الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: {حُمِّلُوا} أي كلفوا بما فيها، فلم يفوا بما كلفوا به مثل عدم اتباعهم النبي الذي يأتي لتخليصهم من ربقة الضلال كما حرفوا التوراة حسب أهوائهم وأدخلوا فيها ضلالاتهم.
فقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} أي فيه دلالة واضحة أنهم لم يقوموا بما يجب نحو كتابهم التوراة.
أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود: إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم على الحق والهدى، وأنكم أولياء الله دون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فتمنوا الموت ولكنهم لعلمهم أنهم على الباطل لا يتمنون الموت أبدا، ولو أنهم قبلوا هذا التحدي وتمنوا الموت لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النار، كما جاء في الحديث.
• عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه، قال: فقال: "لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا".
صحيح: رواه أحمد (2226)، وأبو يعلى (2604) - واللفظ له -، والبزار - كشف الأستار (2189) مختصرا، كلهم من طرق عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه البخاري في التفسير (4958) من وجه آخر عن عبد الكريم به، واقتصر على ما يتعلق بقصة أبي جهل فقط، ورواه كذلك من طريق عبيد الله عن عبد الكريم ولكن لم يسق لفظه.
هذه الوقائع وقعت في أوقات مختلفة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فمنها ما وقع في مكة، ومنها ما وقع في المدينة عند مقدمه صلى الله عليه وسلم إليها، ومنها ما وقع في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، فجمع ابن عباس كلها في سياق واحد مع أنه لم يدرك بعضها.
لقد أوجب الله تعالى صلاة الجمعة على المسلمين شكرا له إذْ هدانا إليها، وجعل لنا هذا اليوم عيدا كما لكل قوم عيد، وشرع فيه الخطبة تذكيرا لهذا الأمر العظيم، وجعل الخطبتين مقام الركعتين من أربع ركعات الظهر، ولذا أمر الإمام أن يخطب قائما كما يصلي قائما، ونهاه أن يطيل الخطبة كما نهاه أن يطيل الصلاة، وشرع له أن يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة كما يجلس بين الركعتين.
إلا أن من فاتتْه الخطبة وكذا من فاتته ركعة من ركعتي صلاة الجمعة فعليه أن يتم الركعة الثانية
فقط على رأي الجمهور.
ورويَ عن عطاء ومجاهد وطاوس: أن من فاتتْه الخطبة يوم الجمعة صلى أربعا صلاة الظهر، وعن عطاء: أن من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أضاف إليها ثلاث ركعات إلا أنه قول مرجوح.
وقد جاءت أحاديث كثيرة لبيان فضل يوم الجمعة ولبيان أحكام صلاة الجمعة وآدابها، منها:
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنَّهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأُوتيناه من بعدهم، وهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فهم لنا فيه تبعٌ؛ فاليهود غدًا، والنصارى بعد غدٍ".
متفق عليه: رواه البخاري في الأَيمان والنذور (6624)، ومسلم في الجمعة (855: 21)، كلاهما من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن همَّام بن منبِّه، قال: هذا ما حدَّثنا أبو هريرة، فذكره. واللفظ لمسلمٍ، أمَّا البخاري فاقتصر على قوله صلى الله عليه وسلم:"نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".
• عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة".
صحيح: رواه مسلم في الجمعة (854: 18) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة، يعني الحزاميّ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل".
متفق عليه رواه مالك في الجمعة (5)، عن نافع، عن ابن عمر. فذكره.
ورواه البخاري في الجمعة (877)، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك به. وأخرجه مسلم في الجمعة (844)، من غير طريق مالك، وفيه:"إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل".
• عن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدري ما يوم الجمعة؟ ". قلت: الله ورسوله أعلم. ثمَّ قال: "أتدري ما يوم الجمعة؟ ". قلت: نعم - قال: لا أدري زعم سأله الرابعة أم لا -، قال: قلت: هو اليوم الذي جُمِع فيه أبوه، أو أبوكم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا أحدِّثك عن يوم الجمعة؟ ! لا يتطهَّر رجل مسلمٌ ثمَّ يمشي إلى المسجد، ثمَّ يُنصت حتَّى يقضي الإمام صلاته إلَّا كان كفَّارةً لما بينها وبين الجمعة التي بعدها ما اجتنبت المَقْتَلة".
حسن: رواه أحمد (23729) والطبراني في الكبير (6089)، كلاهما من طريق إبراهيم، عن علقمة، عن قَرْثَع الضبي، عن سلمان الفارسي، قال: فذكره.
وإسناده حسن؛ من أجل قَرْثَع الضبي؛ فإنَّه "صدوق" كما في "التقريب".