المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

العَسَلَ، وَاللَّبَنَ، وَأَنتُم تَسقُونَ النَّبِيذَ؟ أَمِن حَاجَةٍ بِكُم، أَم مِن بُخلٍ؟ فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: الحَمدُ لِلَّهِ! مَا بِنَا مِن حَاجَةٍ، وَلَا بُخلٍ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَخَلفَهُ أُسَامَةُ، فَاستَسقَى، فَأَتَينَاهُ بِإِنَاءٍ مِن نَبِيذٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى فَضلَهُ أُسَامَةَ، وَقَالَ: أَحسَنتُم، وَأَجمَلتُم كَذَا فَاصنَعُوا. وَلَا نُرِيدُ تَغيِيرَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد (1/ 369)، ومسلم (1316)، وأبو داود (2021).

* * *

(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

[1170]

عَن عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَن أَقُومَ عَلَى بُدنِهِ، وَأَن أَتَصَدَّقَ بِلَحومِهَا وَجُلُودِهَا، وَأَجِلَّتِهَا،

ــ

وقوله: (كذا فاصنعوا)؛ إشارة إلى السِّقاية بالنبيذ. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قصد التيسير عليهم، وتقليل الكلف، فإن الانتباذ يسير، قليل المؤنة؛ لكثرة التمر عندهم، وليس كذلك العسل، فإن في إحضاره كلفة، وفي ثمنه كثرة. والله تعالى أعلم.

(43)

ومن باب: التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلَّتها

البُدن: جمع بدنة، وهي العظيمة الجسم. ومنه: بَدُن الرجل، بدانةً؛ أي: كثر لحمه. وقد تقدَّم ذلك.

ص: 415

وَأَلَّا أُعطِيَ الجَزَّارَ مِنهَا قَالَ: نَحنُ نُعطِيهِ مِن عِندِنَا. . . وَفِي رِوَايَةٍ: في المساكين.

رواه أحمد (1/ 132)، والبخاري (1716)، ومسلم (1317)، وأبو داود (1769)، وابن ماجه (3099).

ــ

وأمره صلى الله عليه وسلم بالتصدق بلحوم البدن، وجلودها، وأجلتها؛ دليل: على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع؛ لأنه عطفها على اللحم وحكم لها بحكمه. وقد اتفق على أن لحمها لا يُباع، فكذلك الجلود والجلال. وكان ابن عمر يكسو جلالها الكعبة، فلما كسيت الكعبة تصدق بها، أخذًا منه بهذا الحديث. وممن صار إلى منع بيع جلودها عطاء، والنخعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق؛ وقالوا: يتصدق وينتفع بها. وروي عن ابن عمر؛ أنه قال: لا بأس أن يبيع جلد هديه ويتصدق بثمنه. وروي هذا عن أحمد، وإسحاق. وكان أبو ثور يرخص في بيعه. وقال النخعي، والحكم: لا بأس أن يشتري به المنخل وشبهه.

وقوله: (ولا أعطي الجازر منها)؛ يدل على أنه لا تجوز المعاوضة على شيء منها؛ لأن الجزار إذا عمل عمله استحق الأجرة على عمله، فإن دفع له شيء منها كان ذلك عوضًا على فعله، وهو بيع ذلك الجزء منها بالمنفعة التي عملها، وهي الجزر. والجمهور: على أنه لا يعطى الجازر منها شيئًا، تمسُّكًا بالحديث. وكان الحسن البصري، وعبد الله بن عمير لا يريان بأسًا أن يعطى الجزار الجلد.

وقوله: (نحن نعطيه من عندنا)؛ مبالغة في سد الذريعة، وتحقيق للجهة التي تجب عليها أجرة الجازر؛ لأنه لما كان الهدي منفعته له تعينت أجرة التي تتم به تلك المنفعة عليه.

وفيه أبواب من الإجارة، وحكمها (1).

(1) في (ج) و (هـ) وأحكامها.

ص: 416

[1171]

وَعَن جَابِرَ قَالَ: اشتَرَكنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الحَجِّ، وَالعُمرَةِ كُلُّ سَبعَةٍ فِي بَدَنَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: أَيُشتَرَكُ فِي البَدَنَةِ بمَا يُشتَرَكُ فِي الجَزُورِ؟ قَالَ: مَا هِيَ إِلَّا مِن البُدنِ، وَحَضَرَ جَابِرٌ الحُدَيبِيَةَ قَالَ: نَحَرنَا يَومَئِذٍ سَبعِينَ بَدَنَةً، اشتَرَكنَا كُلُّ سَبعَةٍ فِي بَدَنَةٍ.

