الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين
[859]
عَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: خَرَجتُ لَيلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَمشِي وَحدَهُ، لَيسَ مَعَهُ إِنسَانٌ، قَالَ: فَظَنَنتُ أَنَّهُ يَكرَهُ أَن يَمشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَجَعَلتُ أَمشِي فِي ظِلِّ القَمَرِ، فَالتَفَتَ فَرَآنِي، فَقَالَ: مَن هَذَا؟ فَقُلتُ: أَبُو ذَرٍّ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: يا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَه، قَالَ: فَمَشَيتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ:(إِنَّ المُكثِرِينَ هُمُ المُقِلُّونَ يَومَ القِيَامَةِ، إِلا مَن أَعطَاهُ اللهُ خَيرًا، فَنَفَخَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَينَ يَدَيهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيرًا)، قَالَ: فَمَشَيتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ:(اجلِس هَاهُنَا)، قَالَ: فَأَجلَسَنِي فِي قَاعٍ حَولَهُ حِجَارَةٌ، فَقَالَ لِي:(اجلِس هاهُنَا حَتَّى أَرجِعَ إِلَيكَ)، قَالَ: فَانطَلَقَ فِي الحَرَّةِ حَتَّى لا أَرَاهُ فَلَبِثَ عَنِّي، فَأَطَالَ اللَّبثَ، ثُمَّ إِنِّي سَمِعتُهُ وَهُوَ مُقبِلٌ، وَهُوَ يَقُولُ:(وَإِن سَرَقَ وَإِن زَنَى)، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَم أَصبِر، فَقُلتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، مَن تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الحَرَّةِ؟ مَا سَمِعتُ أَحَدًا
ــ
(5)
ومن باب: الحضّ على الصدقة
قوله: نفح - بالفاء والحاء المهملة -، ومعناه: أعطى، وأصله: الرمي بالشيء. ويمينه، وشماله، وبين يديه، ووراءه؛ كلُّها منصوبة على الظرف، معمولة لنفح، وذكر هذه الجهات كناية عن كثرة العطاء، فكأنه يعطي السُّؤَّال من أي جهة أتوه.
والقاع: المستوي من الأرض في انخفاض. والحرّة: الصحراء ذات الحجارة السود، وجمعها: حرات. وقد تقدّم الكلام على قوله: (وإن زنى وإن سرق) في كتاب الإيمان.
يَرجِعُ إِلَيكَ شَيئًا. قَالَ: (ذَاكَ جِبرِيلُ عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الحَرَّةِ، فَقَالَ: بَشِّر أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَن مَاتَ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، فَقُلتُ: يَا جِبرِيلُ! وَإِن سَرَقَ وَإِن زَنَى؟ قَالَ: نَعَم، قَالَ: قُلتُ: وَإِن سَرَقَ وَإِن زَنَى؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: قُلتُ: وَإِن سَرَقَ وَإِن زَنَى؟ قَالَ: نَعَم. وَإِن شَرِبَ الخَمرَ).
رواه أحمد (6/ 395)، والبخاري (2388)، ومسلم (94/ 32)، والترمذي (2644)، والنسائي (1120) عمل اليوم والليلة.
[860]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنَ اللهَ قَالَ لِي: أَنفِق أُنفِق عَلَيكَ).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَمِينُ اللهِ مَلأَى لا يَغِيضُهَا،
ــ
وقوله: (يمين الله ملأى)؛ كذا صحت الرواية، وهي الصواب. ومن رواها ملآن فقد أخطأ، فإن اليمين اسم اليد، واليد مؤنثة. ونسبة اليمين إلى الله تعالى نسبة مجازية توسعية، عُبِّر بها عن كثرة العطاء، والقدرة عليه، [وحمل على هذه الاستعارة عادة التخاطب وحصول التفاهم](1)، ومنه قوله تعالى:{لأَخَذنَا مِنهُ بِاليَمِينِ} واليد: عبارة عن القدرة، وتسميتها باليمين: على ما تعارفناه فيما بيننا من أن القوة والبطش والتصرف إنما هو باليمين؛ ولأنه مشتق من اليمن والبركة.
