الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - باب قوله: {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)}
قوله: ({وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} أي القرآن الكريم.
وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} أي: في ليلة القدر، كما قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].
وليلة القدر تكون في الوتر من العشر الأواخر من رمضان كما جاء في الصَّحيح.
• عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".
متفق عليه: رواه البخاريّ في فضل ليلة القدر (2017) من طريق أبي سُهيل، عن أبيه، عن عائشة.
ورواه أيضًا (2020) هو ومسلم في الصيام (1169) كلاهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول:"تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"، واللّفظ للبخاريّ.
والأحاديث الأخرى في ليلة القدر مذكورة في كتاب الصيام.
قوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} فيه قولان عند المفسرين: الأوّل: إن هذا الدخان المذكور في الآية والذي سلَّى الله به نبيه وتوعَّد به الكفار قد وقع، وكان ذلك حين تمردت قريش واستعصت، فدعا عليهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالقحط والجدب، ويدل على ذلك من الأحاديث ما يأتي:
• عن مسروق قال: جاء إلى عبد الله رجل، فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسر القرآن برأيه، يفسر هذه الآية:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان، فيأخذ بأنفاسهم حتَّى يأخذهم منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم. فإن من فقه الرّجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. إنّما كان هذا أن قريشًا لما استعصت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتَّى جعل الرّجل ينظر إلى السماء فيرى
بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا. فقال: "لمضر؟ إنك لجريء" قال: فدعا الله لهم، فأنزل الله عز وجل:{إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قال: فمُطِروا، فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه. قال: فأنزل الله عز وجل: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} قال: يعني يوم بدر.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (4821 و 4822 و 4823) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (2798: 40) كلاهما من طريق الأعمش، عن مسلم بن صُبيح أبي الضحى، عن مسروق، قال: فذكره، واللفظ لمسلم.
ورواه البخاري في التفسير (4824) ومسلم كلاهما من طريق منصور، عن أبي الضحى به، وفيه: فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم، قال الله عز وجل:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} إلى قوله: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قال: أفيكشف عذاب الآخرة؟
…
الحديث.
• عن عبد الله بن مسعود قال: خمس قد مضين: اللزام، والروم، والبطشة، والقمر، والدخان.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (2825) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (2798: 41) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صُبَيح، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: فذكره. واللفظ للبخاري.
والقول الثاني: إن هذا من علامات الساعة الكبرى، ويدل على ذلك الحديث الآتي:
• عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال: "ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة، قال:"إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات" فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2901) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن فرات القزار، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري فذكره.
ولا منافاة بين حديث عبد الله بن مسعود وحديث حذيفة بن أسيد، فإن الدخان المذكور في حديث ابن مسعود غير الدخان الذي جاء ذكره في حديث حذيفة.