المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) باب لا يستحق القاتل السلب بنفس القتل - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(8) باب لا يستحق القاتل السلب بنفس القتل

سَيفِي، فَضَرَبتُ رَأسَ الرَّجُلِ فَنَدَرَ، ثُمَّ جِئتُ بِالجَمَلِ أَقُودُهُ، عَلَيهِ رَحلُهُ وَسِلَاحُهُ، فَاستَقبَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَالَ: مَن قَتَلَ الرَّجُلَ؟ . قَالَوا: ابنُ الأَكوَعِ، قَالَ لَهُ: سَلَبُهُ أَجمَعُ.

رواه أحمد (4/ 46 و 49)، ومسلم (1754)، وأبو داود (2654).

* * *

(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

[1271]

عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ قَالَ: بَينَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَومَ بَدرٍ، نَظَرتُ عَن يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَينَ غُلَامَينِ مِن الأَنصَارِ، حَدِيثَةٍ أَسنَانُهُمَا، تَمَنَّيتُ لَو كُنتُ بَينَ أَضلَعَ مِنهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا

ــ

وفيه: قتل الجاسوس، ولا خلاف في ذلك إذا لم يكن معاهدًا، أو مسلمًا. والمعاهد يقتل عندنا وعند الأوزاعي لنقضه العهد. وقال معظم الفقهاء: لا يكون ذلك نقضًا، وأما المسلم فالجمهور على أن الإمام يجتهد فيه. وقال كبار أصحاب مالك: أنه يقتل، واختلف في قبول توبته على ثلاثة أقوال، يفرق في الثالث بين أن يكون معروفًا بذلك أو لا.

وفيه التنويه بأهل الفضائل، ومعرفة حق من فيه فضل وغناء.

(8)

ومن باب: لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

قوله: (تمنيت لو كنت بين أضلع منهما)؛ كذا الرواية، بالضاد المعجمة، والعين المهملة، ووقع في بعض روايات البخاري:(أصلح) بالحاء، والصاد، مهملتين، من الصلاح، والأول أصوب. ومعنى (أضلع): أقوى، والضلاعة:

ص: 547

فَقَالَ: يَا عَمِّ، هَل تَعرِفُ أَبَا جَهلٍ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَم، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيهِ يَا ابنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخبِرتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن رَأَيتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعجَلُ مِنَّا، قَالَ: فَتَعَجَّبتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ فَقَالَ مِثلَهَا، قَالَ: فَلَم أَنشَب أَن نَظَرتُ إِلَى أَبِي جَهلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسأَلَانِ عَنهُ، قَالَ:

ــ

القوة. ومنه قولهم: هل يدرك الظالع شأو الضليع - بالضاد -؛ أي: القوي، والظالع - بالظاء المشالة -: هو الذي أصابه الظلع، وهو ألَمٌ يأخذ الدَّابة في بعض قوائمها. وكأنه استضعفهما (1) لصغر أسنانهما.

وقوله: (لا يفارق سوادي سواده)؛ أي: شخصي شخصه. وأصله: أن الشخص يرى على البعد أسود. والله تعالى أعلم.

وقوله: (حتى يموت الأعجل منَا)؛ أي: الأقرب أجلًا، وهو كلام مستعمل يفهم منه: أنه يلازمه، ولا يتركه إلى وقوع الموت بأحدهما. وصدور مثل هذا الكلام في حالة الغضب والانزعاج يدل على صحة العقل، وثبوت الفهم، والتثبت العظيم في النظر في العواقب؛ فإن مقتضى الغضب أن يقول: حتى أقتله؛ لكن العاقبة مجهولة.

وقوله: (فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس)؛ معنى لم أنشب: لم أشتغل بشيء. وهو من: نشب بالشيء؛ إذا دخل فيه، وتعلَّق به. و (يزول)؛ أي: يجول ويضطرب في المواضع، ولا يستقر على حال. وهو فعل من يعبئ الناس، ويحرضهم. أو فعل من أخذه الزويل، وهو: الفزع والقلق. والأول أولى؛ لرواية ابن ماهان لهذا الحرف: (يجول) بالجيم.

