المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) باب في قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال} - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(6) باب في قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال}

(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

[1265]

عَن مُصعَبِ بنِ سَعدٍ، عَن أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَت فِيَّ أَربَعُ آيَاتٍ: أَصَبتُ سَيفًا، فَأَتَيت بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَلتَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفِّلنِيهِ، قَالَ:

ــ

كل ذلك عن هذه الأمة، وأحل لهم غنائمهم، وقربانهم، رفقًا بهم، ورحمة لهم، كما قال صلى الله عليه وسلم:(ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا)، وجعل ذلك من خصائص هذه الأمة؛ كما قال:(فلم تحل الغنائم لأحدٍ قبلنا)، وقد جاء في الكتب القديمة: أن من خصائص هذه الأمة: أنهم يأكلون قربانهم في بطونهم. وما جرى لهذا النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه في أخذ (1) الغلول آية شاهدة على صدقه، وعلى عظيم مكانته عند ربِّه. وفي حديثه أبواب من الفقه لا تخفى على فطن. والله أعلم.

(6)

ومن باب: قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

قول سعدٍ: (نزلت فيَّ أربعُ آيات)، ولم يذكر غير آية واحدة هنا، وقد جاءت الثلاثة الباقية مبيّنة في كتاب مسلم، وسيأتي.

وقوله: (نفلنيه)؛ أي: أعطني إيَّاه. قال لبيد:

إن تقوى ربنا خيرُ نَفَل

وبإذن الله رَيثِي والعجل (2)

ومنه سُمي الرَّجل نوفلًا لكثرة عطائه. ويكون النفل أيضًا: الزيادة. ومنه نوافل الصلوات، وهي الزوائد على الفرائض.

(1) ساقطة من (ع).

(2)

في جميع النسخ والديوان: وعجل، وما أثبتناه من اللسان. وفي (ج) و (ع) واللسان والديوان: ريثي. وفي باقي النسخ: (ربّي). والرَّيث: الإبطاء.

ص: 534

ضَعهُ. ثُمَّ قَامَ. فَقَالَ: نَفِّلنِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أو أجعل كمن لا غناء له؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ضعه من حيث أخذته. قَالَ: فَنَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ

ــ

وقوله: (أو أُجعل كمن لا غناء له)؛ الرِّواية الصحيحة بفتح الواو، ومن سكَّنها غلط؛ لأنها الواو الواقعة بعد همزة الاستفهام، ولا تكون إلا مفتوحة. وأما (أو) الساكنة: فلا تكون إلا لأحد الشيئين. وهذا الاستفهام من سعد على جهة الاستبعاد والتعجب من أن ينزل من ليس في شجاعته منزلته، لا على جهة الإنكار، لأنه لا يصح، ولا يحل الإنكار على النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما ممن يكون في منزلة سعد، ومعرفته بحق النبي صلى الله عليه وسلم، واحترامه له.

و(الغناء) بفتح الغين، والمد: النفع. و (الغِنى) - بكسر الغين والقصر -: كثرة المال.

وقوله: (فنزلت هذه الآية: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}؛ يقتضي أن يكون ثمَّ سؤال عن حكم الأنفال، ولم يكن هنالك سؤال عن ذلك على ما يقتضيه هذا الحديث، ولذلك قال بعض أهل العلم: إن (عن) صلة. ولذلك قرأ ابن مسعود بغير (عن): (يسألونك عن الأنفال). وقال بعضهم: إن (عن) بمعنى (مِن)؛ لأنه إنما سأل شيئًا معينًا، وهو السيف، وهو من الأنفال.

و(الأنفال): جمع نفل - بفتح الفاء -؛ كجمل وأجمال، ولبن وألبان.

وقد اختلف في المراد بالأنفال هنا في الآية؛ هل هي الغنائم؟ لأنها عطايا، أو هي مما ينفل من الخمس بعد القسم؟ وكذلك اختُلف في أخذ سعد لهذا السيف؛ هل كان أخذه له من القبض قبل القسم، أو بعد القسم؟ (1) وظاهر قوله:(ضعه حيث أخذته): أنه قبل القسم؛ لأنه لو كان أخذه له بعد القسم لأمره أن يرده إلى من صار إليه في القسم.

