الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس
[906]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيسَ المِسكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقمَةُ وَاللُّقمَتَانِ وَالتَّمرَةُ وَالتَّمرَتَانِ) قَالُوا: فَمَا المِسكِينُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (الَّذِي لا يَجِدُ غِنًى يُغنِيهِ وَلا يُفطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيهِ وَلا يَسأَلُ النَّاسَ شَيئًا).
رواه أحمد (2/ 260 و 469)، والبخاري (1476)، ومسلم (1039)(102)، وأبو داود (1631)، والنسائي (5/ 84 - 85).
[907]
وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لا تَزَالُ المَسأَلَةُ
ــ
(20)
ومن باب: من أحق باسم المسكنة
المسكين مِفعِيل من السكون، فكأنه من عدم المال سكنت حركاته ووجوه مكاسبه، ولذلك قال تعالى: أَو مِسكِينًا ذَا مَترَبَةٍ؛ أي: لاصقًا بالتراب. وعند الأصمعي: أنه أسوأ حالاً من الفقير. وعند غيره: عكس ذلك. وقيل: هما اسمان لمسمى واحد.
ومعنى قوله: (ليس المسكين بالطَّواف عليكم. . .)، إلى آخره؛ أي: الأحق باسم المسكين هذا الذي لا يجد غنى، ولا يتصدّق عليه، وهذا كقوله:(ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)(1)، ومثل هذا كثير.
(1) رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
بِأَحَدِكُم حَتَّى يَلقَى اللهَ وَلَيسَ فِي وَجهِهِ مُزعَةُ لَحمٍ).
رواه البخاري (1474)، ومسلم (1040)، والنسائي (5/ 94).
[908]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَن سَأَلَ النَّاسَ أَموَالَهُم تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسأَلُ جَمرًا، فَليَستَقِلَّ أَو لِيَستَكثِر).
رواه أحمد (2/ 231)، ومسلم (1541)، وابن ماجه (1838).
ــ
وقوله: (وليس في وجهه مُزعة لحم)؛ أي: قطعة لحم، ومنه: مَزَعَت المرأة الصوف، إذا قطعته لتهيئه للغزل، وتمزَّع أنفه؛ أي: تشقَّق. وهذا كما قيل في الحديث الآخر: (المسائل كدوح، أو خدوش، يخدش بها الرجل وجهه يوم القيامة)(1). وهذا محمول على كل من سأل سؤالاً لا يجوز له، وخصَّ الوجه بهذا النوع؛ لأن الجناية به وقعت، إذ قد بذل من وجهه ما أُمر بصونه عنه، وتصرف به في غير ما سوِّغ له.
وقوله: (من سأل الناس أموالهم تكثرًا)؛ أي: استكثارًا منها من غير حاجة ولا ضرورة.
وقوله: (فإنما يسأل جمرًا)؛ أي: يعذب بحسب مسائله التي هي غير جائزة.
وقوله: (فليستكثر من ذلك أو ليستقلل)، هو أمر على جهة التهديد، أو على جهة الإخبار عن مآل حاله. والمعنى أنه يُعاقب عن القليل من ذلك والكثير.
(1) رواه أبو داود (1639)، والنسائي (5/ 100)، والترمذي (681) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
[909]
وَعَنهُ، قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لأَن يَغدُوَ أَحَدُكُم فَيَحتطِبَ عَلَى ظَهرِهِ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ وَيَستَغنِيَ بِهِ مِنَ النَّاسِ خَيرٌ مِن أَن يَسأَلَ رَجُلاً أَعطَاهُ أَو مَنَعَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ اليَدَ العُليَا أَفضَلُ مِنَ اليَدِ السُّفلَى، وَابدَأ بِمَن تَعُولُ).
رواه أحمد (2/ 475)، ومسلم (1042)، والترمذي (680).
[910]
وَعَن عَوفُ بنُ مَالِكٍ الأَشجَعِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِندَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِسعَةً أَو ثَمَانِيَةً أَو سَبعَةً فَقَالَ: (أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ ). وَكُنَّا حَدِيثَي عَهدٍ بِبَيعَةٍ فَقُلنَا: قَد بَايَعنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ! ثُمَّ قَالَ: (أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ ) فَقُلنَا: قَد بَايَعنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ:(أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ ). قَالَ: فَبَسَطنَا أَيدِيَنَا، وَقُلنَا: قَد بَايَعنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَعَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: (عَلَى أَن تَعبُدُوا اللهَ وَلا تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَالصَّلَوَاتِ الخَمسِ، وَتُطِيعُوا الله. وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً. وَلا تَسأَلُوا النَّاسَ شَيئًا) فَلَقَد رَأَيتُ بَعضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسقُطُ سَوطُ أَحَدِهِم فَمَا يَسأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ.
رواه أحمد (6/ 27)، ومسلم (1043)، وأبو داود (1642)، والنسائي (1/ 229)، وابن ماجه (2867).
* * *
ــ
وأخذه صلى الله عليه وسلم على أصحابه في البيعة: (ألا يسألوا أحدًا شيئًا)، حَملٌ منه على مكارم الأخلاق، والترفع عن تحمّل مِنَن الخلق وتعليم الصبر على مضض الحاجات، والاستغناء عن الناس، وعزّة النفوس.
ولما أخذهم بذلك التزموه في جميع الأشياء، وفي كل الأحوال، حتى فيما لا تلحق فيه مِنَّة، طردًا للباب، وحسمًا للذرائع.