المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

إِنِّي لَأَرجُو أَن أَكُونَ أَخشَاكُم لِلَّهِ وَأَعلَمَكُم بِمَا أَتَّقِي.

رواه أحمد (6/ 67 و 156)، ومسلم (1110)، وأبو داود (2389).

* * *

(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

[979]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: (وَمَا أَهلَكَكَ) قَالَ: وَقَعتُ عَلَى امرَأَتِي فِي

ــ

فذلك الحكم متروك عند جمهور العلماء بظاهر القرآن، وبصحيح الأحاديث. والخلاف فيه من قبيل الخلاف الشاذ المتقدم.

(9)

ومن باب: كفارة من أفطر متعمدًا في رمضان

(قول المجامع في رمضان: هلكت! احترقت! )؛ استدل به الجمهور على أنه كان متعمدًا، وقصروا الكفارة على المتعمد دون الناسي، وهو مشهور قول مالك وأصحابه. وذهب أحمد، وبعض أهل الظاهر، وعبد الملك، وابن حبيب: إلى إيجابها على الناسي. وروي ذلك عن عطاء ومالك متمسكين بترك استفسار النبي صلى الله عليه وسلم السائل، وإطلاق الفتيا مع هذا الاحتمال. وهذا كما قاله الشافعي في الأصول: ترك الاستفصال مع الاحتمال يتنزل منزلة العموم في المقال. وهذا ضعيف؛ لأنه يمكن أن يقال: إنه ترك استفصاله لأنه قد تبين حاله، وهو: أنه كان عامدًا، كما يدل عليه ظاهر قوله:(هلكت! واحترقت).

ص: 169

رَمَضَانَ قَالَ: (هَل تَجِدُ مَا تُعتِقُ رَقَبَةً؟ ) قَالَ: لَا قَالَ: هَل تَستَطِيعُ أَن تَصُومَ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَهَل تَجِدُ مَا تُطعِمُ سِتِّينَ مِسكِينًا؟ قَالَ: لَا

ــ

وقوله: (هل تجد ما تعتق رقبة)، رقبة: نصب على البدل من (ما) الموصولة (1)، وهي مفعولة بتجد. وإطلاق الرقبة يقتضي جواز الكافرة، وهو مذهب أبي حنيفة، وجواز المعيبة، وهو مذهب داود، والجمهور على خلافهما؛ فإنهم شرطوا في إجزاء الرقبة بالإيمان، بدليل تقييدها به في كفارة القتل، وهي مسألة حمل المطلق على المقيد، المعروفة في الأصول، وبدليل: أن مقصود الشرع الأول بالعتق تخليص الرِّقاب من الرق؛ ليتفرغوا إلى عبادة الله، ولنصر المسلمين. وهذا المعنى مفقود في حق الكافر، وقد دلَّ على صحة هذا المعنى قوله في حديث السوداء:(أعتقها فإنها مؤمنة)(2).

وأما العيب: فنقص في المعنى وفي القيمة، فلا يجوز له؛ لأنه في معنى عتق الجزء كالثلث، والربع. وهو ممنوع بالاتفاق.

وقوله: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ) تستطيع: تقوى وتقدر. والتتابع: التوالي. وهو حجة للجمهور في اشتراط التتابع في الكفارة على ابن أبي ليلى؛ إذ لم يشترطه.

وقوله: (فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا)؛ حجة للجمهور في اشتراط عدد الستين على الحسن؛ إذ قال: يطعم أربعين. وعلى أبي حنيفة؛ إذ يقول بجواز إعطاء طعام ستين مسكينًا لمسكين واحد. وهو أصله في هذا الباب.

(1) في (ع): الموصوفة.

(2)

رواه أحمد (5/ 448)، ومسلم (537)، والنسائي (3/ 14) من حديث معاوية بن الحكم السُّلَمي.

ص: 170

قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمرٌ، فَقَال: تَصَدَّق بِهَذَا قَالَ: على أَفقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَينَ لَابَتَيهَا أَهلُ بَيتٍ أَحوَجُ إِلَيهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

ــ

وقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (اجلس)؛ انتظار منه لوجه يتخلص به مما حصل فيه، أو ليوحى إليه في ذلك.

