المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

[1183]

عَن ابنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الكَعبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ، وَبِلَالٌ، وَعُثمَانُ بنُ طَلحَةَ الحَجَبِيُّ - وفي رواية: ولم يدخلها معهم أحد - فَأَغلَقَهَا عَلَيهِ، ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا، قَالَ ابنُ عُمَرَ: فَسَأَلتُ بِلَالًا حِينَ خَرَجَ:

ــ

(47)

ومن باب: دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة

هذا إنما كان عام الفتح، كما جاء منصوصًا في الرواية الأخرى، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مُحرِمًا يوم الفتح، فلا يستدل به، على أن دخول البيت نُسُك في الحج والعمرة؛ كما ذهب إليه بعضهم. وأما أحاديث حجة الوداع فليس في شيء منها تحقيق: أنه صلى الله عليه وسلم دخل أولا. غير أن أبا داود روى من حديث عائشة رضي الله عنها: أنه صلى الله عليه وسلم خرج من عندها مسرورًا، ثم رجع إليها وهو كئيب، فقال:(إني دخلت الكعبة، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها، إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي)(1)؛ وظاهره: أن ذلك كان في حجة الوداع، غير أن هذا الحديث في إسناده إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصغير، وهو ضعيف. وقد رواه البزار بإسناد آخر، ولا يثبت أيضًا.

وقوله: (فأغلقها عليه)؛ فيه دليل على اختصاص السابق للمنفعة المشتركة بها، ومنعها ممن يخاف تشويشها عليه، وقال الشافعي: فائدة أمره صلى الله عليه وسلم بإغلاقها وجوب الصلاة إلى جدار من جُدُرها، وأنه لو صلى إلى الباب وهو مفتوح؛ لم يجزه؛ لأنه لم يستقبل منها شيئًا. وألزم من مذهبه إبطال هذا؛ لأنه يجيز الصلاة في

(1) رواه أبو داود (2029).

ص: 429

مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: جَعَلَ عَمُودَينِ عَن يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَن يَمِينِهِ، وَثَلَاثَةَ أَعمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَكَانَ البَيتُ يَومَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى.

وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ فَتَحَ البَابَ قَالَ عَبدُ اللَّهِ: فَبَادَرتُ النَّاسَ، فلَقَّيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجًا، وَبِلَالٌ عَلَى أثرِهِ، فَقُلتُ لِبِلَالٍ: هَل صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَم قُلتُ: أَينَ؟ قَالَ: بَينَ العَمُودَينِ، تِلقَاءَ وَجهِهِ، قَالَ: وَنَسِيتُ أَن أَسأَلَهُ كَم صَلَّى.

رواه أحمد (2/ 33 و 55)، والبخاري (505)، ومسلم (1329)(388 و 389)، وأبو داود (2023 و 2025)، والنسائي (2/ 63).

ــ

أرضها لو تهدمت الجدر؛ لاستقباله أرضها. وقيل: إنما أغلقها دونهم لئلا يتأذى بزحامهم. وقيل: لئلا يُصلَّى بصلاته، فتتخذ الصلاة فيها سنة. ولا يلتفت لقول من قال: إنما فعل ذلك لئلا يستدبر شيئًا من البيت، كما وقع في زيادة البخاري عن بعض الرواة؛ لأن الباب إذا أغلق؛ صار كأنه جدار البيت.

وقوله: (جعل عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه)؛ هكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى التميمي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر. ورواه يحيى بن يحيى الأندلسي وغيره في الموطأ عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال:(جعل عمودًا عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه)(1). وفي مسلم من حديث ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه؛ أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى بين العمودين اليمانيين (2). وظاهر هذا الاختلاف اضطراب. ويمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم تكررت صلاته في تلك المواضع، وإن كانت القضية واحدة، فإنه صلى الله عليه وسلم مكث في الكعبة طويلًا.

(1) رواه مالك (1/ 398).

(2)

رواه مسلم (1329)(393).

