الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في اشتراط لفظ المفاوضة في الصيغة
قال الزركشي: الرضا هو المعتبر في العقود
(1)
.
[م-1286] اختلف الفقهاء في اشتراط لفظ المفاوضة في الصيغة على قولين:
القول الأول:
ذهب الجمهور إلى أن الشركة باختلاف أنواعها تنعقد بما يدل عليها عرفًا.
جاء في الفواكه الدواني: «وأما الصيغة فهي كل ما دل عليها عرفًا من قول كاشتركنا، أو فعل كخلط المالين في شركة الأموال»
(2)
.
وجاء في الشرح الكبير: «ولزمت ـ أي الشركة ـ بما يدل عليها عرفًا كاشتركنا .... أو يقوله أحدهما، ويسكت الآخر راضيًا به، أو شاركني، ويرضى الآخر، ولا يحتاج لزيادة على القول المشهور»
(3)
.
القول الثاني:
اختلف الحنفية في اشتراط لفظ المفاوضة في انعقاد شركة المفاوضة خاصة؛ لأنهم انفردوا عن الجمهور بشروط يجب تحققها في العقد، لا تجب بمطلق العقد، وقد لا يعرفها عامة الناس.
(1)
البحر المحيط (7/ 170).
(2)
الفواكه الدواني (2/ 120).
(3)
الشرح الكبير (3/ 348).
فذهب أبو حنيفة من رواية الحسن عنه، وهو قول أبي يوسف ومحمد إلى أن شركة المفاوضة لا تنعقد إلا بلفظ المفاوضة؛ لأن لشركة المفاوضة مقتضيات لا تجمعها إلا هذه اللفظة، إلا أن يكون المتعاقدان يعرفان أحكام المفاوضة، وقد استطاعوا على استيفاء شرائطها بلفظ آخر، فإن العقد يصح بينهما.
جاء في المبسوط: «روى الحسن عن أبي حنيفة أن المفاوضة لا تنعقد إلا بلفظ المفاوضة حتى إذا لم يذكر لفظ المفاوضة كان عنانًا عامًا
…
وتأويل هذا أن أكثر الناس لا يعرفون جميع أحكام المفاوضة، فلا يتحقق منهما الرضا بحكم المفاوضة قبل علمهما به، ويجعل تصريحهما بالمفاوضة قائمًا مقام ذلك كله؛ فإن كان المتعاقدان يعرفان أحكام المفاوضة صح العقد بينهما إذا ذكرا معنى المفاوضة، وإن لم يصرحا بلفظها؛ لأن المعتبر المعنى دون اللفظ»
(1)
.
(2)
.
وجاء في تنقيح الفتاوى الحامدية: «شركة المفاوضة لها شروط منها العقد بلفظ المفاوضة، فإن لم يذكر لفظها فلا بد من أن يذكر تمام معناها بأن يقول
(1)
المبسوط (11/ 154).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 62).
أحدهما للآخر، وهما حران، بالغان، مسلمان، أو ذميان: شاركتك في جميع ما أملك من نقد، وقدر ما تملك على وجه التفويض العام من كل منا للآخر في التجارات، والنقد، والنسيئة، وعلى أن كلًا منا ضامن عن الآخر ما يلزمه من أمر كل بيع»
(1)
.
وإذا كنا ضعفنا هذه الشروط عند الحنفية، وأن شركة المفاوضة لا يشترط فيها المشاركة في كل الأموال النقدية لم يكن هناك فرق في انعقادها بين شركة العنان وبين شركة المفاوضة، فتنعقد بكل ما يدل عليها، وتبقى الشروط الجعلية يرجع فيها إلى شروط الشريكين، وإلى العرف الجاري، وإلى مصلحة الشركة، والله أعلم.
* * *
(1)
انظر تنقيح الفتاوى الحامدية (1/ 93).