الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع
في تصرفات الشريك
الفرع الأول
في التبرع من مال الشركة
قال ابن قدامة: الإذن إذا اختص بشيء لم يتجاوزه
(1)
.
كل تصرف لا يتضمنه الإذن المطلق، ولا العرف الجاري، ولا فيه مصلحة للشركة فإن الشريك ممنوع منه
(2)
.
[م-1302] اختلف الفقهاء في تصرفات الشريك إذا كانت على وجه التبرع.
فمنهم من منع هذه التصرفات مطلقًا.
ومنهم من استثنى التبرع اليسير مطلقًا، والكثير إذا كان في ذلك مصلحة للشركة كترغيب الناس في الشراء.
ومنهم من صحح إقراض مال الشركة إذا كان في ذلك مصلحة للشركة.
وسبب الخلاف:
أن إطلاق التصرف للشريك بالتصرف محكوم بثلاثة أمور: بالعقد المتضمن الإذن بالتصرف صراحة أو عرفًا. وبالعرف الجاري بين التجار في عقود الشركات، وبما فيه مصلحة للشركة.
(1)
المغني (5/ 131).
(2)
موسوعة القواعد الفقهية المنظمة للمعاملات المالية ـ عطية رمضان (ص: 480).
فكل تصرف لا يتضمنه الإذن المطلق، ولا العرف الجاري، ولا فيه مصلحة للشركة فإن الشريك ممنوع منه.
ولهذا نص جمهور الفقهاء بأن الشريك ممنوع من التبرع من مال الشركة إلا بإذن شريكه، فمنعوا الشريك من الهبة، والقرض، والصدقة، والحط من قيمة السلعة بغير عيب؛ لأن كل هذه التصرفات من قبيل التبرع، وهو لا يملك التبرع على شريكه إلا بإذنه، والمقصود بالإذن الإذن الصريح، فلو قال له شريكه: اعمل برأيك لم يكن إذنًا؛ لأن قوله هذا يعني تفويض الرأي إليه فيما هو من أعمال التجارة، وهذه التصرفات ليست منها؛ ولأن الربح هو المقصود من الشركة، ولا يحصل الربح بهذه التصرفات.
(1)
.
وقال الزيلعي: «لا يزكي كل واحد منهما نصيب صاحبه؛ لأنه لم يأذن له فيها؛ لأن الإذن بينهما وقع في التجارة، والزكاة ليست منها»
(2)
.
(1)
الإنصاف (5/ 414).
(2)
تبيين الحقائق (3/ 323 - 324).
ولأنه بدون إذن رب المال لا تقع الموقع؛ لعدم صحتها بدون نية، فتلحق بالتبرعات، وهو لا يملك التبرع بمال شريكه.
(1)
.
وجوز الحنفية والمالكية وأحمد في رواية نقلها عنه حنبل التبرع إذا كان في ذلك مصلحة للشركة كترغيب الناس في الشراء؛ لأن الشريك مأذون له بالتصرف في كل ما هو من مصلحة الشركة.
أو كان التبرع يسيرًا، ولو لم يكن في ذلك مصلحة للشركة؛ لأن التبرع اليسير مأذون له فيه عرفًا.
وأجاز بعض الحنابلة القرض لمصلحة الشركة، وإليك النصوص الداعمة لهذه الأقوال.
جاء في الاختيار لتعليل المختار: «ويهدي القليل من الطعام، ويضيف معامليه؛ لأنه من صنيع التجار، وفيه استمالة قلوب المعاملين، وقد صح أنه عليه السلام قبل هدية سلمان الفارسي، وكان عبدًا. وقال محمد: يتصدق بالرغيف ونحوه، ولم يقدر محمد الضيافة اليسيرة، وقيل: ذلك على قدر مال التجارة»
(2)
.
وفي الفتاوى الهندية: له «أن يهدي من مال المفاوضة، ويتخذ دعوة منه ولم
(1)
المغني (5/ 13).
(2)
الاختيار لتعليل المختار (2/ 110).
يقدر بشيء والصحيح أن ذلك منصرف إلى المتعارف، وهو ما لا يعده التجار سرفًا كذا في الغياثية»
(1)
.
وجاء في شرح الخرشي لقول خليل: «وله أن يتبرع إن استألف به، أو خف» قال الخرشي: «يعني أن أحد شريكي ا لمفاوضة يجوز له من غير إذن شريكه أن يتبرع بشيء من مال الشركة من هبة، ونحوها بشرط أن يفعل ذلك استئلافًا للشركة؛ ليرغب الناس في الشراء منه، وكذلك يجوز له أن يتبرع بشيء خفيف من مال الشركة، ولو كان بغير استئلاف كإعارة آلة، كماعون، ودفع كسرة لسائل، أو شربة ماء، أو غلام لسقي دابة، والكثرة والقلة بالنسبة لمال الشركة»
(2)
.
وجاء في الإنصاف: «قوله (ولا يقرض). هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. وقطع به أكثر الأصحاب ...... وقال ابن عقيل: يجوز للمصلحة. يعني: على سبيل القرض. صرح به في التلخيص وغيره
(3)
.
وجاء في شرح منتهى الإرادات: «ولا أن يهب من مال الشركة إلا بإذن، ونقل حنبل: يتبرع ببعض الثمن لمصلحة»
(4)
.
وجواز القرض مقيد بأن يكون ذلك أصلح للشركة كأن يخاف على مال الشركة، ويكون المستقرض معروفًا بالأمانة ولا يخاف منه الجحود، ومليئًا في
(1)
الفتاوى الهندية (2/ 312).
(2)
الخرشي (6/ 43)، وانظر الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 464).
(3)
الإنصاف (5/ 414).
(4)
شرح منتهى الإرادات (2/ 311)، وانظر مطالب أولي النهى (3/ 505 - 506).