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع) و (ج).

ص: 535

قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية.

رواه أحمد (1/ 185)، ومسلم (1748)(34)، وأبو داود (208)، والترمذي (3189).

ــ

وقوله تعالى: {قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ؛ ظاهره إن حملنا الأنفال على الغنائم؛ أن الغنيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست مقسومة بين الغانمين. وبه قال ابن عباس وجماعة. ورأوا: أنها منسوخة بقوله تعالى: {وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية، وظاهرها: أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين. وقد روي عن ابن عباس أيضًا: أنها محكمة، غير منسوخة، وأن للإمام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن شاء؛ لما يراه من المصلحة. وقيل: هي مخصوصة بما شذّ من المشركين إلى المسلمين من: عبدٍ، أو أمَةٍ، أو دابةٍ. وهو قول عطاء، والحسن. وقيل: المراد بها: أنفال السَّرايا. والأولى: أن الأنفال المذكورة في هذه الآية هي ما ينفله الإمام من الخمس؛ بدليل قوله تعالى: {وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} ولا يصح الحكم بالنسخ؛ إذ الجمع بين الآيتين ممكن، ومتى أمكن الجمع فهو أولى من النسخ (1)، باتفاق الأصوليين. وقال مجاهد في الآية: إنها محكمة، غير منسوخة، وأن المراد بالأنفال: ما ينفله الإمام من الخمس. وعلى هذا: فلا نفل إلا من الخمس، ولا يتعين الخمس إلا بعد قسمة الغنيمة خمسة أخماس، وهو المعروف من مذهب مالك، وقد روي عن مالك: أن الأنفال من خمس الخمس. وهو قول ابن المسيب، والشافعي، وأبي حنيفة، والطبري. وأجاز الشافعي النفل قبل إحراز الغنيمة، وبعدها. وهو قول أبي ثور، والأوزاعي، وأحمد، والحسن البصري.

وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} ؛ أي: أصلحوا فيما بينكم، وأطيعوا الله ورسوله فيما أمركم

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ز).

ص: 536

[1266]

وعَن ابنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى نَجدٍ، فَخَرَجتُ فِيهَا، فَأَصَبنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، فَبَلَغَت سُهمَانُنَا اثنَي عَشَرَ بَعِيرًا، اثنَي عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بَعِيرًا.

رواه مسلم (1749)(37).

ــ

به من الرضا بما قسم لكم إن كنتم محققين إيمانكم. وهذا يدل على أنهم وقع فيما بينهم شنآنٌ ومنافرةٌ بسبب الغنيمة. ويدل على هذا: ما رواه أبو أمامة الباهلي قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال؟ فقال: فينا - أصحاب بدر - نزلت حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا، وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه علينا على بواء؛ أي: على سواء (1). وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: (من فعل كذا، فله كذا)، فتسارع الشبان، وثبت الشيوخ مع الرَّايات، فلما فتح لهم، جاء الشبان يطلبون ما جعل لهم، فقال لهم الأشياخ: لا تذهبون به دوننا، فقد كنَّا ردءًا لكم، فأنزل الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم} (2).

وقوله: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجد سرية) إلى قوله: (ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بعيرًا)؛ هذه السرية خرجت من جيش بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجد، فلما غنمت قسم ما غنمت على الجيش والسرية، فكانت سهمان؛ كل واحد من الجيش والسَّرية اثني عشر بعيرًا، اثني عشر بعيرًا، ثم زيد أهل السَّرية بعيرًا بعيرًا، فكان لكل إنسان من أهل السَّرية ثلاثة عشر بعيرًا، ثلاثة عشر بعيرًا. بيّن ذلك ونصّ عليه أبو داود من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر (3)، ولهذا قال مالك، وعامة الفقهاء: إن السَّرية إذا خرجت من الجيش فما غنمته كان مقسومًا

(1) رواه أحمد (5/ 322)، والبيهقي (6/ 292 و 315 و 9/ 57)، والحاكم (2/ 136).

(2)

رواه أبو داود (2737 - 2739).

(3)

رواه أبو داود (2741).

