الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الأول
كون محل الشركة عملا
قال ابن قدامة: تقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل، ويستحق به الربح
(1)
.
[م-1321] يشترط لقيام شركة الأعمال أن يكون محل العقد فيها هو العمل؛ ولذلك سميت بشركة الأعمال؛ لأن قوامها العمل، وهو العنصر الأساسي المكون لمحل العقد، بخلاف شركة الأموال.
وإذا كانت شركة الأموال تعمل على تحصيل الأرباح عن طريق رأس مال الشركة فإن شركة الأعمال تعمل على تحصيل المال وكسبه عن طريق العمل، فالعمل هو رأس مال الشركة، وما يجنيه الشريكان من مال لا يسمى ربحًا؛ لأن الشركة لم تقم على المال أصلًا، وإنما يسميه الفقهاء كسبًا.
وهل يشترط أن يكون العمل جنسًا واحدًا من كلا الشريكين، أو يصح أن يكون العمل من أحدهما، والتقبل من الآخر؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
أجاز الحنفية والحنابلة أن يكون العمل من أحدهما، والتقبل من الأخر.
وجه القول بالجواز:
أن التقبل يعتبر عملًا من الأعمال؛ فصارت شركة بالأعمال.
(1)
المغني (5/ 5).
ولأن التقبل يوجب الضمان على المتقبل، والضمان يستحق به الربح.
جاء في حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: «قال في شرح الطحاوي ولو أن رجلا أجلس على دكانه رجلًا يطرح عليه العمل بالنصف، القياس أن لا تجوز هذه الشركة؛ لأن من أحدهما العمل ومن أحدهما الحانوت، فتكون هذه شركة بالعروض.
وفي الاستحسان تجوز لأن هذه شركة التقبل؛ لأن تقبل العمل من صاحب الحانوت عمل فصارت شركة بالأعمال»
(1)
.
وجاء في المغني: «وإذا قال أحدهما: أنا أتقبل وأنت تعمل، والأجرة بيني وبينك صحت الشركة. وقال زفر: لا تصح، ولا يستحق العامل المسمى، وإنما له أجرة المثل.
ولنا أن الضمان يستحق به الربح، بدليل شركة الأبدان، وتقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل، ويستحق به الربح، فصار كتقبله المال في المضاربة، والعمل يستحق به العامل الربح كعمل المضارب، فينزل بمنزلة المضاربة»
(2)
.
القول الثاني:
منع المالكية أن يتقبل أحدهما والآخر يعمل إلا أن يتولى أحدهما العمل، والآخر الخدمة وتكون قيمة العمل والخدمة سواء، فتصح.
وجه القول بالجواز:
إذا كانت قيمة العمل والخدمة سواء تحقق شرط المالكية في الشركة، وهو
(1)
تبيين الحقائق (3/ 321) و (5/ 147).
(2)
المغني (5/ 5)، وانظر الفروع (4/ 402).
التساوي العمل، واشترطنا أن يكون من أحدهما العمل ومن أحدهما الخدمة المساوية للعمل؛ لأن الشركة لا تقوم إلا بمجموع العملين، فإما أن يعملا جميعًا، أو يتعطلا جميعًا.
جاء في المدونة: «قلت: أرأيت إن أقعدت رجلًا في حانوتي، وقلت له: أتقبل عليك المتاع، وتعمل أنت، على أن ما رزقنا الله فبيننا نصفين؟ قال: لا يجوز هذا عند مالك» .
(1)
.
* * *
(1)
شرح ميارة (2/ 127)، وانظر التاج والإكليل (5/ 136).