(1) في (ج): استصغرهما.

ص: 548

فَابتَدَرَاهُ، فَضَرَبَاهُ بِسَيفَيهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخبَرَاهُ فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ . فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا: أَنَا قَتَلتُهُ، فَقَالَ: هَل مَسَحتُمَا سَيفَيكُمَا؟ . قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيفَينِ فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ.

ــ

وقوله: (هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين فقال: كلاكما قتله)؛ هذا يدل على: أن للإمام أن ينظر في شواهد الأحوال ليترجح عنده قول أحد المتداعيين، وذلك أن سؤاله عن مسح السيفين إنما كان لينظر إن كان تعلق بأحدهما من أثر الطعام (1) أو الدَّم ما لم يتعلق بالآخر، فيقضي له، فلما رأى تساويَ سيفيهما في ذلك قال:(كلاكما قتله)، ومع ذلك فقضى بالسلب لأحدهما، فكان ذلك أدل دليل على صحة ما قدَّمناه من مذهب مالك، وأبي حنيفة. وقد اعتذر المخالفون عن هذا الحديث بأوجه:

منها: أن هذا منسوخ بما قاله يوم حنين. وهو فاسد لوجهين:

أحدهما: أن الجمع بينهما ممكن. كما قدمناه، فلا نسخ.

والثاني: أنَّه قد روى أهل السِّير وغيرهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: (من قتل قتيلًا فله سلبه)؛ كما قال يوم حنين. وغايته: أن يكون من باب تخصيص العموم على ما قلناه.

ومنها: أن بعض الشافعية قال: إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنه استطاب نفس أحدهما. وهذا كلام غير محصل، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيب الأنفس بما لا يحل. ثم كيف يستطيب نفس هذا بإفساد قلب الآخر؟ هذا مما لا يليق بذوي المروءات، فكيف بخاتم النبوات؟ !

ومنها: أنه لعله أن يكون رأى على سيف أحدهما من الأثر ما لم ير على الآخر، فأعطاه السلب لذلك، وقال:(كلاكما قتله) تطييبًا لقلب الآخر. وهذا

(1) كذا في جميع النسخ، وفي إكمال إكمال المعلم للأبي: الطعان.

ص: 549

وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بنِ عَمرِو بنِ الجَمُوحِ، وَالرَّجُلَانِ: مُعَاذُ بنُ عَمرِو بنِ الجَمُوحِ، وَمُعَاذُ بنُ عَفرَاءَ.

رواه أحمد (1/ 192 - 193)، والبخاري (3141)، ومسلم (1752).

[1272]

وعَن عَوفِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِن حِميَرَ رَجُلًا مِن العَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيهِم، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَوفُ بنُ مَالِكٍ فَأَخبَرَهُ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: مَا مَنَعَكَ أَن تُعطِيَهُ

ــ

يبطله قوله: (كلاكما قتله). والقتل هو السبب عند القائل. وظاهره التسوية في القتل؛ فإن القائل إذا قال لمخاطبيه: كلاكما قال، أو كلاكما خرج، فظاهره المشاركة فيما نسب إليهما. ثم يلزم هذا القائل أن يجوّز على رسول الله صلى الله عليه وسلم التورية في الأحكام. والقول بذلك باطل، وحرام.

وقوله: (والرجلان: معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء)؛ هكذا الصحيح، وقد جاء في البخاري من حديث ابن مسعود: أن ابني عفراء ضرباه حتى برك. وكأن هذا وهم من بعض الرواة لحديث ابن مسعود. وسبب هذا الوهم: أن عفراء هذه من بني النجار، أسلمت وبايعت، وكان أولادها سبعة، كلهم شهد بدرًا، وكانت عند الحارث بن رفاعة، فولدت له: معاذًا، ومعوّذًا، ثم طلقها، فتزوَّجها بكير بن عبد ياليل، فولدت له: خالدًا، وإياسًا، وعاقلًا، وعامرًا، ثم راجعها الحارث، فولدت له عوفًا، فشهدوا كلهم بدرًا. فكأنه التبس على بعض الرُّواة عاذ بن عمرو بن الجموح بمعاذ بن عفراء وبمعوذ بن عفراء عند السكوت عن ذكر عمرو والد معاذ. والله تعالى أعلم.