رواه أحمد (3/ 304)، ومسلم (1318)(353)، وأبو داود (2807 و 2808)، والنسائي (7/ 222).

ــ

وفيه دليل على تجليل البدن. وهو ما مضى عليه عمل السلف، ورآه أئمة العلماء: مالك، والشافعي، وغيرهما. وذلك بعد إشعار الهدي؛ لئلا تتلطَّخ الجلال. وهي على قدر سعة المهدي؛ لأنها تطوع غير لازم، ولا محدود. قال ابن حبيب: منهم من كان يُجلِّل الوشي، ومنهم من يُجلَّل الحبر (1)، والقباطي، والملاحف، والأُزُر. وتجليلها: ترفيه لها، وصيانة، وتعظيم لحرمات الله، ومباهاة على الأعداء من المخالفين، والمنافقين. قال مالك: وتشق على الأسنمة إن كانت قليلة الثمن لئلا تسقط، وما علمت من ترك ذلك إلا ابن عمر استبقاء للثياب؛ لأنه كان (2) يُجلِّل الجلال المرتفعة من الأنماط، والبرود، والحِبَر. قال مالك: أما الحلل فتنزع لئلا يخرقها الشوك. قال: وأحب إلي إن كانت الجلال مرتفعة أن يترك شقُّها، ولا يجللها حتى تغدو من عرفات. ولو كانت بالثمن اليسير فتشق من حيث يُحرم. وهذا في الإبل، والبقر دون الغنم.

وقول جابر: (اشتركنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة): مع: هذه متعلقة بمحذوف، تقديره: كائنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصح أن يكون متعلقًا به اشتركنا؛ لأنه كان يلزم منه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم واحدًا من سبعةٍ

(1) في (هـ): الخز.

(2)

زيادة من (هـ) و (ج).

ص: 417

[1172]

وعن أبي الزُّبَيرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَن حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَأَمَرَنَا إِذَا أَحلَلنَا أَن نُهدِيَ، وَيَجتَمِعَ النَّفَرُ مِنَّا فِي الهَدِيَّةِ وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُم أَن يَحِلُّوا مِن حَجِّهِم.

رواه مسلم (1319)(354).

ــ

يشتركون في بَدَنَة، وأنهم شاركوه في هديه. والنقل الصحيح بخلاف ذلك؛ كما تقدم في حديث جابر وغيره، وإنما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجتمع السبعة في الهدية من بدنهم. وأحاديث جابر مُصرحة: بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك في الحديبية، وفي حجة الوداع. وبهذه الأحاديث تمسَّك الجمهور من السلف وغيرهم على جواز في الهدي. وممن قال بهذا ابن عمر، وأنس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاوس، وسالم، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، حكاه ابن المنذر. قال: وقد روينا عن ابن عباس: أنه قال: البدنة عن سبعة، وإن تمتعوا. وبه قال عطاء، وطاوس، وعمرو بن دينار، والثوري، والشافعي. قال: وقد روينا عن سعيد بن المسيب: أنه قال: تجزئ الجزور عن عشرة. وبه قال إسحاق.

قلتُ: وظاهر ما حكاه ابن المنذر: أنهم اشتركوا في الثمن، وأنهم سوّوا في ذلك بين الهدي الواجب والتطوّع، من غير تقييد، ولا تفصيل. قد فصل غيره الخلاف فقال: إن الشافعي يجيزه في الواجب، وإن كان بعضهم يريد اللحم، وبعضهم يريد الفدية. وأبو حنيفة يجيزه إذا أراد جميعهم الفدية؛ حكاه الإمام أبو عبد الله، وقال: عندنا في التطوع قولان. قال ابن المنذر، وقال مالك: لا يشترك في شيء من الهدي، ولا من البدن، ولا النسك في الفدية، ولا في شيء مما ذكرناه.

قلت: وكأن هذا الذي صار إليه مالك مستنده قول الله تعالى: {فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَديِ} وأقل ما يطلق عليه اسم الهدي شاة، ولم يقل فيه أحدٌ هو جزءٌ مُسمَّى من اللحم. وقوله تعالى:{فَفِديَةٌ مِن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ}

ص: 418

[1173]

وعَن جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالعُمرَةِ، وَنَذبَحُ البَقَرَةَ عَن سَبعَةٍ، نَشتَرِكُ فِيهَا.