ص: 537

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بينها وبين الجيش. ثم إن رأى الإمام أن ينفلهم من الخمس جاز عند مالك، واستُحبّ عند غيره. وذهب الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: إلى أن النفل من جملة الغنيمة بعد إخراج الخمس، وما بقي للجيش، وحديث ابن عمر يرد على هؤلاء، فإنه قال فيه: فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرًا، اثني عشر بعيرًا، ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بعيرًا (1)

وظاهر مساق هذه الرواية: أن الذي قسَّم بينهم، ونفلهم، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين رجعوا إليه. وفي رواية مالك عن نافع:(ونُفِّلُوا بعيرًا بعيرًا)، ولم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن رواية الليث عن نافع:(ونفلوا سوى ذلك بعيرًا بعيرًا، فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي كتاب أبي داود من حديث محمد بن إسحاق عن نافع قال: فأصبنا نعمًا كثيرًا، فنفلنا أميرنا بعيرًا بعيرًا، ثم قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسم علينا غنيمتنا، فأصاب كل إنسان (2) منا اثنا (3) عشر بعيرًا، اثنا عشر بعيرًا، وما حاسَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالذي أعطانا صاحبنا، ولا عاب عليه ما صنع، فكان لكل رجل ثلاثة عشر بعيرًا بنفله (4). وهذا اضطراب في حديث ابن عمر، على أنه يمكن أن تحمل رواية من رفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه لما بلغه ذلك أجازه، وسوَّغه. والله تعالى أعلم. أو تكون رواية عبيد الله عن نافع في الرَّفع وهمًا، وبمقتضى رواية ابن إسحاق عن نافع قال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد كما قدمناه آنفًا من مذهبهم، لكن محمد بن إسحاق كذبه مالك (5)، وضعفه غيره.

(1) رواه مالك في الموطأ (2/ 450).

(2)

في (ع): واحدٍ.

(3)

في (ع): اثني.

(4)

رواه أبو داود (2743).

(5)

انظر الأجوبة التي ذكرها ابن سيد الناس في عيون الأثر (1/ 63 - 67) في الرَّد عمّا =

ص: 538

[1267]

وعنه قَالَ: نَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَلًا سِوَى نَصِيبِنَا مِن الخُمسِ فَأَصَابَنِي شَارِفٌ. وَالشَّارِفُ: المُسِنُّ الكَبِيرُ.

رواه مسلم (1750)(38 و 39).

[1268]

وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَد كَانَ يُنَفِّلُ بَعضَ مَن يَبعَثُه مِن السَّرَايَا لِأَنفُسِهِم خَاصَّةً، سِوَى قَسمِ عَامَّةِ الجَيشِ،

ــ

وقوله: (ونفلنا رسول الله نفلًا سوى نصيبنا من الخمس)؛ هذا المجرور الذي هو (من الخمس) هو في موضع الصفة لـ (نفل)؛ يعني: أنه نفلهم نفلًا من الخمس، وليس في موضع الحال من (نصيبنا)؛ لأنه كان يلزم عليه أن يكون لهم نصيب في الخمس غير النفل، ولم ينقل هذا بوجه، ولا قاله أحدٌ فيما علمته.

و(الشارف): المسن الكبير من النُّوق.

وقوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل بعض من يبعث من السَّرايا)؛ يدل: على أن ذلك ليس حتمًا واجبًا على الإمام، وإنما ذلك بحسب ما يظهر له من المصلحة والتنشيط كما يقوله مالك. وقد كره مالك أن يحرض الإمام العسكر بإعطاء جزء من الغنيمة قبل القتال؛ لما يخاف من فساد النية. وقد أجازه بعض السَّلف، وأجاز النخعي، وبعض العلماء أن ينفل السَّرية جميع ما غنمت. والكافة على خلافه.

= رُمي به ابن إسحاق من الكذب، وبخاصة من مالك، إذ كان قرينًا ومعاصرًا له. ورحم الله تعالى الذهبي حينما قال في ميزان الاعتدال (2/ 202): كلام النُّظراء والأقران ينبغي أن يُتأمَّل ويُتأَنَّى فيه.

ص: 539