وقوله: (فأتي النبي صلى الله عليه وسلم (1) بعرَق فيه تمر)؛ العرَق، بفتح الراء لا غير، وسُمِّي بذلك لأنه جمع عرقة، وهي الظفيرة من الخوص، وهو الزِّنبيل، بكسر الزاي على رواية الطبري، وبفتح الزاي لغيره، وهما صحيحان. وسُمِّي بذلك لأنه يحمل فيه الزبل، ذكره ابن دريد. وهذا العرق تقديره عندهم: خمسة عشر صاعًا، وهو مفسر في الحديث، وقد تقدَّم: أن الصاع أربعة أمداد. فيكون مبلغ أمداد العرق ستين مدًّا، ولهذا قال الجمهور: إن مقدار ما يدفع لكل مسكين من الستين مُدّ.

وفيه حجة للجمهور على أبي حنيفة، والثوري؛ إذ قالا: لا يجزئ أقل من نصف صاع لكل مسكين.

وقوله: (تصدَّق بهذا)؛ يلزم منه أن يكون قد ملكه إياه؛ ليتصدق به عن كفارته، ويكون هذا كقول القائل: أعتقت عبدي عن فلان، فإنه يتضمن سبقية الملك عند قوم. وأباه أصحابنا، مع الاتفاق على أن الولاء للمعتق عنه، وأن الكفارة تسقط بذلك.

وقوله: (على أفقر منا؟ ) هو محذوف همزة الاستفهام. تقديره: أَعَلَى أفقر منا؟ والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: أنتصدق به على أحدٍ أفقر منا؟ وقد جاء في طريق أخرى: بحذف على، والرواية فيه حينئذ بالنصب على إضمار الفعل: أتجد أفقر منا؟ وقد يجوز رفعه على خبر مبتدأ؛ أي: أأحدٌ أفقر منا؟ واللابتان: حرتا المدينة، وقد تقدم.

وضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجب من حاله، وسرعة

(1) ما بين حاصرتين من التلخيص.

ص: 171

حَتَّى بَدَت أَنيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذهَب فَأَطعِمهُ أَهلَكَ.

رواه أحمد (2/ 281)، والبخاري (2600)، ومسلم (1111)(81)، وأبو داود (2891).

ــ

قسمه، وإغيائه في ذلك.

والأنياب: جمع ناب، وهي الأسنان الملاصقة للثنايا، وهي: أربعة.

وقوله: (اذهب فأطعمه أهلك)؛ تخيل قوم من هذا الكلام سقوط الكفارة عن هذا الرجل. فقالوا: هو خاص به. وليس فيه ما يدل على ذلك. بل نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين له ما يترتب على جنايته من الكفارة لزم الحكم، وتقرر في الذمِّة، ثم لما تبين من حال هذا: أنه عاجز عن الكفارة سقط عنه القيام بما لا يقدر عليه في تلك الحال، وبقي الحكم في الذمة على ما رتبه أولاً، فبقيت الكفارة عليه إلى أن يستطيع شيئًا من خصالها. وهذا مذهب الجمهور، وأئمة الفتوى. وقد ذهب الأوزاعي، وأحمد: إلى أن حكم من لم يجد الكفارة من سائر الناس سقوطها عنه. ولم يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لقضاء ذلك اليوم، ولذلك قال بسقوط القضاء عنه طائفة من أهل العلم. وأنه ليس عليه إلا الكفارة.

والجمهور على لزوم القضاء مع الكفارة؛ إذ الصوم المطلوب منه لم يفعله، فهو باقٍ عليه، كالصلوات وغيرها إذا لم تُفعَل بشروطها.

ويتم النظر في هذا الحديث برسم مسائل اختلف فيها:

الأولى: إن هذه الكفارة هل هي على الجاني وحده؟ وهذا كما هو مذهب الجمهور. أو عنه وعن موطوءته؟ كما صار إليه الشافعي وأهل الظاهر. وليس في الحديث ما يدل على ذلك، لكن الحديث إنما تعرض للرَّجل، وسكت عن المرأة، فيؤخذ حكمها من دليل آخر. ولعله إنما سكت عنها؛ لأنها كانت غير صائمة؛ لأنها طهرت من حيضتها في أضعاف اليوم، أو كتابية.