ص: 430

[1184]

وعنه، قَالَ: أَقبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتحِ عَلَى نَاقَةٍ لِأُسَامَةَ بنِ زَيدٍ، حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَاءِ الكَعبَةِ، ثُمَّ دَعَا عُثمَانَ بنَ طَلحَةَ فَقَالَ: ائتِنِي بِالمِفتَاحِ، فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ، فَأَبَت أَن تُعطِيَهُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُعطِينِهِ، أَو لَيَخرُجَنَّ هَذَا السَّيفُ مِن صُلبِي، قَالَ: فَأَعطَتهُ إِيَّاهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَهُ إِلَيهِ، فَفَتَحَ البَابَ، ثُمَّ ذَكَرَ نحوه.

رواه مسلم (1329)(390).

ــ

وحديث ابن عمر هذا، وروايته عن بلال يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى في البيت الصلاة المعهودة الشرعية. وبهذا أخذ الشافعي، وأبو حنيفة، والثوري، وجماعة من السلف، وبعض الظاهرية فقالوا: يُصلَّى في الكعبة التطوع والفرض. وقد خالف بلالًا أسامة، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة، وإنما دعا فيها. وبهذا أخذ ابن عباس، وبعض الظاهرية؛ فلم يجيزوا فيها فرضًا ولا تطوُّعًا. وقال مالك: لا يُصلَّى فيها الفروض ولا السنن، ويُصلَّى فيها التطوع، غير أنه إن صلَّى فيها الفرض أعاد في الوقت. وقال أصبغ: يعيد أبدًا.

ويمكن أن يجمع بين حديث أسامة وبلال على مقتضى مذهب مالك. فيقال: إن قول بلال: أنه صلى فيها؛ يعني به: التطوع. وقول أسامة: إنه لم يصل فيها؛ يعني به: الفرض. وقد جمع بينهما بعض أئمتنا بوجهٍ آخر فقال: إن أسامة تغيَّب في الحين الذي صلَّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يشاهده، فاستصحب النفي لسرعة رجعته، فأخبر عنه، وشاهد ذلك بلال فأخبر عما شاهد. وعضد هذا بما رواه ابن المنذر عن أسامة قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم صورًا في الكعبة، فكنت آتيه بماء في الدَّلو يضرب به تلك الصور. فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى في حالة مضي أسامة في طلب الماء، والله تعالى أعلم.

وعلى الجملة: فحديث من أثبت أولى أن يؤخذ به؛ لأنه أخبر عن مشاهدة، فكان أولى من النَّافي.

وفي هذا الحديث ما يدلُّ: على أن سدانة البيت ولاية باقية لعثمان بن طلحة

ص: 431

[1185]

وعن ابن عباس قال: أَخبَرَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ البَيتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَم يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ البَيتِ رَكعَتَينِ، وَقَالَ: هَذِهِ القِبلَةُ.

رواه البخاري (398)، ومسلم (1330)(395)، والنسائي (5/ 220 - 221).

[1186]

وعنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الكَعبَةَ وَفِيهَا سِتُّ سَوَارٍ، فَقَامَ عِندَ سَارِيَةٍ فَدَعَا، وَلَم يُصَلِّ.

رواه مسلم (1331).

ــ

وذويه، فلا تنتزع منهم بحال؛ كالسقاية في بني العباس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(كل مأثرة كانت في الجاهلية فهي تحت قدمي (1) إلا سقاية الحاج، وسدانة البيت). وقال:(يا بني عبد الدار! خذوها خالدةً، تالدةً)(2). وبذلك قال جميع العلماء. وأعظم مالك أن يشرك غيرهم فيها معهم.

وهذه العُمرة التي سُئل عنها ابن أبي أوفى هي عمرة القضاء، ولم يختلف أنه لم يدخل فيها النبي صلى الله عليه وسلم البيت؛ لما كان فيه من الصور، والأصنام، ولم يكن يقدر على تغييرها إذ ذاك لأجل مشركي أهل مكة، فلما فتحها الله عليه دخل البيت، وصلَّى فيه، على ما تقدَّم. وسائر عُمُرِه لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم دخوله البيت، ولا نفيه.

وقوله: (فلما خرج ركع في قُبُل البيت ركعتين، وقال: هذه القبلة)؛ أي: فيما يقابله منها إذا استقبل الباب. وفي هذه الإشارة قولان:

(1) في (ع): قدمي هذا، والمثبت من باقي النسخ وسنن أبي داود.

(2)

رواه أبو داود (4547)، وابن ماجه (2628).

ص: 432