وكذلك قال في حديث آخر: (وكلتا يديه يمين)(2)؛ نافيًا لتوّهم النقص والقصور في حقه تعالى.
وكذلك كل ما أطلق على الله تعالى؛ مما يدل على الجوارح والأعضاء؛ كالأعين والأيدي والجنب والأصبع، وغير ذلك مما يلزم من ظاهره التجسيم، الذي تدل العقول بأوائلها على استحالته، فهي كلها
(1) ساقط من (ع).
(2)
رواه مسلم (1827).
سَحَّاءُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيتُم مَا أَنفَقَ مُنذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرضَ، فَإِنَّهُ لَم يَغِض مَا فِي يَمِينِهِ، قَالَ: وَعَرشُهُ عَلَى المَاءِ،
ــ
متأولة في حقه تعالى؛ لاستحالة حملها على ظواهرها (1).
وقوله: (سحاء) بالمد والهمز والرفع، على أنه خبر بعد خبر. والليل والنهار منصوبان على الظرف، متعلقان بما في سحاء من معنى الفعل، وهي الرواية المشهورة. وعند أبي بحر: سحاء منصوبًا منوَّنا على أنه مصدر صدره محذوف، يدل عليه قوة الكلام، كأنه قال: تَسُحّ سحًّا. ويكون من باب قوله:
ما إن تَمَسَّ الأرض إلا منكب
…
منه وحرف الساق طيَّ المحمل
والسح: الصبّ الكثير، كما قال امرؤ القيس (2):
فدمعهما سَكبٌ وسحٌّ وديمة (3)
…
. . . . . . . . . . . . .
ويغيضها: ينقصها. يقال: غاض الماء، وغضته، متعديا ولازما. وفاعله مضمر تدل عليه المشاهدة. تقديره: لا ينقصها شيء. وقد جاء هذا المضمر مظهرا في رواية ابن نمير. فقال: لا يغيضها شيء.
ووقع عند الطبري في حديث عبد الرزاق: لا يغيضها سحُّ الليل والنهار، برفع سح على أنه فاعل يغيضها.
وخفض الليل والنهار بالإضافة: على التوسع، كما قالوا: يا سارقَ الليلةِ أهل الدار.
وقوله: (وعرشه على الماء): العَرش: السرير في أصل اللغة، وهو من
(1) مذهبُ السلف أنهم يُثبتون لله تعالى ما أثبت لنفسه، من غير تأويل ولا تجسيد، وهو الأسلم.
(2)
اسم الشاعر من (هـ) و (ل).
(3)
عجز البيت: وَرَشٌّ وتَوْكافٌ وتَنْهَمِلانِ.
وَبِيَدِهِ الأُخرَى القَبضَ، يَرفَعُ وَيَخفِضُ).
ــ
الرفع كما تقدّم. وليس معناه في حق الله تعالى السرير، ولا المَحَلّ؛ إذ لو كان كذلك لكان محمولاً، ولكان مفتقرًا، ويلزم منه حدوثه، وإنما العرش المضاف إليه عبارة عن موجود عظيم، هو أعظم المخلوقات. خلقه الله على الماء، فاستولى عليه، بمعنى: أنه سخَّره كيف شاء.
قال كعب في قوله تعالى: {وَكَانَ عَرشُهُ عَلَى المَاءِ} إن الله تعالى بدأ الخلق ياقوتة خضراء، فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء، ثم خلق عرشه عليه. وقال ابن عباس: وكان عرشه على الماء؛ أي: فوقه؛ إذ لم يخلق سماء ولا أرضًا.
وظاهر هذا الحديث: أن العرش حالة إخباره صلى الله عليه وسلم هو على الماء كما قال كعب، وظاهر كلام ابن عباس: أنه لما خلق السماوات والأرض، أضيفت فوقية العرش إليهما.
وقوله: (وبيده الأخرى القبض)؛ ولم يقل اليسرى، ولا الشمال، اجتنابًا لما تضمنته ألفاظهما، ونفيًا لتوهم النقص؛ ولذلك قال:(وكلتا يديه يمين). ويفهم من إضافة اليدين إليه تعالى: قدرته على [المخلوقات](1).
