الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعضهم: إن قول ابن أبي أوفى "لم يوص" إنما أراد الوصية التي زعم بعض الشيعة: أنه أوصى فيها بالأمر إلى علي، وقد تبرأ على من ذلك، وهو الذي أنكرته عائشة بقولها:"متى كان وصيًا؟ ".
2/ 2 -
باب ما لا يجوز للموصى في ماله [
3: 71]
2864/ 2744 - عن عامر بن سعد -وهو ابن أبي وقاص- عن أبيه، قال:"مَرِضَ مَرَضًا أشْفَى فيه، فعاده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، إنَّ لي مالًا كثيرًا، وليس يرثُني إلَّا ابنتي، أَفأَتَصَدَّقُ بالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالشَّطْر؟ قال: لا، قال: فبالثُلُثُ قال: الثُلُثُ، والثُلُثُ كبِير، إنَّكَ أَنْ تذرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتكفَّفُونَ النَّاسَ، وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إلا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَة تَرْفَعُهَا إلَى فِي امْرَأَتِكَ، قلت: يا رسول اللَّه، أتخلَّف عن هِجرتي؟ قال: إنك إن تُخَلَّفْ بَعْدِي، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُريدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ لا تَزْدَادُ به إلا رِفْعَةً وَدَرَجَةً، لعلَّك أنْ تُخَلَّفْ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِك آخَرُون، ثم قال: اللهُمَّ امضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، ولَا ترُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِم، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، أَنْ مَاتَ بمكَّة".
[حكم الألباني:
صحيح: ق]
• وأخرجه البخاري (1295) ومسلم (1628) والنسائي (3626 - 3632)، (3635) وابن ماجة (975). وابن ماجة والنسائي دون قوله:"لن تنفق نفقة إلا. . . ".
فيه: عيادة الأئمة المرضى، وفي كتاب الحربي: الوجع اسم لكل مرض، وقال غيره: العرب تسمي تأكل مرض وجعًا.
وقوله: "أشفيت" أي قاربت وأشرفت، قال الهروي: يقال: أشفى على الشيء، وأشاف عليه: إذا قاربه، وحكى أن القتيبي قال: ولا يكاد يقال: أشفى إلا في الشر.
وفيه: جواز ذكر المريض شكواه إذا كان ذلك لمعاناة المرض، أو لدعوة رجل صالح، أو وصية ونحوها، وإنما يكره منه ما كان على السخط، فإنه فادح في أجر المرض.
وقوله: "ذو مال" قال بعضهم: فيه إباحة جمع المال، إذ هذه الصيغة لا تقع عرفًا إلا للمال الكثير، وإن صح إطلاقه لغة على القليل.
"ولا يرثني إلا ابنة لي" أي: لا يرثني من الولد، وإلا فقد كان له عَصَبة كثيرة، لأنه من قريش من بني زهرة.
وقيل: يحتمل أنه أراد لا يرثني ممن له نصيب معلوم.
وقيل: يحتمل لا يرثني من النساء، ويحتمل أنه استكثر لها نصف تركته، أو ظن أنها تنفرد بجميع المال، أو على عادة العرب من أنها لا تعد المال للنساء، إنما كانت تعده للرجال.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "الثلث، والثلث كبير" فالثلث الأول: روي بالنصب والضم، فمن نصب فعلى الإغراء، وهو مفعول بإضمار فعل، والرفع على الفاعل بإضمار فعل "يكفي" ونحوه، أو خبر مبتدأ، أو مبتدأ وخبر، مضمر.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنك أن تذر ورثتك" روي بالوجهين: الكسر على الشرط، والفتح على تأويل المصدر، تقريره: إنك وتركَهم أغنياء خير.
وأكثر الروايات فيه الفتح، ومنع ابن الخشاب وغيره الكسر.
و"عالة" قال الهروي: عالة، أي فقراء، وقال الجوهري: والعيلة، والعالة: الفاقة.
و"يتكففون" أي: يمدون أيديهم إليهم يسألونهم، فيقال: استكف، وتكفف إذا أخذ ببطن كفه، أو سأل كَفًّا من الطعام، أو ما يكف الجوع.
وقوله: "أتخلف عن هجرتي؟ " قيل: معناه: خوف الموت بمكة، وهي دار تركوها للَّه وهاجروا إلى المدينة، فلم يحبوا أن تكون مناياهم فيها.
وقيل: كان حكم الهجرة باقيًا بعد الفتح، ويحتمل أنه سأل عن تخلفه في العمر وطوله، بعد أصحابه.
وفي رواية: "أُخَلَّف بعد أصحابي" وفيه إشارة لما تقدم.
قوله: "ولعلك أن تخلف""أن" ههنا بالفتح لا غير.
وقيل: يحتمل أن يكون تخلفه هنا كناية عن طول عمره، وهو أظهر، لقوله صلى الله عليه وسلم:"بعدي".
ويحتمل التخلف بمكة للضرورة، وأن ذلك لا يقدح في هجرته وعمله.
وقد اختلف الناس في هذا.
فقيل: لا يحبط أجر المهاجر بقاؤه بمكة وموته بها، إذا كان لضرورة، وإنما يحبطهما إذا كانا بالاختيار.
وقال قوم: إن موت المهاجر بها كيف كان محبطٌ للهجرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن تخلَّف بعدي فتعمل عملًا صالحًا" رواه بعضهم بالفتح وبعضهم بالكسر، ورواه بعضهم "لن" باللام.
قال اليحصبي وغيره: وكلاهما صحيح المعنى على ما تقدم.
يريد قوله: "إنك إن تذر".
وقوله: "حتى ينتفع بك أقوام" هذا عَلَم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وذلك أن سعدًا أُمِّر على العراق، فأُتي بقوم ارتدوا عن الإسلام، فاستتابهم، فأبى بعضهم، فقتلهم، وتاب بعضهم، فانتفعوا به، وعاش سعد بعد حجة الوداع نيفًا وأربعين سنة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم" استدل به بعضهم على أن البقاء بمكة للمهاجر كيف كان قادح في هجرته.
وقال غيره: لا دليل فيه، بل يحتمل أنه دعا لهم دعاء مجردًا عامًا.
ومعنى "أمض" أي اتممها لهم ولا تبطلها، ولا تردهم على أعقابهم، بشرط هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم.