الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (3265) ومسلم في الجنة وصفة نعيمها (2843) كلاهما من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره. ولفظهما سواء.
• * *
102 - تفسير سورة التكاثر وهي مكية عند جمهور أهل العلم، إلا أن البخاري يرى أنها مدنية، كما قال القرطبي في تفسيره، وعدد آياتها 8
قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} عن طاعة ربكم وامتثال أوامره.
وقوله: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر} أي: صرتم من الميتين، ودُفنتم في المقابر، والمقابر جمع مقبرة، والأرض التي فيها قبور كثيرة تسمى مقبرة.
وقوله: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} ليس الأمر كما ظننتم بأن الأمر بالتكاثر والتفاخر بل ستعلمون قريبا بطلان ما كنتم ظننتم.
وقوله: {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} التكرار للتأكيد.
وقوله: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} جواب لو محذوف، أي: لو تعلمون علما يقينا لشغلكم ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر.
وإضافة {عِلْمَ} إلى {الْيَقِينِ} إضافة بيانية، فإن اليقين علم، أي لو علمتم علما مطابقا للواقع لما صارت هذه حالكم.
المخاطبون في هذه الآيات كفار مكة الذين كفروا بالله، ولم يؤمنوا بهذا النبي الكريم الذي جاء ليخرجهم من الظلمات إلى النور.
وفيه تحذير شديد للمؤمنين الذين يشغلهم التكاثر في الأموال والأولاد، وأنهم سوف يسألون يوم القيامة عن الأنعم إلا من رحمه الله، وأدى حق أنعمه.
• عن أبي بن كعب قال: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} .
صحيح: رواه البخاري في الرقاق (6440) فقال: وقال لنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي بن كعب، فذكره.
وقوله: "وقال لنا" حكمه حكم المتصل، لأن أبا الوليد من شيوخه.
وقول أبي: "هذا من القرآن" يشير إلى حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".
رواه البخاري في الرقاق (6439) ومسلم في الزكاة (1048) كلاهما من حديث ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك، فذكره.
وأبي بن كعب الخزرجي الأنصاري من قراء الصحابة، فقوله: "حتى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} الظاهر أنها نزلت بالمدينة.
وقول القرطبي: "يرى البخاري أنها مدنية" يحمل على إخراجه حديث أبي بن كعب الخزرجي الأنصاري.
• عن عبد الله بن الشخير قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: "يقول ابن آدم: مالي مالي" قال: "وهل لك يا ابن آدم! من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدّقتَ فأمضيتَ"
صحيح: رواه مسلم في الزهد (2958) عن هداب بن خالد، حدثنا هشام، حدثنا قتادة، عن مطرف، عن أبيه عبد الله بن الشخير، فذكره.
• عن الزبير قال: لما نزلت: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31] قال الزبير: أي رسول الله! مع خصومتنا في الدنيا؟ قال: "نعم"، ولما نزلت:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال الزبير: أي رسول الله! أي نعيم نسأل عنه، وإنما يعني: هما الأسودان: التمر والماء؟ قال: "أما إن ذلك سيكون".
حسن: رواه أحمد (1405) والترمذي (3356)، وابن ماجه (4158) كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير بن العوام، عن أبيه فذكره.
واللفظ لأحمد ولفظ الآخرين نحوه.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة فإنه حسن الحديث.
وحسّنه أيضا الترمذي فقال: "هذا حديث حسن".
ورواه الترمذي (3357) عن عبد بن حميد، قال: حدثنا أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن
عياش، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: لما نزلت هذه الآية: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال الناس: يا رسول الله! عن أي نعيم نُسأل، فإنما هما الأسودان، والعدو حاضر، وسيوفنا على عواتقنا؟ قال:"إن ذلك سيكون".
قال الترمذي: "وحديث ابن عيينة عن محمد بن عمرو عندي أصح من هذا، سفيان بن عيينة أحفظ وأصح حديثا من أبي بكر بن عياش".
وهو كما قال، فإن أبا بكر بن عياش لما كبر ساء حفظه، فكان يخطئ في حديثه.
وقوله: "أما إن ذلك سيكون" فيه إخبار عن كثرة المال في المستقبل، وقد حصل.
• عن محمود بن لبيد، قال: لما نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فقرأها حتى بلغ {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسول الله! عن أي نعيم نُسْأل؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدو حاضر، فعن أي نعيم نُسْأل؟ قال:"إن ذلك سيكون".
حسن: رواه أحمد (23640) عن يزيد بن هارون، وابن أبي شيبة (35486) عن محمد بن بشر، وهناد بن السري في الزهد (768) عن عبدة بن سليمان، والبيهقي في الشعب (4278) من طريق أبي أسامة حماد بن سلمة، أربعتهم (يزيد، محمد بن بشر، عبدة وأبو أسامة) عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن صفوان بن سليم، عن محمود بن لبيد، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة فإنه حسن الحديث.
وكلا الحديثين عن محمد بن عمرو بن علقمة محفوظان، أعني حديث الزبير بن العوام وحديث محمود بن لبيد.