والقيض - بالقاف والياء باثنتين من أسفل. والقبض في الرواية الأولى: هو نقيض البسط، ولذلك اكتفى بذكره عن البسط، وصار هذا كقوله:(بِيَدِكَ الخَيرُ)، اكتفى به عن ذكر نقيضه، وهو الشرّ. ويكون هذا الحديث مثل قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَقبِضُ وَيَبسُطُ} ؛ أي: يقبض الأرزاق، والأرواح، والقلوب، والأمور كلها، بالقبض اللائق بها (2). ويبسطها ببسطها اللائق بها.
وقوله: (يرفع ويخفض)؛ أي: يعلي ويضع، ويعز ويذل، ويفعل ما يريد من الشيء ونقيضه.
(1) في (هـ) و (ط): المختلفات.
(2)
في (هـ) و (ظ): به.
رواه أحمد (2/ 242 و 500)، والبخاري (4684)، ومسلم (993)(36)، والترمذي (3045)، وابن ماجه (197).
[861]
وَعَن ثَوبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَفضَلُ دِينَارٍ يُنفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل، وَدِينَارٌ يُنفِقُهُ عَلَى أَصحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ). قَالَ أَبُو قِلابَةَ: وَبَدَأَ بِالعِيَالِ وَأَيُّ رَجُلٍ أَعظَمُ أَجرًا مِن رَجُلٍ يُنفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُم أَو يَنفَعُهُمُ اللهُ بِهِ وَيُغنِيهِم.
رواه أحمد (5/ 279 و 284)، ومسلم (994)، وابن ماجه (2760).
[862]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دِينَارٌ أَنفَقتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنفَقتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقتَ بِهِ عَلَى مِسكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنفَقتَهُ عَلَى أَهلِكَ، أَعظَمُ أَجرًا الَّذِي أَنفَقتَهُ عَلَى أَهلِكَ.
رواه مسلم (995).
[863]
وَعَن أَنَسَ بنَ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلحَةَ أَكثَرَ أَنصَارِيٍّ
ــ
وقوله - في الدنانير المنفقة في طرق الخير -: (أعظمها أجرًا الذي تنفقه على أهلك)؛ هذا محمول على ما إذا استوت الحالة في الأهل والأجنبي، فلو كان أحدهما أحوج أو أوكد (1) لكان المنفق في الأوكد أعظم أجرًا، فإذا استوت المراتب، فترتيب الأعظم كما وقع في الحديث.
(1) في (ظ) و (هـ): آكد.
بِالمَدِينَةِ مَالاً، وَكَانَ أَحَبُّ أَموَالِهِ إِلَيهِ بَيرَحَاء وَكَانَت مُستَقبِلَةَ المَسجِدِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدخُلُهَا وَيَشرَبُ مِن مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَموَالِي إِلَيَّ بَيرَحَاء، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرجُو بِرَّهَا وَذُخرَهَا عِندَ اللهِ، فَضَعهَا يَا رَسُولَ اللهِ! حيث شِئتَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
وقوله في حديث أبي طلحة: وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، رويت هذه اللفظة بكسر الباء بواحدة، وبفتح الراء وضمها وبمدها، وقصرها، فالنصب على أنه خبر كان، وحينئذ ترفع أحب على أنه اسمها، ورفع بير على أنه اسم كان، وحينئذ تنصب أحب على أنه خبرها. فأما مد حاء وقصرها فلغتان، وهو حائط نخل سمي بهذا الاسم، بموضع يعرف بقصر بني جديلة (1)، وليس ببئر؛ ولذلك قال الباجي: قرأت هذه اللفظة على أبي ذر الهروي بنصب الراء على كل حال، وعليه أدركت أهل العلم والحفظ بالمشرق. وقال لي الصوري: بيرحاء؛ بنصب الراء، قال: وبالرفع قرأناه على شيوخنا الأندلسيين.
وقد روى هذا الحرف في الأم: حماد بن سلمة: بَرِيحَاء بكسر الراء وفتح الباء.
وقوله تعالى: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قال الحسن: لن تكونوا أبرارًا حتى تبذلوا كبير أموالكم.
