الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطلب
الشركة بالمال المشاع
الإشاعة لا تمنع من التصرف في المال.
الإشاعة في المال أبلغ من خلطه.
[م-1294] إذا كان هناك مال مملوك على سبيل الاشتراك، كأن يرث مجموعة مالًا، فيعقد هؤلاء الورثة شركة فيما بينهم على حصصهم في التركة قبل قسمتها، فهل تصح الشركة بينهم، والمال ما زال مشاعًا؟
فذهب عامة الفقهاء إلى صحة الشركة في المال المشاع قبل فرزه، ولم أقف على خلاف في المسألة
(1)
.
وجهه:
أن الشركة إن اعتبرناها من عقود المعاوضات، وأنها متضمنة لمعنى البيع كما هو مذهب المالكية فليس في المشاع ما يمنع من المشاركة؛ لأن بيع المشاع جائز، وحكي في جوازه الإجماع
(2)
.
قال ابن تيمية: «يجوز بيع المشاع باتفاق المسلمين كما مضت بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم»
(3)
.
(1)
بدائع الصنائع (6/ 83)، المبسوط (22/ 136)، حاشية الجمل (3/ 396)، مغني المحتاج (2/ 214)، كفاية الأخيار (1/ 270)، الفروع (4/ 395)، الإنصاف (5/ 407)، مطالب أولي النهى (3/ 497)، شرح منتهى الإرادات (2/ 208).
وجاء في التاج والإكليل (5/ 125): «قال ابن يونس: لو دفع إليه نص هذا الغزل على أن ينسج نصفه الآخر ثوبًا، وانعقد ذلك، ثم تشاركا فيه، فنسجه كله مشاعًا، فذلك جائز
…
فتصير شركة وإجارة».
(2)
المجموع (9/ 308)، تبيين الحقائق (5/ 126).
(3)
مجموع الفتاوى (29/ 233).
وإن اعتبرنا الشركة مبنية على الوكالة في التصرف، كما هو مذهب الجمهور، فالإشاعة لا تمنع من التصرف في المال، ما دام أن هذا التصرف قد أذن فيه الشريك.
وعلى مذهب الشافعية الذين يشترطون خلط المال قبل العقد، فإن الشيوع أبلغ من خلط المال عندهم؛ لأنه في الشيوع ما من جزء في المال إلا وهو مشترك بينهما.
قال النووي في الروضة: «ولو ورثوا عروضًا، أو اشتروها، فقد ملكوها شائعة، وذلك أبلغ من الخلط، فإذا انضم إليه الإذن في التصرف تم العقد»
(1)
.
وأما قول ابن حزم: «لو ورثا سلعة، أو وهبت لهما، أو ملكاها بأي وجه ملكاها به، فلو تعاقدا أن يبتاعا هكذا لم يلزم؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله»
(2)
.
فابن حزم في هذا النص لا يمنع من المشاركة بالمشاع، وإنما يمنع اشتراط أن يكون الشراء بين الشريكين على سبيل الشيوع، ومذهب ابن حزم في الشروط من أضيق المذاهب، وهو لا يصحح إلا شرطًا جاء نص خاص في جوازه، والإذن به، والدليل على أن ابن حزم يجيز الشركة في المشاع أنه يشترط خلط المالين في الشركة لصحة الشركة، كمذهب الشافعية.
يقول ابن حزم: «ولا تجوز الشركة إلا في أعيان الأموال، فتجوز في التجارة بأن يخرج أحدهما مالًا، والآخر مالًا مثله من نوعه، أو أقل منه، أو أكثر منه، فيخلطا المالين، ولابد حتى لا يميز أحدهما ماله من الآخر، ثم يكون ما ابتاعا
(1)
روضة الطالبين (4/ 277).
(2)
مسألة (1241).
بذلك المال بينهما على قدر حصصهما فيه، والربح بينهما كذلك، والخسارة عليهما كذلك ....... برهان ذلك أنهما إذا خلطا المالين فقد صارت تلك الجملة مشاعة بينهما، فما ابتاعا بها فمشاع بينهما، وإذا هو كذلك فثمنه أصله، وربحه مشاع بينهما، والخسارة مشاعة بينهما، وأما إذا لم يخلطا المالين فمن الباطل أن يكون لزيد ما ابتيع بمال عمرو، أو ما ربح في مال غيره، أو ما خسر في مال غيره، لما ذكرنا آنفا من قول الله تعالى:{وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام:164]
(1)
.
* * *
(1)
المحلى، مسألة (1240).