الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في أركان عقد المضاربة
الخلاف في أركان المضاربة يرجع إلى الخلاف في أركان العقد:
[م-1346] وقد اتفق العلماء على أن الإيجاب والقبول ركن من أركان عقد المضاربة، ويعبر عنهما بالصيغة على خلاف بينهم في جواز الصيغة الفعلية.
واختلفوا في غيرها:
فاقتصر الحنفية على أن الركن: هو الإيجاب والقبول وحده، وطردوا ذلك في سائر العقود
(1)
.
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: «ركن المضاربة: الإيجاب من طرف، والقبول من طرف آخر كركن العقود الأخر»
(2)
.
وزاد الجمهور: العاقدان، ورأس مال المضاربة، وعمل المضارب، والربح
(3)
.
جاء في الفواكه الدواني: «وأركانه العاقدان .... والمال، والصيغة، والجزء المجعول للعامل»
(4)
.
(1)
بدائع الصنائع (6/ 79)، حاشية ابن عابدين (8/ 277)، الفتاوى الهندية (4/ 285)، مجلة الأحكام العدلية، مادة (1405).
(2)
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/ 427).
(3)
انظر الفواكه الدواني (2/ 122)، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (2/ 205)، الذخيرة (6/ 25 - 38)، الوسيط (4/ 105)، روضة الطالبين (5/ 117)، أسنى المطالب (2/ 380)، حاشية قليوبي وعميرة (3/ 52)، حاشية الجمل (3/ 512).
(4)
الفواكه الدواني (2/ 122).
وسبب الاختلاف:
أن الحنفية يرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا داخلًا في حقيقته، وهذا خاص بالإيجاب والقبول، أما العاقدان والمعقود عليه فهي من لوازم العقد، وليست جزءًا من حقيقة العقد، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
بينما الجمهور يرون أن الركن: ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلًا، سواء أكان جزءًا من حقيقته أم لم يكن، ووجود العقد يتوقف على العاقدين والمعقود عليه، وإن لم يكن هؤلاء جزءًا من حقيقته.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركنًا في مثل عقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركنًا في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
قال في المصباح المنير: «والفرق عسر
…
»
(1)
.
واعترض بعض الفقهاء على اعتبار العمل والربح من الأركان لعدم وجودهما حال العقد، وإنما يترتب على شركة المضاربة بعد وجودها، وما وجد بعد قيام الشركة فجعله من الأركان فيه نظر، فيمكن أن يلحق ذلك بالشروط بدلًا من الأركان
(2)
.
(1)
المصباح المنير (ص: 237).
(2)
حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 417).
وأجيب:
بأنهما جعلا ركنين باعتبار المآل، أو على تقدير مضاف: أي (ذكر عمل وربح) وذكرهما يتوقف عليه صحة العقد.
ويمكن للخروج من الخلاف بين الجمهور والحنفية أن نسمي ذلك مقومات عقد المضاربة فنجمع بين القولين، والله أعلم.
* * *