المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

[1099]

عن ابنَ عُمَرَ قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِالعُمرَةِ إِلَى الحَجِّ، وَأَهدَى وَسَاقَ مَعَهُ الهَديَ مِن ذِي الحُلَيفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَهَلَّ بِالعُمرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ

ــ

(21)

ومن باب: الهدي للمتمتع والقارن

قول ابن عمر: (تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج) هذا الذي روي هنا عن ابن عمر: من أنه صلى الله عليه وسلم تمتع، مخالفٌ لما جاء عنه في الرواية الأخرى من أنه أفرد الحج. واضطراب قوليه يدلُّ على أنه لم يكن عنده من تحقيق الأمر ما كان عند من جزم بالأمر، كما فعل أنس على ما تقدَّم؛ حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك بحجة وعمرة)(1).

ثم اعلم: أن كل الرواة الذين رووا إحرام النبي صلى الله عليه وسلم ليس منهم من قال: إنه صلى الله عليه وسلم حَلَّ من إحرامه ذلك حتى فرغ من عمل الحج، وإن كان قد أطلق عليه لفظ التمتُّع، بل قد قال ابن عمر في هذا الحديث: إنَّه صلى الله عليه وسلم بدأ بالعمرة، ثم أهل بالحج، ولم يقل: إنه حَلَّ من عمرته، بل قال في آخر الحديث: بعد أن فرغ من طواف القدوم، أنه صلى الله عليه وسلم لم يَحلُل من شيء حَرُمَ عليه حتى قضى حجَّه. وهذا نصٌّ في أنه لم يكن متمتعًا. فتعيَّن تأويل قوله: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحتملُ أن يكون معناه: قرن؛ لأن القارن يترفَّه بإسقاط أحد العملين، وهو الذي يدلُّ عليه قوله بعد هذا: فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، ويحتمل أن يكون معناه: أنه صلى الله عليه وسلم لَمَّا أذن في التمتع أضافه إليه، وفيه بُعد.

وقوله: (فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج)؛ ظاهره: أنه أردف. وظاهر حديث

(1) رواه أحمد (3/ 282)، ومسلم (1251)، وأبو داود (1795)، والترمذي (821)، والنسائي (5/ 150)، وابن ماجه (2969).

ص: 352

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالعُمرَةِ إِلَى الحَجِّ. فَكَانَ مِن النَّاسِ مَن أَهدَى فَسَاقَ الهَديَ. وَمِنهُم مَن لَم يُهدِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: مَن كَانَ مِنكُم أَهدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِن شَيءٍ حَرُمَ مِنهُ حَتَّى يَقضِيَ حَجَّهُ، وَمَن لَم يَكُن مِنكُم أَهدَى، فَليَطُف بِالبَيتِ وَبِالصَّفَا وَالمَروَةِ وَليُقَصِّر، وَليَحلِل، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالحَجِّ وَليُهدِ. فَمَن لَم يَجِد هَديًا، فَليَصُم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ،

ــ

أنس: أنه قرنهما معًا. فإنه حكى فيه لفظه فقال: سمعته يقول: (لبيك عمرة وحجًّا)، وقد استحب مالك للقارن أن يقدِّم العمرة في لفظه؛ اقتداء بهذه الأخبار.

وقوله للمتمتعين: (فمن لم يجد هَديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع) هذا نصٌّ ما تضمنته آية المتعة. وقد اختلف في مواضع منها:

أوَّلها: قوله: {فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَديِ} ذهب جماعة من (1) السَّلف إلى أنه شاة، وهو قول مالك. وقالت جماعة أخرى: هو بقرة دون بقرة، وبدنة دون بدنة. وقيل: المراد بدنة، أو بقرة، أو شاة، أو شرك في دم.

وقوله: (فليصم ثلاثة أيام في الحج) ذهب مالك والشافعي إلى أن ذلك لا يكون إلا بعد الإحرام بالحج، وهو مقتضى الآية والحديث، وقال أبو حنيفة والثوري: يصحُّ صوم الثلاثة الأيام بعد الإحرام بالعمرة، وقبل الإحرام بالحج، ولا يصومها بعد أيام الحج، وهو مخالف لنصّ الكتاب والسُّنة. والاختيار عندنا: تقديم صومها في أوَّل الإحرام، وآخر وقتها: آخر أيام التشريق عندنا، وعند الشافعي. فمن فاته صومها في هذه الأيام صامها عندنا بَعدُ. وقال أبو حنيفة: آخر وقتها يوم عرفة، فمن لم يصمها إلى يوم عرفة فلا صيام عليه، ووجب عليه الهدي. وقال مثله الثوري؛ إذا ترك صيامها أيام الحج. وللشافعي قول كقول أبي حنيفة.

(1) إلى هنا ينتهي الانقطاع في النسخة (ع).

