الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في توصيف عقد المضاربة
[م-1343] اختلف الفقهاء في توصيف عقد المضاربة وإن لم يختلفوا في جوزاه، وإليك أقوالهم في توصيف هذا العقد.
القول الأول:
أن عقد المضاربة ليس من عقود الشركة، وهذا مذهب الحنفية وطائفة من أهل العلم
(1)
.
قال في المبسوط: «إن المضاربة قد فارقت الشركة في الاسم فينبغي أن تفارقها في الحكم»
(2)
.
وقد وضع الحنفية بابًا مستقلًا للشركة، وبابًا مستقلًا للمضاربة فلم يلحق الحنفية عقد المضاربة في عقود الشركات.
وجه قول الحنفية:
أن عقد المضاربة لم يقع فيه اشتراك في الأصل الذي هو رأس المال، حيث يختص به المالك، ولم يقع فيه اشتراك في العمل حيث يختص به العامل بخلاف الاشتراك الحاصل في شركة الأموال والأبدان والوجوه فإنه ناتج عن الاشتراك بالأصل.
(1)
تبيين الحقائق (5/ 56)، بدائع الصنائع (6/ 56)، الفتاوى الهندية (2/ 301)، الوسيط (3/ 261)، حاشية البجيرمي (2/ 229).
(2)
المبسوط (22/ 84).
كما أن عقد المضاربة لا يصح إلا بتسليم المال إلى العامل، ولو شرط بقاء يد المالك على المال فسدت المضاربة ففرق بين هذا وبين الشركة فإنها تصح مع بقاء يد رب المال على ماله والفرق أن المضاربة انعقدت على رأس مال من أحد الجانبين وعلى العمل من الجانب الآخر ولا يتحقق العمل إلا بعد خروجه من يد رب المال فكان هذا شرطًا موافقا مقتضى العقد بخلاف الشركة ; لأنها انعقدت على العمل من الجانبين فشرط زوال يد رب المال عن العمل يناقض مقتضى العقد
(1)
.
والقائلون بأنه ليس من عقود الشركة قد اختلفوا في توصيف العقد:
فقيل: عقد المضاربة مستثنى من الإجارة بعوض مجهول.
وقيل: مستثنى من السلف الذي يجر منفعة.
وجاء في شرح ميارة: «وهو ـ يعني القراض ـ مستثنى من الإجارة المجهولة، ومن سلف جر منفعة»
(2)
.
وفي الفواكه الدواني: «واستثني القراض والمساقاة من الإجارة المجهولة»
(3)
.
ويرى آخرون أن عقد المضاربة من باب بيع المنافع بجزء من الربح، ذكر ذلك القرافي من المالكية
(4)
.
وهذا بعيد جدًا خاصة إذا كان رأس المال من النقود فإنه لا يتصور بيع منافعها
(1)
انظر بدائع الصنائع (6/ 84).
(2)
شرح ميارة (2/ 128).
(3)
الفواكه الدواني (2/ 98)، وانظر حاشية الدسوقي (3/ 518).
(4)
الذخيرة (6/ 24).