رواه مسلم (1318)(355)، وأبو داود (2807)، والترمذي (904)، والنسائي (7/ 222).

ــ

وقد فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم النسك بشاة في حديث كعب بن عجرة (1)، فكان ذلك أقل ما ينطلق عليه الاسم، فكأن هو المتعيِّن، ولأنهم قد اتفقوا: على أنه لا يجوز في الهدايا المريض البيِّن المرض، ولا المعيب بنقص عضو. وإذا كان كذلك مع صدق الاسم عليه فأحرى وأولى ألا يجوز جزءٌ من اللحم. واعتذر عن حديث جابر: بأن ذلك كان في التطوع. وهو مستند أحد القولين المتقدمين، وليس بالمشهور عن مالك. وبأن تلك الأحاديث ليس فيها تصريح بالاشتراك في الثمن، فلعلَّه قصد التشريك في الثواب، أو التشريك في قسمة الجزور، حتى تقسم البدنة أو الجزور سبع قسم بين سبعة نَفَر. والله أعلم.

وقد أشار إلى هذا جابر فقال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحللنا أن نهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية، فإنه مشعر بأن التشريك إنما وقع بعد انفراد المهدي بالهدي، فتأمله.

وهذا الخلاف إنما هو في الإبل والبقر. وأما الغنم: فلا يجوز الاشتراك فيها اتفاقًا. وقد قدمنا أن اسم البدنة مأخوذ من البدانة. وهي عِظَم الجسم. وأن الجزور من الجزر، وهو: القطع. وأن الجزور من الإبل، والجزرة من الغنم. وقد فرق في حديث جابر بين البدن والجزور؛ لأنه أراد بالبدنة ما ابتدئ هديه عند الإحرام. وبالجزور ما اشتري بعد ذلك للنحر. فكأنه ظهر للسائل: أن شأن هذه، أخف في أمر الاشتراك مما أهدي من البدن. فأجابه بما معناه: أن الجزور لما اشتريت للنسك صار حكمها حكم البدن.

قلت: وقد سمعت من بعض مشايخنا: أن البدنة في هذا الحديث من الإبل.

(1) رواه أبو داود (1860).

ص: 419

[1174]

وعنه، قَالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن عَائِشَةَ بَقَرَةً يَومَ النَّحرِ.

وفي رواية: نَحَرَ عَن نِسَائِهِ بَقرَةً فِي حِجَتِهِ.

رواه مسلم (1319)(356 و 357).

[1175]

وعَن زِيَادِ بنِ جُبَيرٍ، أَنَّ ابنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يَنحَرُ بَدَنَتَهُ بَارِكَةً، فَقَالَ: ابعَثهَا قِائمة مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ نَبِيِّكُم.

رواه البخاري (1713)، ومسلم (1320)، وأبو داود (1768).

* * *

ــ

والجزور فيه من البقر. وكأن السائل سأله عن البقرة؛ هل يشترك فيها سبعة؛ كما يشترك في البدنة؟ فقال: هي منها في الحكم المسؤول عنه. وكأن هذا السائل لم يسمع في هذا ذكر البقر، فسأل عنها، والله أعلم.

وقوله: (ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة)؛ هذا لأنها أردفت، كما قدَّمنا، والله تعالى أعلم. ويحتمل أن يكون تطوّع بها عنها.

وقوله في الرواية الأخرى: (نحر عن أزواجه بقرة)؛ أي: بقرة، بقرة عن كل واحدة؛ بدليل الرواية المتقدمة عن عائشة.

وقوله في الروايتين: (نحر وذبح)؛ دليل على جواز كل واحد منهما في البقر، وسيأتي.

وقوله: (ابعثها قائمة مقيدة، سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم)؛ أخذ به كافة العلماء، في استحباب ذلك. وبه فُسِّر قوله تعالى:{فَاذكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلَيهَا صَوَافَّ} إلا أبا حنيفة، والثوري؛ فإنهما أجازا أن ينحرهما باركة وقيامًا. وشذ عطاء، فخالف، واستحب نحرها باركة معقولة. والحديث حجة عليهم.

ص: 420