمد، والشافعي، وأبي حنيفة؛ لأنَّ في قيامه وسيلة لإعطاء كل عضو حظَّه من الضرب.
• وقال مالك: يُضرب جالسًا. وحُكي عن أحمد؛ لأنَّ الله تعالى لم يأمر بالقيام.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الأمر في هذا واسع، ويضربه على الحال التي هي أيسر عليه، وإن احتاج إلى ضرب المواضع التي لا تظهر إلا بالقيام؛ أقامه، والأقرب ضربه قائمًا، والله أعلم.
• وأمَّا المرأة؛ فإنها تجلد جالسة عند الجمهور.
• وخالف ابن أبي ليلى، وأبو يوسف، فقالا: تجلد قائمةً كالرجل.
والصحيح قول الجمهور؛ لأنَّ ذلك أستر لها، وتشد على المرأة ثيابها؛ لئلا
ينكشف بدنها.
ويُضرب بسوط بين سوطين، لا جديد؛ فيجرح، ولا يابس؛ فلا يؤلم، ويضرب ضربًا بين ضربين؛ فلا يرفع الجلاد يده حتى يُرى بياض أبطيه، ولا يضعها وضعًا يسيرًا، ولكن يرفع ذراعه ويضرب؛ لما ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند عبدالرزاق، وابن أبي شيبة، والبيهقي أنه أُتِي برجل يقيم عليه الحد، فأُتي بسوط فيه شدة، فقال: أريد ألين من هذا. ثم أُتي بسوط فيه لين، فقال: أريد أشد من هذا. فأُتي بسوط بين السوطين، فقال: اضرب، ولا يُرى إبطك، واعط كل عضوٍ حقَّه. ولا يُعلم له مخالف في ذلك.
(1)
فائدة: قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (12/ 511): أَشَدُّ الضَّرْبِ فِي الْحَدِّ ضَرْبُ الزَّانِي، ثُمَّ حَدُّ الْقَذْفِ، ثُمَّ حَدُّ الشُّرْبِ، ثُمَّ التَّعْزِيرُ. وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّهَا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِجَلْدِ الزَّانِي وَالْقَاذِفِ أَمْرًا وَاحِدًا، وَمَقْصُودُ جَمِيعِهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الزَّجْرُ؛ فَيَجِبُ تَسَاوِيهَا فِي الصِّفَةِ.
قال: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: التَّعْزِيرُ أَشَدُّهَا، ثُمَّ حَدُّ الزَّانِي، ثُمَّ حَدُّ الشُّرْبِ، ثُمَّ حَدُّ الْقَذْفِ.
قال: وَلَنَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَصَّ الزَّانِيَ بِمَزِيدِ تَأْكِيدٍ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور:2]، فَاقْتَضَى ذَلِكَ مَزِيدَ تَأْكِيدٍ فِيهِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْعَدَدِ،
(1)
انظر: «المغني» (12/ 507 - 510)«البيان» (12/ 382 - 384)«ابن أبي شية» (10/ 48 - )«البيهقي» (8/ 326 - 327)«عبدالرزاق» (7/ 367 - 376).