وفي البخاري ومسلم: أن ابن مسعود هو الذي أجهز على أبي جهل

ص: 550

سَلَبَهُ؟ . قَالَ: استَكثَرتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ادفَعهُ إِلَيهِ. فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَل أَنجَزتُ لك مَا ذَكَرتُ لك عِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاستُغضِبَ، فَقَالَ: لَا تُعطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعطِهِ

ــ

واحتزَّ رأسه بعد أن جرى له معه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقول عوف بن خالد: (هل أنجزت لك ما ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ) كلام فيه نوع من التقصير، والتهكم بمنصب الإمارة، والإزراء عليه، ولذلك غضب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك حين سمعه، ثم أمضى ما فعله خالد بقوله:(لا تعطه يا خالد! )، ونوَّه به، وعظم حرمته بقوله:(هل أنتم تاركو لي أمرائي؟ ! ) وهذا يدل دلالة واضحة على: أن السَّلب لا يستحقه القاتل بنفس القتل، بل برأي الإمام ونظره، كما قدَّمناه.

وقوله: (ادفعه إليه)؛ هو أمر على جهة الإصلاح ورفع التنازع، فلما صدر من عوف ما يقتضي الغض من منصب الإمارة أمضى ما رآه الأمير؛ لأنه لم يكن للقاتل فيه حق. وهذا نحو مما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بماء الزبير، حيث نازعه الأنصاري في السقي، فقال صلى الله عليه وسلم:(اسق يا زبير! وأرسل الماء إلى جارك)، فأغضب الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم، فقال للزبير:(اسق يا زبير! وأمسك الماء حتى يبلغ الجدر)، فاستوفى للزبير حقه (1).

وهذا الحديث من أصعب الأحاديث على القائل بأن السَّلب يستحقه القاتل بنفس القتل.

و(استغضب) هو مبني لما لم يسم فاعله؛ أي: أغضب، زيدت فيه السين والتاء، ومعناه: خلق فيه الغضب عندما سمع ما كرهه شيئا فشيئا، والله تعالى أعلم.

(1) رواه أحمد (4/ 4 و 5)، والبخاري (2359 و 2360)، ومسلم (2357).

ص: 551

يَا خَالِدُ، هَل أَنتُم تَارِكُو لِي أُمَرَائِي؟ إِنَّمَا مَثَلُكُم وَمَثَلُهُم كَمَثَلِ رَجُلٍ استُرعِيَ إِبِلًا أَو غَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقيَهَا، فَأَورَدَهَا حَوضًا، فَشَرَعَت فِيهِ

ــ

وقوله: (هل أنتم تاركو لي أمرائي)؛ هكذا الرواية بإسقاط النون من (تاركو)، ولحذفها وجهان:

أحدهما: أن يكون استطال الكلمة كما استطيلت كلمة الاسم الموصول، كما قال تعالى:{وَخُضتُم كَالَّذِي خَاضُوا} على أحد القولين. وكما قال الشاعر:

ابني كليب إن عمي اللذا

قتلا الملوك وفكك الأغلالا

والوجه الثاني (1): أن يكون (أمرائي) مضافًا، وأقحم الجار والمجرور بين المضاف والمضاف إليه، ويكون هذا من نوع قراءة ابن عامر:(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم)، بنصب (أَولادُهُم)، وخفض (شُرَكَائهِم)(2)، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وأكثر ما يكون هذا النوع في الشعر، كما أنشده سيبويه:

كما خط الكتاب بكف يومًا

يهودي يقارب أو يزيل

وكما أنشد:

فزججتها بمزجة

زجّ القلوص أبي مزاده

ويفهم من هذا الحديث: احترام الأمراء، وترك الاستطالة عليهم.

وقوله: (استرعي رعية)؛ أي: كلف رعيها ورعايتها، وهذا مثال مطابق

(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).

(2)

ساقط من (ع).

ص: 552