الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} أي: خَفَّفْنا عنك أعباء النبوة، وسهَّلْنا عليك القيام بأمورها، وخَفَّفْنا من هَمِّك الشديد وحزنك البالغ من أجل إعراض المشركين عن الإسلام، وعدم اتباعهم لك، ورفضهم لما جئت به من الحق والهدى، وإصرارهم على دين آبائهم دين الشرك والوثنية.
وقيل: غير ذلك، وهذا أصح وأولى وأنسب لمقام النبوة.
• * *
95 - تفسير سورة التين وهي مكية، وعدد آياتها 8
• عن البراء، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (4952) ومسلم في الصلاة (464) كلاهما من طريق شعبة، قال: أخبرني عدي بن ثابت، قال: سمعت البراء: فذكره.
واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه، وزاد البخاري (769) ومسلم في رواية من وجه آخر عن عدي به:"فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه".
قوله: {وَالتِّينِ} ثمرة معروفة بهذا الاسم، لها فوائد كثيرة، ولذا يقسم الله بها ليمتن على عباده بأنه خلقها لهم ليتمتعوا بها.
وقوله {وَالزَّيْتُونِ} الزيتون ثمرة معروفة بهذا الاسم، يستخرج منه الزيت، وزيته أفضل أنواع الزيوت.
على ظاهر هذين الاسمين لا يختلف فيه أحد من المفسرين المتقدمين والمتأخرين، ولكن لما ذكر مع هذين:{وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} توجه بعض المفسرين إلى تفسير آخر يكون ملائما لذكر طور سينين والبلد الأمين، وهو أن المراد بالتين والزيتون الأرض المباركة التي يكثر فيها زرع هذين الشجرتين، وهي بلاد الشام، بل منهم من قال: إنهما اسمان لمساجد في بلاد الشام، قال
محمد بن كعب: التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيلياء.
وقوله: {وَطُورِ سِينِينَ} هو الجبل المعروف بطور سيناء.
الطور: بمعنى الجبل عند الكنعانيين، وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
وقوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} وهو مكة بدون خلاف؛ لأن الله جعله بلدا آمنا، كقوله تعالى:{الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4].
وقال بعض أهل العلم: هذه الآيات فيها إشارة إلى ثلاثة من أولي العزم من الرسل، ومكان بعثتهم ونزول الوحي إليهم.
فقوله: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فيه إشارة إلى بيت المقدس وما جاورها حيث بعث عيسى عليه السلام، فإن تلك الأرض معروفة بكثرة التين والزيتون.
وقوله: {وَطُورِ سِينِينَ} هو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
وقوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} أي مكة فإنه البلد الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي نُبِّيَ فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأولى الأقوال عندي حمله على ظاهر المعنى.
هذه كلها أقسام، والمقسم عليه قوله:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} أي: أعدل قامة، وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل حيوان منكبا على وجهه، وخلق الإنسان مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، مع العقل والتمييز.
وقوله: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قد يحمل على إدراك الإنسان غاية خلقه، وهو كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] لأن قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: 5] مشعر إلى أنه إذا أخطأ الطريق فسيكون من أسفل السافلين أي: النار.
وقوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} يستثنى من هؤلاء الإنسان الذي لم يخطئ الطريق، وأدرك مقاصد حياته من خلقه، فتبع الرسل، وعمل وفق شرائعهم، فلهم عند الله أجر عظيم لا ينقطع أبدا.
وقوله: {بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} أي: أنه أقوى الحاكمين، وفي كل قضائه حكمة ومصلحة.
وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين".
رواه أحمد (7391) والترمذي (3347) وأبو داود (887) كلهم من حديث إسماعيل بن أمية، سمعه من شيخ، فقال مرة: سمعته من رجل من أهل البادية أعرابي، سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل رجل لم يُسَمَّ.
قال الترمذي: "هذا حديث إنما يروى بهذا الإسناد عن هذا الأعرابي، عن أبي هريرة، ولا يُسَمَّى".