الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الآية فيها دعوة لجميع أصحاب الذنوب والمعاصي من الشرك والقتل والزنا والظلم والربا وغيرها من الذنوب أن يبادروا بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل، وأن لا يقنطوا من رحمته تعالى، فهو سبحانه يقيل العثرة، ويقبل التوبة، ويغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها.
• عن ابن عباس: أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة. فنزل:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] ونزلت: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (4810)، ومسلم في الإيمان (122) كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني يعلى بن مسلم، أنه سمع سعيد بن جبير يحدث، عن ابن عباس، فذكره. واللّفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.
• عن عمر بن الخطّاب، قال: اتّعدت - لما أردنا الهجرة إلى المدينة - أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل السهمي التناضب من أضاه بني غفار فوق سرف، قلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنا هشام، فلمّا قدّمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عَيَّاش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتَّى قدما المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فكلما وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتَّى تراك، ولا تستظل من شمس حتَّى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عَيَّاش! إنه والله! إن يريدك القوم إِلَّا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله! لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، قال: فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فآخذه. قال: فقلت: والله! إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا، "فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليّ إِلَّا أن يخرج معهما، فلمّا أبى إِلَّا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب، فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتَّى إذا كانوا ببعض
الطريق، قال له أبو جهل: يا بن أخي! والله! لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلمّا استووا بالأرض عدوا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثمّ دخلا به مكة، وفتناه فافتتن.
قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة، قوم عرفوا الله، ثمّ رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} قال عمر بن الخطّاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلمّا أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتَّى قلت: اللهم! فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنّما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة.
حسن: رواه البزّار (155)، والحاكم (2/ 435)، والضياء في المختارة (1/ 317 - 319) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطّاب، قال: فذكره.
وهو في السيرة النبوية لابن هشام (1/ 474 - 476).
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، فإنه حسن الحديث إذا صرّح بالتحديث.
• عن أبي سعيد الخدري، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدلّ على راهب، فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله، فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطلق حتَّى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قطّ، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين