الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
98 - تفسير سورة البيّنة وهي مدنية، وعدد آياتها 8
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} " قال: وسمَّاني لك؟ قال: "نعم"، قال: فبكى.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (4959) ومسلم في صلاة المسافرين (799: 246) كلاهما عن محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة، يحدث عن أنس، قال: فذكره، واللفظ لمسلم.
• عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرئك القرآن" قال: الله سماني لك؟ قال: "نعم قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال: "نعم" فذرفت عيناه.
صحيح: رواه البخاري في التفسير (4961) عن أحمد بن أبي داود أبي جعفر المنادي، حدثنا روح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.
• عن أبي بن كعب قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن" قال: فقرأ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} قال: فقرأ فيها: "ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه، لسأل ثانيا، ولو سأل ثانيا فأعطيه لسأل ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن ذلك الدين عند الله الحنيفية غير المشركة، ولا اليهودية، ولا النصرانية، ومن يفعل خيرا فلن يُكْفَرْه".
حسن: رواه الترمذي (3793) وأحمد (21202) واللفظ له، وصحَّحه الحاكم (2/ 224) كلهم من حديث شعبة بن الحجاج، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، فذكره.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
وإسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة فإنه حسن الحديث.
وفي معناه أحاديث أخرى مخرجة في كتاب الزهد، فليراجع شرحها هناك.
قوله: {مُنْفَكِّينَ} يعني: منتهين عن كفرهم وشركهم وضلالهم.
وقوله: {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} أي: البينة الواضحة والبرهان الساطع وهو القرآن.
وقوله: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} أي: محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إليهم ليقرأ عليهم صحفا مطهرة، وهو القرآن، وكنى عنه بالصحف المطهرة لأنه مكتوب في الملأ الأعلى ومحفوظ عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون.
وقوله: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} أي: إن فيها كتبا وهي السور والآيات.
والقيمة: المراد بها أخبار صادقة وأوامر عادلة مستقيمة.
فإذا جاءت هذه البينة فحينئذ يتبين من هو طالب الحق فيتبعه، ومن ليس بطالب الحق، فيهلك مثل ما وقع في الماضي لأهل العلم لقوله تعالى:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} فيا من أرسل إليهم هذا الرسول الكريم، وأنزل عليه هذا القرآن العظيم لا تكونوا مثل هؤلاء، كما قال تعالى في سورة آل عمران [105]:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} مع أنهم لم يؤمروا إلا أن يعبدوا الله وحده، ولا يشركوا بالله أحدا، وهو قوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} .
وقوله: {حُنَفَاءَ} أي: معرضين عن سائر الأديان المخالفة لدين الإسلام.
وقوله: {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} لأن من أفضل مظاهر الإخلاص لله المواظبة على الصلوات، لأنها من أشرف العبادات. والزكاة هي المواساة للفقراء والمساكين. والملة التي تتكون من هذه العناصر تكون ملة عادلة، وملة قائمة على الحق والإحسان.
وأما جزاء من جاءتهم البينة ولم يقبلوها فمصيرهم، كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} ذلك لأنهم عرفوا الحق ولم يقبلوه، فلهم نار جهنم ماكثين فيها لا يحولون عنها، وهم وصفوا {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} أي: شر الخليقة.
وأما الذين قبلوا الحق، فهم الأبرار، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} أي: إن الله رضي عنهم فأعد لهم الجنة ونعيمها، وهم رضوا بهذه النعم والفضل العظيم الذي منحهم الله تعالى.