الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
80 - تفسير سورة عبس وهي مكية، وعدد آياتها 43
1 - باب قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)}
ذكر أن الأعمى الذي جاء ذكره في الآية هو ابن أم مكتوم، واسمه: عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي، والمشهور أن اسمه: عمرو، أسلم قديما في مكة، وهاجر إلى المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: بعده.
• عن عائشة قالت: أنزل في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله! أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من المشركين، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرض عنه، ويُقبل على الآخر، ويقول:"أترى بما أقول بأسا؟ " فيقول: لا. ففي هذا أنزل. {عَبَسَ وَتَوَلَّى} .
صحيح: رواه الترمذي (3331) واللفظ له، وابن جرير في تفسيره (24/ 102) والحاكم (2/ 514) كلهم من حديث سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، عن أبيه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أنزل {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابن أم مكتوم، ولم يذكر فيه: عن عائشة".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فقد أرسله جماعة عن هشام بن عروة".
قال الذهبي: "هكذا رواه يحيى بن سعيد الأموي مرفوعا عن هشام، وأرسله جماعة عن هشام وهو الصواب". انتهى.
قلت: وتابعه على رفعه عبد الله بن عمر الجعفي، قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام بن عروة بإسناده. رواه ابن حبان (535) عن الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عبد الله بن عمر الجعفي بإسناده.
وهذا إسناد صحيح، وهو يقوي الإسناد الأول.
وكذلك رواه أبو معاوية الضرير عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. رواه الدارقطني في العلل (14/ 175)
إلا أنه رجح المرسل.
وأما المرسل فرواه مالك في الموطأ في كتاب القرآن (8) عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في عبد الله بن أم مكتوم، فذكره، وكذلك رواه وكيع عن هشام. ومن طريقه رواه ابن جرير.
وهذا المرسل وإن كان قويا فإنه لا يُعِلُّ الموصول، فإن رواته أيضا ثقات، فلعل عروة نفسه كان يروي مرة مرسلا، وأخرى موصولا، وله شواهد كثيرة في كتب السنة، وأوضحت ذلك مرارا في الجامع الكامل.
• عن أنس في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أُبَي بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله:{عَبَسَ وَتَوَلَّى} قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه.
قال قتادة: وأخبرني أنس بن مالك قال: رأيته يوم القادسية، وعليه درع، ومعه راية سوداء، يعني ابن أم مكتوم.
صحيح: رواه أبو يعلى (3123) عن محمد بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.
هكذا أيضا ساقه ابن كثير في تفسيره، ولكن ليس في مطبوعة تفسير عبد الرزاق (3/ 392) ذكر أنس بن مالك، فلعله سقط منه لأنه كل من ذكر هذا الحديث جعله موصولا عن أنس.
وأبي بن خلف كان من كفار مكة، وهو الذي كان يقول إذا لقيه النبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا نجوتُ إن نجوتَ، وجُرِح بيد النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومات بمكة.
وأما ما روي عن ابن عباس قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب، وكان يتصدى لهم كثيرا، وجعل عليهم أن يؤمنوا، فأقبل إليه رجل أعمى، يقال له: عبد الله بن أم مكتوم، يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن، وقال: يا رسول الله! علمني مما علمك الله، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وتولى، وكره كلامه، وأقبل على الآخرين؛ فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ ينقلب إلى أهله، أمسك الله بعض بصره، ثم خفق برأسه، ثم أنزل الله:{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} ، فلما نزل فيه أكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه، وقال له:"ما حاجتك، هل تريد من شيء؟ " وإذا ذهب من عنده قال له: "هل لك حاجة في شيء؟ " وذلك لما أنزل الله: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} فهو ضعيف.
رواه ابن جرير في تفسيره (24/ 103) عن محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده مسلسل بالضعفاء.