الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويناقش:
أما قولكم: إن اختلاف الصنعة ومكانها قد يؤدي إلى نفاق أحدهما دون الأخرى، وهذا يعني أن أحد الشريكين قد يأكل مال الآخر بالباطل، فيجاب عنه بأن استحقاق الربح في الشركة بحكم الشرط في العقد لا العمل، وبسبب الضمان، وذلك أن ما يتقبله أحدهما يلزمه ويلزم شريكه، والضمان أحد أسباب استحقاق الربح وإن لم يعمل، فلو كان استحقاق الشريك للربح بذات العمل الذي يؤديه منفردًا لم يكن لعقد الشركة معنى.
جاء في تبيين الحقائق: «إذا عمل أحدهما دون الآخر كانت الأجرة بينهما على ما شرطا، أما استحقاق العامل فظاهر، وأما الآخر فلأنه لزمه العمل بالتقبل، فيكون ضامنًا له، فيستحقه بالضمان، وهو لزوم العمل»
(1)
.
وأما الجواب عن قولكم: إن من سنن الشركة المساواة، فيقال: قد أجاز المالكية شركة الأعمال وإن اختلفت الصنائع إذا كان عملهما متلازمًا، وهذا يؤدي إلى فوات المساواة كاختلاف الصنعتين، فإن قيل: إنه في حالة التلازم يصار إلى قيمة العمل، يقال: كذلك في حال اختلاف الصنعة أو المكان يصار إلى قيمة العمل والمكان
(2)
.
الراجح:
أرى أن القول بجواز شركة الأبدان وإن اختلفت الصنائع والأمكنة هو القول الراجح؛ لأنه يتمشى مع أصل عظيم، وهو أن الأصل في المعاملات الصحة والجواز، وأنه لا يحرم منها شيء إلا بدليل، ولا دليل على اشتراط اتحاد الصنائع والأمكنة، والله أعلم.
* * *
(1)
تبيين الحقائق (3/ 321).
(2)
انظر شركة الأعمال وأحكامها في الفقه الإسلامي ـ عماد الزيادات (ص:242 - 243).
الشرط الرابع
أن يكون نصيب كل واحد من الشركاء معلوما شائعا
كل شرط يوجب قطع الشركة في الربح، أو يوجب جهالة فيه فإنه يفسد الشركة
(1)
.
[م-1327] يشترط في شركة الأبدان أن يكون نصيب كل واحد ومقداره معلومًا لهما؛ وهذا الشرط لا بد منه في جميع الشركات، فليس مختصًا في شركة الأبدان؛ فلا يجوز أن يشترط لأحدهما جزء مجهول من الكسب؛ لأن الجهالة في نصيب الشريك يؤدي إلى الشقاق والتنازع.
ويشترط أن يكون نصيب كل واحد منهما شائعًا كالنصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلك مما يتحصل عليه الجميع.
فلا يصح أن يشترط مبلغًا معينًا من الربح كألف مثلًا، ولا أن يشترط من الربح شهرًا معينًا، ولا أن يختص بربح صنعة معينة ونحو ذلك؛ لأن اشتراط ذلك قد يؤدي إلى انقطاع الاشتراك في الربح، فالشركة قد تربح في هذا دون ذاك، وقد لا تربح إلا هذا المبلغ أو أقل منه فيستأثر بالربح كله من اشترط له ذلك دون غيره، وقد تربح الشركة أكثر من ذلك، فيتضرر من شرط له ذلك.
جاء في العناية شرح الهداية: «ولا تجوز الشركة إذا شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح؛ لأنه شرط يوجب انقطاع الشركة، فعساه لا يخرج إلا قدر المسمى لأحدهما»
(2)
.
* * *
(1)
الفتاوى الهندية (4/ 288)، موسوعة القواعد والضوابط الفقهية للندوي (2/ 303).
(2)
العناية شرح الهداية (6/ 183)، وانظر الهداية شرح البداية (3/ 9)،.