• عن جابر بن عبد الله قال: قتل أبي يوم أحد، وترك حديقتين، وليهودي عليه تمر، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل لك أن تأخذ العام بعضا، وتؤخر بعضا إلى قابل؟ " فأبى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا حضر الجداد فآذني" قال: فآذنته، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، فجعلنا نَجُدُّ، ويكال له من أسفل النخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بالبركة، حتى أوفيناه جميع حقه من أصغر الحديقتين - فيما يحسب عمار - ثم أتيناهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال:"هذا من النعيم الذي تسألون عنه".
صحيح: رواه النسائي (3639) وأحمد (15206) - واللفظ له -، وأبو يعلى (2161) وصحّحه ابن حبان (3411) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
• عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر
وعمر، فقال:"ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول الله!
قال: "وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا". فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأةُ قالت: مرحبا وأهلا. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين فلان؟ "، قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني، قال: فانطلق، فجاءهم بعذقٍ، فيه بُسرٌ وتمرٌ ورطبٌ. فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياك والحلوب". فذبح لهم فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر:"والذي نفسي بيده! لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم".
وفي رواية: "لا تذبحنَّ ذاتَ دُرٍّ".
صحيح: رواه مسلم في الأشربة (2038: 140) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا خلف بن خليفة، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي عسيب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا فمَرَّ بي، فدعاني إليه فخرجت، ثم مرَّ بأبي بكر فدعاه فخرج إليه، ثم مرَّ بعمر فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط:"أطعمنا بسرا" فجاء بعذق فوضعه فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب، فقال:"لتسألن عن هذا يوم القيامة" قال: فأخذ عمر العذق، فضرب به الأرض، حتى تناثر البسر قبك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله! أإنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: "نعم إلا من ثلاث: خرقة كف بها الرجل عورته، أو كسرة سد بها جوعته، أو جحر يتدخل فيه من الحر والقر".
حسن: رواه أحمد (20678) عن سريج (هو ابن النعمان)، حدثنا حشرج، عن أبي نصيرة (واسمه مسلم بن عبيد)، عن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وإسناده حسن من أجل حشرج وهو ابن نباتة الأشجعي، مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يكن في حديثه ما ينكر، وحديثه هذا له شواهد كثيرة.
وفي الحديث إشارة إلى أن الحياة لا تستقيم إلا بثلاثة أشياء: وهي اللباس والطعام والسكن.
• عن ابن عباس، قال: خرج أبو بكر بالهاجرة إلى المسجد، فسمع بذلك عمر، فقال: يا أبا بكر! ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من حاقِّ الجوع، قال: وأنا - والله - ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك، إذ خرج عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما أخرجكما هذه الساعة؟ " قالا: والله! ما أخرجنا إلا ما نجد في بطوننا من حاقِّ الجوع، قال:"وأنا والذي نفسي بيده! ما أخرجني غيره، فقوما".
فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما أو لبنًا، فأبطأ عنه يومئذ، فلم يأت لحينه، فأطعمه لأهله، وانطلق إلى نخله يعمل فيه، فلما انتهوا إلى الباب، خرجت امرأته، فقالت: مرحبا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فقال لها نبي الله صلى الله عليه وسلم:"فأين أبو أيوب؟ " فسمعه وهو يعمل في نخل له، فجاء يشتد، فقال: مرحبا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، يا نبي الله! ليس بالحين الذي كنت تجيء فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"صدقت" قال: فانطلق، فقطع عذقًا من النخل فيه من كل التمر والرطب والبسر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أردت إلى هذا، ألا جنيت لنا من تمره؟ " فقال: يا نبي الله! أحببت أن تأكل من تمره ورطبه وبسره، ولأذبحنّ لك مع هذا. قال:"إن ذبحت، فلا تذبحن ذات در"، فأخذ عناقًا أو جديًا، فذبحه، وقال لامرأته: اخبزي واعجني لنا وأنت أعلم بالخبز، فأخذ الجدي، فطبخه وشوى نصفه.
فلما أدرك الطعام، وضع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذ من الجدي، فجعله في رغيف، فقال:"يا أبا أيوب! أبلغ بهذا فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام"، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة، فلما أكلوا وشبعوا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"خبز ولحم وتمر وبسر ورطب" ودمعت عيناه، "والذي نفسي بيده! إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه، قال الله جل وعلا: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}، فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة" فكبر ذلك على أصحابه، فقال:"بل إذا أصبتم مثل هذا، فضربتم بأيديكم، فقولوا: بسم الله، وإذا شبعتم، فقولوا: الحمد لله الذي هو أشبعنا، وأنعم علينا وأفضل، فإن هذا كفاف بها".
فلما نهض، قال لأبي أيوب "ائتنا غدًا"، وكان لا يأتي إليه أحد معروفًا إلا أحب أن يجازية، قال: وأن أبا أيوب لي يسمع ذلك، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تأتيه غدًا، فأتاه من الغد، فأعطاه وليدته، فقال:"يا أبا أيوب! استوص بها خيرًا، فإنا لم نرى إلا خيرًا ما دامت عندنا"، فلما جاء بها أبو أيوب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا