المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

قِيلَ: مَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ! قَالَ: مُؤمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا، ثُمَّ سَدَّدَ.

رواه أحمد (2/ 368)، ومسلم (1891)(130 و 131)، وأبو داود (2495).

* * *

(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

[1359]

عَن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخطُومَةٍ، وقَالَ: هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَكَ بِهَا يَومَ القِيَامَةِ سَبعُمِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخطُومَةٌ.

رواه أحمد (4/ 121)، ومسلم (1892)، والنسائي (6/ 49).

ــ

أن بعضَ الكفار يجتمعُ ببعض المؤمنين في النار، فيقولون لهم: ما أغنى عنكم إيمانكم ولا عبادتكم؛ إذ أنتم معنا. فيضجُ المؤمنون إلى الله تعالى حتى يخرجوا، فإذا خرجوا، وتفقدهم الكافرون، فلم يروهم، قال بعضُهم لبعضِ:{مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُم مِنَ الأَشرَارِ * أَتَّخَذنَاهُم سِخرِيًّا أَم زَاغَت عَنهُمُ الأَبصَارُ} وقيل في الآية غير هذا. والله تعالى أعلم.

(43)

ومن باب: فضل الجهاد في سبيل الله

قوله: (جاء رجل بناقةٍ مخطومةٍ)؛ أي: عليها خطامها؛ أي: زمامها (1).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة، كلها مخطومة)؛ هذه الحسنةُ

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

ص: 726

[1360]

وفي رواية: فَقَالَ: إِنِّي أُبدِعَ بِي فَاحمِلنِي. فَقَالَ: مَا عِندِي. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَن يَحمِلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن دَلَّ عَلَى خَيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجرِ فَاعِلِهِ.

رواه أحمد (5/ 273)، ومسلم (1893)، وأبو داود (5129)، والترمذي (2671).

ــ

مما ضوعف إلى سبعمائة ضعف، وهو أقصى الأعداد المحصورة؛ التي تضاعف الحسنات إليها. وهذا كما قال تعالى:{كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَت سَبعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} وبقي بعد هذا المضاعفة من غير حصر، ولا حدّ، وهي مفهومة من قوله تعالى:{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} (1)

وقوله: (إني أبدع بي)؛ أي: أهلكت راحلتي، وانقطع بي، وهو رباعي، مبني لما لم يسم فاعله. وقد وقع لبعض الرواة:(بُدِّعَ) على فُعِّل مشدد العين. وليس بمعروف في اللغة.

وقوله: (احملني)؛ أي: أعطني ما أتحمل عليه، أي: أحمل رحلي، وأرتحل عليه.

وقوله: (من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله)؛ ظاهر هذا اللفظ: أن للدَّال من الأجر ما يساوي أجر الفاعل المنفق. وقد ورد مثل هذا في الشرع كثيرًا؛

(1) جاء في هامش (ج 2) ما يلي:

تتميم: (قوله سبعمئة ناقة) يحتمل أن يكون على ظاهره، فتكون له في الجنة يركبها. ويحتمل أن تكون إشارة إلى تضعيف الحسنات. وسُمِّي الثواب باسم الحسنة.

ويُقوِّي الأول قوله: مخطومة. وقوله: سبعمئة موافق لقوله صلى الله عليه وسلم في تضعيف الحسنات إلى سبعمئة ضعف. والأصل في ذلك قوله تبارك وتعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261].

ص: 727

[1361]

وعَن أَنَسِ: أَنَّ فَتًى مِن أَسلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ

ــ

كقوله: (من قال مثل ما يقول المؤذن كان له مثلُ أجره)(1)، وكقوله فيمن توضأ وخرجَ إلى الصلاة فوجد الناس قد صلَّوا:(أعطاه الله من الأجرِ مثل أجر من حضرها، وصلَاّها)(2). وهو ظاهرُ قوله تعالى: {وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدرِكهُ المَوتُ فَقَد وَقَعَ أَجرُهُ عَلَى اللَّهِ} وهذا المعنى يمكنُ أن يقال فيه (3)، ويصار إليه بدليل: أن الثوابَ على الأعمال إنما هو تفضل من الله تعالى، فيهبه لمن يشاء على أي شيءٍ صدر عنه، وبدليل: أنَّ النية هي أصلُ الأعمال، فإذا صحَّت في فعل طاعةٍ فعجز عنها لمانعٍ منع منها فلا بُعدَ في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل، أو يزيد عليه، وقد دلَّ على هذا: قوله صلى الله عليه وسلم: (نية المؤمن خير من عمله)(4)، ولقوله:(إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًّا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر)(5). وأنص ما في هذا الباب حديث أبي كبشة الأنماري؛ الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما الدنيا لأربعة نفر: رجل آتاه الله تعالى مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربَّه، ويصل به (6) رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل. ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالًا، فهو يقولُ: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعَمَلِ (7) فلانٍ، فهو بنيته، فأجرهما سواء، ورجلٌ آتاه الله مالًا، ولم يؤته علمًا؛

(1) رواه أحمد (2/ 352)، والنسائي (2/ 24)، والحاكم (1/ 204)، وابن حبان (1667) بلفظ:"من قال مثل ما قال هذا يقينًا دخل الجنة".

