الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
.
وقد يناقش هذا القول:
بأن يقال: لا مانع من كون الشركة من عقود المعاوضة، وكون المال في يد الشريك أمانة، فعقد الشركة نقل ملك جميع المال إلى جميع الشركاء، وقبل الشركة لم يكن يملك الشريك إلا سهمه فقط، ونقل الملك إنما انعقد لطلب النماء والربح، وهذا هو الغرض من عقود المعاوضات، ألا ترى أن الإجارة من عقود المعاوضة، تبذل فيها المنفعة في مقابل المال، وهذا متفق عليه، والعين في يد المستأجر أمانة لا يضمنها إلا بالتعدي والتفريط، والله أعلم.
وقد يجاب عن ذلك:
بأن يقال: إن المعاوضة على المنفعة، وليست على العين، فانفكت.
القول الثاني:
ذهب المالكية بأن عقد الشركة عقد لازم متضمن معنى البيع، ولذلك اشترطوا إذا كان رأس مال الشركة من الأثمان أن يكون مال الشركة من جنس واحد، ويمنعون أن يكون نصيب أحد الشريكين من الدراهم والآخر من الدنانير؛ لأن هذا يعني عندهم اجتماع الشركة والصرف، وهو ممنوع عندهم، إلا أن المالكية لم يعطوه حكم الصرف من كل وجه، فهم في الصرف يشترطون
(1)
المدخل الفقهي العام (1/ 582).
الفورية، فلو تأخر القبض، ولو في مجلس العقد بطل الصرف، ومع ذلك فهم في عقد الشركة لم يشترطوا الفورية، بل صححوا عقد الشركة إذا غاب نقد أحدهما اليوم واليومين، بشرط أن يحضر الشريك الآخر نقده، حتى يخرجوا من باب بيع الدين بالدين.
قال القرافي في الذخيرة: «فعقد الشركة في المال بيع، يبيع كل واحد منهما نصف متاعه بنصف متاع صاحبه، لكنه بيع لا مناجزة فيه؛ لبقاء يد كل واحد منهما على ماله بسبب الشركة»
(1)
.
وقد ذهب ابن رشد إلى أن عقد الشركة يصح أن يقع على جهة المعاوضة، وعلى جهة الرفق والإحسان.
يقول ابن رشد: «العقود تنقسم إلى قسمين: قسم يكون بمعاوضة، وقسم يكون بغير معاوضة كالهبات والصدقات.
والذي يكون بمعاوضة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: يختص بقصد المغابنة والمكايسة: وهي البيوع والإجارات والمهور والصلح، والمال المضمون بالتعدي وغيره.
والقسم الثاني: لا يختص بقصد المغابنة، وإنما يكون على جهة الرفق، وهو القرض.
والقسم الثالث: هو ما يصح أن يقع على الوجهين جميعًا. أعني على قصد المغابنة، وعلى قصد الرفق كالشركة، والإقالة، والتولية»
(2)
.
(1)
الذخيرة (8/ 21).
(2)
بداية المجتهد (2/ 109).