الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إذا كانت الشركة بالأثمان من أحدهما، وبالطعام أو بالعرض من الآخر، لم يوجد اجتماع للصرف مع البيع، ولم يؤثر عدم التناجز في اجتماع البيع والشركة
(1)
.
قال الخرشي: «وإنما اعتبر في الشركة بالنقدين الاتفاق في الصرف، والقيمة، والوزن، والجودة والرداءة؛ لأنها مركبة من البيع والوكالة، فإذا اختلف النقدان وزنًا أدى إلى بيع الذهب بالذهب متفاضلًا، أو الفضة بالفضة كذلك وإن اختلفا جودة ورداءة أدى للدخول على التفاوت في الشركة حيث عملا على الوزن؛ لأن الجيد أكثر قيمة من الرديء فقد دخلا على ترك ما فضلته قيمة الجيد على الرديء والشركة تفسد بشرط التفاوت.
وإن دخلا على العمل على القيمة فقد صرفاها للقيمة، وذلك يؤدي إلى النظر في بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة للقيمة، وإلغاء الوزن؛ لأن معيار بيع النقد بجنسه هو الوزن.
وإن اختلفا صرفا مع اتحادهما وزنا وجودة ورداءة وقيمة: فإن دخلا على إلغاء ما تفاوت صرفهما فيه أدى ذلك إلى الدخول على التفاوت في الشركة.
وإن دخلا على عدم إلغائه فقد صرفا الشركة لغير الوزن، فيؤدي إلى إلغاء الوزن في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وذلك ممتنع»
(2)
.
الراجح:
الخلاف في هذه المسألة راجع إلى الخلاف في الوصف الفقهي للشركة في مسألتين سبق بحثهما:
(1)
انظر بداية المجتهد (2/ 190).
(2)
الخرشي (6/ 40).
الأولى: هل الشركة من عقود المعاوضات، أو ليست من عقود المعاوضات؟
الثاني: هل خلط مال الشركاء شرط في انعقاد الشركة، أو ليس بشرط؟
فمن رأى أن عقد الشركة ليس من عقود المعاوضات، وأن الخلط ليس شرطًا في انعقاد الشركة قال بصحة الشركة مع اختلاف جنس رأس المال، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، وهو الراجح كما سبق بيانه عند بحث تلك المسألتين.
ومن رأى أن خلط المال شرط في صحة الشركة كالشافعية رأى أن اتحاد الجنس شرط مطلقًا في جميع مال الشركاء، سواء كان رأس المال من الأثمان أو من العروض.
ومن رأى أن الشركة من عقود المعاوضات، وأنها متضمنة معنى البيع كالمالكية اشترط اتحاد الجنس في حال حرم النساء، كما لو كان رأس مال الشركة كله من النقود، أو كان كله من الطعام، ولا يجب إذا كان رأس مال أحد الشركاء عروضًا، والآخر من الأثمان.
هذا هو منشأ الخلاف، وما رجحناه في المسألتين نرجحه هنا، وهو أن الشركة ليست من عقود المعاوضات، وليس الخلط شرطًا في صحة انعقاد الشركة، والله أعلم.
* * *