الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو
[989]
عَن أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا المُفطِرُ، قَالَ: فَنَزَلنَا مَنزِلاً فِي يَومٍ حَارٍّ، أَكثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الكِسَاءِ، وَمِنَّا مَن يَتَّقِي الشَّمسَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ المُفطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبنِيَةِ، وَسَقَوا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذَهَبَ المُفطِرُونَ اليَومَ بِالأَجرِ.
رواه البخاري (2890)، ومسلم (1119)(100)، والنسائي (4/ 182).
[990]
وعن أبي سعيد الخدري، قَالَ: سَافَرنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
(12)
ومن باب: الفطر أفضل لمن تأهب للقاء العدو
قوله: (أكثرنا ظلاًّ صاحب الكساء)؛ يعني: أنهم لم يكن لهم فساطيط ولا أخبية. و (يتقي الشمس بيده): يستتر منها. و (الأبنية): جمع بناء؛ يعني بها: الخصوص. و (الركاب): الإبل.
وقوله: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر)؛ يعني: أنهم لما قاموا بوظائف ذلك الوقت، وما يحتاج إليه فيه؛ كان أجرهم على ذلك أكثر من أجر من صام ذلك اليوم، ولم يقم بتلك الوظائف.
وفيه ردٌّ على من يقول: إن المسافر لا يصح صومه.
إِلَى مَكَّةَ وَنَحنُ صِيَامٌ قَالَ: فَنَزَلنَا مَنزِلاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُم قَد دَنَوتُم مِن عَدُوِّكُم وَالفِطرُ أَقوَى لَكُم، وَكَانَت رُخصَةً فَمِنَّا مَن صَامَ، وَمِنَّا مَن أَفطَرَ، ثُمَّ نَزَلنَا مَنزِلاً آخَرَ، فَقَالَ: إِنَّكُم مُصَبِّحُو عَدُوِّكُم، وَالفِطرُ أَقوَى
ــ
وقوله: (إنكم قد دنوتم من عدوِّكم والفطر أقوى لكم)؛ دليل على أن حفظ القوة بالفطر أفضل لمن هو منتظر (1) للقاء العدوِّ.
وقوله: (فكانت رخصة)؛ يعني: أنهم لم يفهموا من هذا الكلام الأمر بالفطر، ولا الجزم به. وإنما نبَّه به على أن الفطر أولى لمن خاف الضعف.
وسُمِّي هذا: رخصة بناء على أن كل مكلف مخاطب بصوم رمضان، كما قد أفهمه قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ} أو بالنسبة إليهم؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم قد صام من حين خروجه من المدينة، وصام الناس معه إلى أن بلغ الكديد، كما تقدَّم، فلما خاف عليهم الضعف نبههم على جواز الفطر، وأنه الأفضل. فسُمي ذلك رخصة بالنسبة إلى ترك ما كانوا قد اختاروه من الصوم، ولما فهموا: أن هذا من باب الرُّخص كان منهم من هو موفور القوة فصام، وكان منهم من خاف على نفسه فأفطر.
ثم بعد ذلك قال لهم: (إنكم مُصَبِّحو عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا). قال: (وكانت عزمة)؛ أي: أنهم فهموا من أمره بالفطر أنه جزم، ولا بدَّ منه، وأنه واجب، فلم يصم منهم أحد عند ذلك فيما بلغنا، ولو قدر هنالك صائم لاستحقوا أن يقال لهم:(أولئك العصاة).
وقد حمل بعض علمائنا قوله: (أولئك العصاة) على هذا، بناءً على أن منهم من صام بعد الأمر بالفطر. ولم يسمع ذلك في حديث مروي، وإنما هو تقدير من هذا القائل.
(1) في (هـ): مستنظر.
لَكُم فَأَفطِرُوا، وَكَانَت عَزمَةً فَأَفطَرنَا، ثُمَّ لَقَد رَأَيتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ.
رواه مسلم (1120)، وأبو داود (2406)، والترمذي (712 و 713)، والنسائي (3/ 188 - 189).
[991]
وَعَن أَبي الدَّردَاءِ قال: لَقَد رَأَيتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعضِ أَسفَارِهِ فِي يَومٍ شَدِيدِ الحَرِّ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ مِن شِدَّةِ الحَرِّ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ.
رواه البخاري (1944)، ومسلم (1122)(109)، وأبو داود (2409)، وابن ماجه (1663).
* * *
ــ
وقوله: ثم لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر، دليل على أن الصوم هو الأصل والأفضل، وأن الفطر إنما كان لعلّة وسبب، ولما زال ذلك رجع (1) إلى الأفضل، والله تعالى أعلم.
وقوله: (وما منا أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة)؛ يدل على أن الصوم أفضل، كما قد صار إليه مالك، ومن سمينا معه.
* * *
(1) ساقط من (ع).