(2)

رواه أبو داود (564)، والنسائي (2/ 111).

(3)

في (م) و (ج 2): به.

(4)

رواه الطبراني في الكبير (6/ 228)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 255).

(5)

رواه أحمد (3/ 103)، والبخاري (2839)، وأبو داود (2508)، وابن ماجه (2764).

(6)

في (م) و (ج 2): فيه.

(7)

في (م): فعلت فيه بفعل.

ص: 728

الغَزوَ، وَلَيسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ. قَالَ: ائتِ فُلَانًا، فَإِنَّهُ قَد كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ. فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: أَعطِنِي الَّذِي

ــ

فهو لا يتقي فيه ربَّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبث المنازل. ورجل لم يؤته الله مالًا ولا علمًا؛ فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، ووزرهما سواء) (1).

وقد ذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور في هذه الأحاديث إنما هو بغير تضعيف. قال: لأنه يجتمع في تلك الأشياء أفعال أخر، وأعمال كثيرة من البر، لا يفعلها الدَّال الذي ليس عنده إلا مجرد النية الحسنة. وقد قال صلى الله عليه وسلم للقاعد:(أيُّكم خلف الخارج في أهله وماله بخير فله مثل نصف أجر الخارج)(2)، وقال:(لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما)(3).

قلت (4): ولا حجة في هذا الحديث لوجهين:

أحدهما: إنا نقول بموجبه، وذلك أنه لم يتناول محل النزاع، فإن المطلوب (5) إنما هو: أن الناوي للخير المعوق عنه، له مثل أجر الفاعل من غير تضعيف. وهذا الحديث إنما اقتضى مشاركة ومشاطرة في المضاعف، فانفصلا.

وثانيهما: أن القائم على مال الغازي، وعلى أهله نائبٌ عن الغازي في عمل لا يتأتى للغازي غزوه إلا بأن يكفى ذلك العمل، فصار كأنه يُباشر معه الغزو،

(1) رواه أحمد (4/ 231).

(2)

رواه مسلم (138)، وأبو داود (2510)، وابن حبان (4629). وما بين حاصرتين مستدرك من مصادر التخريج.

(3)

رواه مسلم (1896).

(4)

بين هذا الباب والباب الذي بعده تحت عنوان: باب البعوث ونيابة الخارج، تداخل في الشرح.

(5)

في (ج 2): الدعوة.

ص: 729

تَجَهَّزتَ بِهِ، قَالَ: يَا فُلَانَةُ، أَعطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزتُ بِهِ، وَلَا تَحبِسِي عَنهُ شَيئًا، فَوَاللَّهِ لَا تَحبِسِن مِنهُ شَيئًا فَيُبَارَكَ الله لَكِ فِيهِ.

رواه مسلم (1894)، وأبو داود (2780).

[1362]

وعَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: مَن جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَد غَزَا، وَمَن خَلَفَهُ فِي أَهلِهِ بِخَيرٍ فَقَد غَزَا.

ــ

فليس مُقتصرًا على النية فقط، بل هو عامل في الغزو، ولما كان كذلك كان له مثل أجر الغازي كاملًا، وافرًا، مضاعفًا، بحيث إذا أضيف ونسب إلى أجر الغازي كان نصفًا له، وبهذا يجتمعُ معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(من خلف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا)، وبين معنى قوله في اللفظ الأول:(فله مثل نصف أجره)، والله تعالى أعلم.

وعلى هذا يحمل قوله: (والأجر بينهما) لا أن النائبَ يأخذ نصف أجر الغازي، ويبقى للغازي النصف، فإن الغازيَ لم يطرأ عليه ما يوجبُ تنقيصًا لثوابه، وإنَّما هذا كما قال:(من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجر الصائم، لا ينقصه من أجره شيء)(1). والله تعالى أعلم.

وعلى هذا فقد صارت كلمةُ (نصف) مقحمةً هنا بين (مثل) و (أجر) وكأنها زيادةٌ مِمَّن تسامَحَ في إيراد اللفظ، بدليل قوله:(والأجر بينهما)، ويشهد له ما ذكرناه، فَليُتنبَّه له، فإنه حَسَن. وأمَّا من تحقق عجزه، وصدقت نيتُه، فلا ينبغي أن يختلف في: أن أجره مضاعف كأجر العامل المباشر؛ لما تقدَّم، ولما خرَّجه النسائيُّ من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقومَ يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى يصبح؛ كان له ما نوى، وكان نومُه صدقة عليه)(2).

و(جهاز الغازي): ما يحتاج إليه في غزوه من العدّة والسلاح والنفقة وغير ذلك.

(1) رواه أحمد (4/ 114 - 115)، والترمذي (807)، وابن ماجه (1746).

(2)

رواه النسائي (3/ 258)، وابن ماجه (1344).

ص: 730