الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
إذا اشترط أحدهما أو كلاهما دراهم معلومة
اشتراط رب المال دراهم معلومة ربح أو خسر صريح الربا.
[م-1369] علمنا أن اشتراط أن يكون الربح لكل من المضارب ورب المال جزءًا شائعًا، نصفًا، أو ثلثًا، أو ربعًا محل اتفاق بين الفقهاء المتقدمين، لم يختلفوا على اعتبار هذا الشرط، وإذا تخلف هذا الشرط فسد ت المضاربة، من ذلك: أن يشترط أحدهما أو كلاهما دراهم معلومة، سواء اكتفى بها، أو أضافها إلى جزئه كأن يقول: لي نصف الربح وعشرة دراهم.
قال ابن المنذر: «أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة»
(1)
.
فإن كان المالك اشترط دراهم معلومة ربح أو خسر كان ذلك صريح الربا؛ لأن ذلك قرض بفائدة، وليست من المضاربة في شيء، ذلك أن المضاربة: هي دفع مال لآخر ليتجر به، على أن يكون الربح مشاعًا بينهما، كالنصف، أو الثلث، والخسارة على صاحب المال وحده، فالمضاربة شركة بين صاحب المال، وصاحب العمل.
وإن كان ذلك الاشتراط للعامل، فلا يصح أيضًا:
قال ابن قدامة: «وإنما لم يصح ذلك لمعنيين:
أحدهما: أنه إذا شرط دراهم معلومة احتمل أن لا يربح غيرها فيحصل
(1)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 208)، وانظر المغني (5/ 23).
على جميع الربح واحتمل أن لا يربحها فيأخذ من رأس المال جزءًا، وقد يربح كثيرًا فيستضر من شرطت له الدراهم.
والثاني: أن حصة العامل ينبغي أن تكون معلومة بالأجزاء لما تعذر كونها معلومة بالقدر فإذا جهلت الأجزاء فسدت كما لو جهل القدر فيما يشترط أن يكون معلومًا به.
ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة ربما توانى في طلب الربح; لعدم فائدته فيه وحصول نفعه لغيره بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح»
(1)
.
ومثل هذا لو اشترط دراهم مسماة تضاف إلى نصيب أحدهما، أو تنقص منه، كما لو قال: لك نصف الربح، وزيادة مائة، أو قال: لك نصف الربح إلا مائة.
وجاء في مغني المحتاج: «أو شرط له النصف ودينارًا مثلًا، أو إلا دينارًا فسد القراض؛ لانتفاء العلم بالجزئية؛ ولأن الربح قد ينحصر فيما قدره، أو في ذلك النصف، فيؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح، وهو خلاف وضع القراض»
(2)
.
(1)
المغني (5/ 23).
(2)
مغني المحتاج (2/ 313)، وانظر بدائع الصنائع (6/ 86)، وانظر العناية شرح الهداية (8/ 448)، شرح ميارة (2/ 131)، مغني المحتاج (2/ 313)، أسنى المطالب (2/ 383)، المغني (5/ 23).