الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في شروط شركة الوجوه
عندما نقول: شروط شركة الوجوه لا يدخل في ذلك الشروط العامة التي يجب توفرها في جميع الشركات، لأن مثل ذلك قد سبق بحثه في أول الكتاب، وقبل الدخول في أنواع الشركات، وإنما نقصد الشروط الخاصة في شركة الوجوه.
والباحث في شروط شركة الوجوه سوف يقصر بحثه في مذهب الحنفية والحنابلة فقط؛ وذلك لأن المالكية والشافعية لا يرون مشروعية شركة الوجوه.
[م-1340] وقد اختلف الحنفية والحنابلة القائلون بجواز مثل هذه الشركة في شروط شركة الوجوه.
فالحنابلة جعلوا شروط شركة الوجوه هي شروط شركة العنان.
جاء في شرح منتهى الإرادات: «وتصرفهما أي شريكي الوجوه فيما يجوز، ويمتنع، ويجب، وشروط، وإقرار، وخصومة، وغيرها كتصرف شريكي عنان على ما سبق»
(1)
.
وقال ابن قدامة: «وحكمها في جواز ما يجوز لكل واحد منهما، أو يمنع منه حكم شركة العنان»
(2)
.
وقد سبق تحرير أحكام شركة العنان فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد.
(1)
شرح منتهى الإرادات (2/ 229)، وانظر مطالب أولي النهى (3/ 545)، كشاف القناع (3/ 527)، الإنصاف (5/ 459).
(2)
الكافي (2/ 266).
وأما شروط شركة الوجوه عند الحنفية فتختلف عندهم بناء على تقسيمهم لشركة الوجوه إلى مفاوضة، وعنان، وهم قد انفردوا بهذا التقسيم كما أشرنا إليه سابقا.
فالجمهور يرون شركة الأموال فقط هي التي تنقسم إلى مفاوضة وعنان، وأما الحنفية فهم يرون أن شركة الأموال والوجوه والأبدان تنقسم إلى مفاوضة وعنان، وشروط شركة الوجوه مفاوضة هي نفس شروط شركة المفاوضة في الأموال، وشروط شركة الوجوه عنانًا هي نفس شروط شركة العنان في الأموال.
جاء في بدائع الصنائع: «وأما الشركة بالوجوه فالعنان منها والمفاوضة في جميع ما يجب لهما، وما يجب عليهما، وما يجوز فيه فعل أحدهما على شريكه، وما لا يجوز بمنزلة شريك العنان والمفاوضة في الأموال»
(1)
.
فإذا كانت شركة الوجوه مفاوضة اشترط الحنفية فيها ما يلي:
الأول: أن يكون كل واحد من الشريكين من أهل الكفالة.
الثاني: أن يكون المشترى بينهما نصفين.
الثالث: أن يكون الربح بينهما بالتساوي.
الرابع: أن يتلفظا بلفظ المفاوضة أو يذكرا مقتضياتها
(2)
.
الخامس: التساوي في التصرف، فلا يجوز أن يكون أحدهما صبيًا، والآخر
(1)
بدائع الصنائع (6/ 77).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 65)، المبسوط (11/ 179)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 19)، العناية شرح الهداية (8/ 301)، تحفة الفقهاء (3/ 11)،، الهداية شرح البداية (3/ 11)، البحر الرائق (5/ 197).
بالغًا؛ لأن الصبي ليس من أهل الكفالة، ولا يجوز أن يكون أحدهما مسلمًا، والآخر ذميًا؛ لأن الذمي يحق له التصرف في بعض الأعيان المباحة له، وهي محرمة في حق الشريك المسلم، كشراء الخمر، وبيعه.
وإن كانت شركة الوجوه عنانًا فلا يشترط فيها الحنفية ما يشترط في المفاوضة بل يشترط فيها:
(1)
ـ أن يكون كل من الشريكين من أهل الوكالة، ولا يشترط فيها أهلية الكفالة.
(2)
ـ الثانية: أن يتخلف فيها شرط من شروط المفاوضة، كأن يعدم فيها المساواة في الربح، أو المساواة في رأس المال، أو المساواة في التصرف، أو المساواة في الضمان، أو تعقد بلفظ العنان، أو تعقد على الإطلاق، أو تعقد على نوع محدد من السلع
(1)
.
هذه تقريبًا شروط شركة الوجوه عنانًا، والله أعلم.
* * *
(1)
انظر المبسوط (11/ 179)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 19)، العناية شرح الهداية (8/ 301)، تحفة الفقهاء (3/ 11)، بدائع الصنائع (6/ 57)، الهداية شرح البداية (3/ 11)، البحر الرائق (5/ 197).