أبو بكر الوراق: لن تنالوا برِّي بكم حتى تبروا إخوانكم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الجنَّة. وقال مجاهد (2): ثواب البر.
(1) من (ظ) ومعجم البلدان (1/ 524). وفي (ع): خالد. وفي (هـ) و (ل): خويلد.
(2)
في (ع): مقاتل.
(بَخ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَد سَمِعتُ مَا قُلتَ فِيهَا، وَإِنِّي أَرَى أَن تَجعَلَهَا فِي الأَقرَبِينَ)، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
ــ
وقوله: (بخ)؛ بالإسكان والكسر من غير تنوين، وبالتنوين، وقد ذكر الأحمر (1) فيها التشديد. وقد روي فيها الرفع. وقال بعضهم: فإذا كرَّرت فالاختيار فيها التحريك والتنوين في الأول، والتسكين في الثاني.
قال أبو بكر: معناه: تعظيم الأمر وتفخيمه. وسكنت الخاء فيه كما سكنت اللام في هل وبل. ومن قال بخ بالخفض والتنوين شبهه بالأصوات، كصَهٍ ومَهٍ، وقال ابن السكيت: بَخٍ، بَخ وبَهٍ وبه.
وقوله: (ذلك مال رابح)؛ المشهور: رابح بالباء بواحدة من الربح. ووصف المال بالرابح؛ لأنه بسببه يربح، كما قال تعالى:{فَمَا رَبِحَت تِجَارَتُهُم} وهذا مذهب العرب في لابن وتامر؛ أي: ذو لبن وتمر، كما قال النابغة:
كليني لهمٍّ يا أُمَيمةَ ناصبِ (2)
…
. . . . . . . . . . .
أي: ذو نصب.
وقد روي: رايح، بالياء باثنتين، اسم فاعل من راح، ومعناه: قربت الفائدة. وقيل: غير بعيد. وقال ابن دينار: يروح أجره عليه في الآخرة. وقال غيره: يروح عليه كلما أثمرت الثمار.
وفي هذا الحديث أبواب من الفقه:
منها: صحة الصدقة المطلقة، والحبس المطلق، وهو الذي لم يعين مصرفه، وبعد هذا يعين.
ومنها: صحة الوكالة؛ لقوله: (ضعه حيث شئت).
(1) هو خلف الأحمر.
(2)
وعجزه: وليلٍ أقاسيه بطيء الكواكب.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ اجعَلهَا فِي قَرَابَتِكَ، قَالَ: فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانَ بنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بنِ كَعبٍ.
رواه أحمد (3/ 141)، والبخاري (1461)، ومسلم (998).
[864]
وَعَن أَبِي مَسعُودٍ البَدرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنَّ المُسلِمَ إِذَا أَنفَقَ عَلَى أَهلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحتَسِبُهَا كَانَت لَهُ صَدَقَةً).
رواه أحمد (4/ 120 و 122)، والبخاري (55)، ومسلم (1002)، والنسائي (5/ 69).
* * *
ــ
ومنها: إطلاق لفظ الصدقة بمعنى الحُبُس.
وقد روي: أنها بقيت وقفًا بأيدي بني عمّه. وبه احتج غير واحد من العلماء على جواز تحبيس الأصول على الكوفيين. لكن قد روي من طريق صحيحة: أن حسَّان باع نصيبه من معاوية، فقيل له: تبيع صدقة أبي طلحة؟ فقال: ألا أبيع صاعًا من تمر بصاع من دراهم؟ وعلى هذا فلا يكون فيه ما يدل على صحة الوقف.
ومنها: مراعاة القرابة، وإن بَعُدوا في النسب؛ إذ بين أبي طلحة وحسَّان وأُبيّ آباء كثيرة، وإنما يجتمعان مع أبي طلحة في عمرو بن مالك بن النجار، [وهو السابع من آبائهم. وقال أبو عمر: إن حسَّان يجتمع معه في حرام]، وهو الجد الثالث، وأُبيّ يجتمع معه في عمرو، وهو الجد السابع، إلى غير ذلك، فتأمل ما فيه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفق نفقة على أهله)؛ أي: على زوجته وولده. ومعنى يحتسبها: أي يقصد بها ثواب الله.