وعلى الجملة: فحالها مجهول، ولا سبيل إلى التحكم بأنها كانت مكرهة، أو مختارة أو غير ذلك.

ص: 172

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومشهور مذهب مالك في المكرهة: أن مكرهها يكفر عنها؛ لأنه هتكَ صومين بالنسبة إليها وإليه. فكأنه هتك يومين. قال سحنون: لا شيء عليه لها ولا عليها. وبه قال أبو ثور، وابن المنذر، ولم يختلف المذهب في أن عليها القضاء.

المسألة الثانية: إن قوله: (هل تجد؟ ) وبعده: (فهل تستطيع؟ ) وبعده: (فهل تجد ما تطعم؟ ) ظاهر هذا: الترتيب في هذه الخصال. بدليل عطف الجمل بالفاء المرتبة المعقبة. وإليه ذهب الشافعي، والكوفيون، وابن حبيب من أصحابنا. وذهب مالك وأصحابه: إلى التخيير في ذلك، إلا أنه استحب الإطعام لشدَّة الحاجة إليه، وخصوصًا بالحجاز. واستدل أصحابنا لمذهبهم بحديث أبي هريرة الآتي بعد هذا، وهو: أنه قال: أفطر رجل في رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا. فخيره بـ (أو) التي هي موضوعة للتخيير.

المسألة الثالثة: هذه الكفارة، هل هي خاصة بمن أفطر بالجماع؟ وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وجماعة من السَّلف، أو هل يلحق بذلك كل هاتك لصوم نهار رمضان بأي وجه كان من أكل، أو شرب، أو غيره؟ وهو مذهب مالك وجماعة. واستدل أصحابنا بحديث أبي هريرة الآتي، وبالنظر إلى المعنى. وتحقيقه في الفروع، وبسط ذلك في الفقه.

المسألة الرابعة: ذهب جمهورهم: إلى أن الكفارة ثلاثة أنواع، كما جاء في الحديث. وذهب الحسن وعطاء: إلى أن المكفر إن لم يجد رقبة أهدى بدنة إلى مكة. قال عطاء: أو بقرة. وتمسَّكوا بما رواه مالك في الموطأ من مرسل سعيد بن المسيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ )(1) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تهدي بدنة؟ ) قال: لا (2). والصحيح: المسند من الأحاديث، وليس

(1) ساقط من (ع).

(2)

رواه مالك في الموطأ (1/ 297).

ص: 173

[980]

وعنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلاً أَفطَرَ فِي رَمَضَانَ أَن يُعتِقَ رَقَبَةً، أَو يَصُومَ شَهرَينِ، أَو يُطعِمَ سِتِّينَ مِسكِينًا.

رواه البخاري (6164)، ومسلم (1111)(84).

[981]

وعن عَائِشَةَ قالت: أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَسجِدِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! احتَرَقتُ احتَرَقتُ. فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَأنُهُ؟ فَقَالَ: أَصَبتُ أَهلِي. قَالَ: تَصَدَّق. فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا لِي شَيءٌ، وَمَا أَقدِرُ عَلَيهِ قَالَ: اجلِس فَجَلَسَ فَبَينَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ أَقبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا عَلَيهِ طَعَامٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَينَ المُحتَرِقُ آنِفًا؟ فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ــ

فيه شيء من ذلك.

وقوله: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا)؛ هذا هو متمسك أصحابنا: على أن الكفارة معلقة على كل فطر قُصد به هتك الصيام، على ما تقدَّم.

ووجه استدلالهم: أنه علق الكفارة على من أفطر مجردًا عن القيود، فيلزم مطلقًا، وهذا على قول الشافعي في مسألة ترك الاستفصال. فإن قيل: فهذا الحديث هو الحديث الأول، والقضية واحدة فترد إليها، قلنا: لا نسلم. بل هما قضيتان مختلفتان؛ لأن مساقهما مختلف. وهذا هو الظاهر، والله تعالى أعلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة: (تصدق)، ولم يذكر غيره؛ دليل لمالك على اختياره الطعام. بل وظاهر هذا الحديث: الاقتصار عليه. وهو أيضًا ظاهر قول مالك في المدونة، فإنه قال: قلت: وكيف الكفارة في قول مالك؟ قال: الطعام، لا يعرف غير الطعام، لا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام.

ص: 174