الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه القول بالصحة:
أن خلط المالين على الصحيح ليس شرطًا للشركة، لا في انعقاد الشركة، ولا في استحقاق الربح، وإذا كان الحال كذلك لم يكن اتحاد الجنس شرطًا في صحة الشركة، ولأن الشركة عقد توكيل من الطرفين، وهذا لا يحتاج إلى اشتراط اتحاد جنس مال الشركة.
القول الثاني:
يشترط التجانس مطلقًا، فإذا أخرج أحدهما دنانير وجب أن يخرج الآخر دنانير أيضًا، وإذا أخرج أحدهما برًا، وجب أن يخرج الآخر برًا كذلك. وهذا مذهب الشافعية، وبه قال زفر من الحنفية، وابن حزم من الظاهرية
(1)
.
وجه القول باشتراط اتحاد الجنس:
يرجع القول باشتراط اتحاد الجنس إلى القول بوجوب خلط مال الشركة خلطًا لا يمكن معه التمييز؛ لأنه مع اختلاف الجنس لا يمكن اختلاط المالين لتميز كل واحد بنوع مختلف عن الآخر، وسبق أن ذكرنا دليل الشافعية وابن حزم على وجوب خلط المالين، وأجبنا عنه، فأغنى ذلك عن إعادته، والله أعلم.
القول الثالث:
يشترط التجانس إن كان رأس مال الشركة نقودًا: دنانير، أو دراهم، فإن أخرج دنانير، وجب على الآخر أن يخرج دنانير مثله، وتعتبر مساواة ذهب أحدهما لذهب الآخر وزنًا، وصرفًا، وقيمة.
(1)
الحاوي الكبير (6/ 482)، تحفة المحتاج (5/ 286)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 418)، كفاية الأخيار (1/ 270)، مغني المحتاج (2/ 213)، أسنى المطالب (2/ 253 - 254)، الوسيط (3/ 261)، روضة الطالبين (4/ 277)، المحلى، مسألة (1240).
ومثله الشركة بالطعام على قول ابن القاسم
(1)
، ولا يشترط اتحاد الجنس فيما إذا كان رأس مال الشركة عروضًا، أو كان أحدهما نقودًا، والآخر عروضًا أو طعامًا. وهذا مذهب المالكية
(2)
.
(1)
أجاز ابن القاسم من المالكية الاشتراك بالطعام حيث اتفق الطعامان جنسًا وصفة، وكيلًا، قياسًا منه على جوازها بالدنانير من الجانبين بجامع حصول المناجزة حكمًا لا حسًا، فكما اغتفر هذا في الدنانير من الجانبين أو الدراهم كذلك يغتفر في الطعامين، ومنعها مالك بالطعام مطلقًا. انظر البهجة شرح التحفة (2/ 349).
(2)
جاء في المدونة (5/ 56): «قلت ـ القائل سحنون ـ أرأيت إن اشتركا بما يوزن، أو يكال مما لا يؤكل ولا يشرب اشتركا بأنواع مختلفة أخرج هذا مسكًا، وأخرج هذا عنبرًا، وقيمتهما سواء فاشتركا على أن العمل عليهما بالسوية؟
قال ـ القائل ابن القاسم ـ هذا جائز. قلت: ولم؟ وهذا مما يوزن ويكال. قال: إنما كره مالك ما يؤكل ويشرب مما يكال ويوزن في الشركة إذا كانا من نوعين وإن كانت قيمتهما سواء؛ لأن محملهما في البيوع قريب من الصرف. فكما كره في الدنانير والدراهم الشركة إن كانت قيمتهما سواء فكذلك كره لي مالك كل ما يؤكل ويشرب مما يكال، أو يوزن مما يشبه الصرف.
قلت: أرأيت العروض وما سوى الطعام والشراب مما يوزن ويكال، ومما لا يوزن ولا يكال هل يجوز مالك الشركة بينهما إذا كان رأس مالهما نوعين مفترقين وقيمتهما سواء والعمل بينهما بالسوية؟ قال: نعم هذا جائز لأني سألت مالكًا غير مرة ولا مرتين على العروض يشتركان به في نوعين مفترقين إذا كانت القيمة سواء والعمل بالسوية؟ فقال مالك: ذلك جائز. قال: ولم أسأل مالكا عما يوزن، أو يكال، مما لا يؤكل ولا يشرب ولكن إنما سألته عن العروض فجوزها لي. فمسألتك هي من العروض فأرى الشركة بينهما جائزة. قلت: فالشركة بالعروض جائزة في قول مالك بحال ما وصفت لي؟ قال: نعم. قلت: وتجوز الشركة في قول مالك بالعروض وبالدنانير بحال ما وصفت لي؟ قال: نعم. قلت: وتجوز أيضا بالطعام والدراهم في قول مالك بحال ما وصفت لي؟ قال: نعم. قلت: وبالعروض والطعام؟ قال: نعم ذلك جائز عند مالك». وانظر الذخيرة (8/ 21)، شرح ميارة (2/ 152)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 390)، الخرشي (6/ 40).