ص: 353

وَسَبعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهلِهِ، وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاستَلَمَ الرُّكنَ أَوَّلَ شَيءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطوَافٍ مِن السَّبعِ، وَمَشَى أَربَعَةَ أَطوَافٍ، ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالبَيتِ عِندَ المَقَامِ رَكعَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانصَرَفَ، فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالمَروَةِ سَبعَةَ أَطوَافٍ، ثُمَّ لَم يَحلِل مِن شَيءٍ حَرُمَ مِنهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَديَهُ يَومَ النَّحرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالبَيتِ، ثُمَّ حَلَّ مِن كُلِّ شَيءٍ حَرُمَ مِنهُ، وَفَعَلَ مِثلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَن أَهدَى فَسَاقَ الهَديَ مِن النَّاسِ.

رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227)، وأبو داود (1805)، والنسائي (5/ 151 و 152).

[1100]

وعن حَفصَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَزوَاجَهُ أَن يَحلِلنَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ. قَالَت حَفصَةُ: فَقُلتُ: مَا يَمنَعُكَ أَن تَحِلَّ؟ قَالَ: إِنِّي لَبَّدتُ رَأسِي، وَقَلَّدتُ هَديِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنحَرَ هَديِي.

ــ

وقوله: (وسبعة أيام (1) إذا رجع)؛ حَمَله مالك والشافعي في أحد قوليهما على الرجوع من منى، وأنه يصومها إن شاء بمكة، أو ببلده. وهو قول أبي حنيفة. وللشافعي ومالك قول آخر: إنه الرجوع إلى بلده، ولا يصومها حتى يرجع إلى أهله.

وقول حفصة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجَّة الوداع) إنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم ليسوِّي بينهن وبين من لم يسق الهدي من الناس؛ الذين أهلُّوا بالحج؛ لأن أزواجه صلى الله عليه وسلم لم يسقن الهدي.

وقولها: (ما يمنعك أن تحل؟ ) كذا في رواية ابن جريج عن نافع، عن

(1) هذه اللفظة ليست في صحيح مسلم ولا في التلخيص.

ص: 354

رواه أحمد (6/ 283 و 285)، والبخاري (1566)، ومسلم (1229)(179)، وأبو داود (1806)، والنسائي (5/ 136)، وابن ماجه (3046).

[1101]

وعَن نَافِعٍ: أَنَّ ابنَ عُمَرَ أَرَادَ الحَجَّ عَامَ نَزَلَ الحَجَّاجُ بِابنِ الزُّبَيرِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَانٌ بَينَهُم قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَن يَصُدُّوكَ، فَقَالَ:

ــ

ابن عمر، عنها. ولم يذكر فيها:(من عمرتك) وذكره مالك وغيره عن نافع، ويظهر من قولها هذا: أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعمرة وحدها، كما سيأتي في حديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعمرة (1)، وظاهر هذه الروايات حجة لمن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا. وقد بينَّا صحيح ما أحرم به. وقد تأوَّل من قال: إنه صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، هذه الروايات: بأن حفصة وابن عبَّاس عبَّرا بالإحرام بالعمرة عن القِرَان؛ لأنها السَّابقة في إحرام القارن، قولاً ونية، أو نية. ولا سيَّما على ما ظهر من حديث ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم كان مردفًا، وهذا واضح. وأما من روى: أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردًا بالحج فتأوَّل ذلك تأويلات بعيدة، أقربها: أن معنى قولها: (من عمرتك) أي: بعمرتك. كما قال تعالى: {يَحفَظُونَهُ مِن أَمرِ اللَّهِ} ؛ أي: بأمر الله. وكقوله: {مِن كُلِّ أَمرٍ} ؛ أي: بكل أمر. فكأنها قالت: ما يمنعك أن تحل بعمرة تصنعها؟ فأخبرها بسبب منعه (2) من ذلك. وقد ذكرنا ذلك المعنى مِرارًا. وقال محمد بن أبي صفرة: مالك يقول في هذا الحديث: (من عمرتك)، وغيره يقول:(من حجك).

وقوله: (إنَّ ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير) وكان من شأن ابن الزبير: أنَّه لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم يستخلف، بقي الناس

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

(2)

في (هـ) و (ل): منعها.

ص: 355

{لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ} أَصنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أُشهِدُكُم أَنِّي قَد أَوجَبتُ عُمرَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ

ــ

لا خليفة لهم جمادين، وأيامًا من رجب من سنة أربع وستين، فاجتمع من كان بمكة من أهل الحل والعقد، فبايعوا عبد الله بن الزبير لتسع ليالٍ بقين من رجب من السنة المذكورة، واستوسق له سلطان الحجاز (1)، والعراق، وخراسان، وأعمال المشرق. وبايع أهل الشام ومصر مروان بن الحكم في شهر رجب المذكور، ثم لم يزل أمرهما كذلك إلى أن توفي مروان وولي ابنه عبد الملك، فمنع الناس من الحج لئلا يبايعوا ابن الزبير. ثم إنه جيَّش الجيوش إلى الحجاز، وأمَّرَ عليهم الحجَّاج، فقاتل أهل مكة، وحاصرهم إلى أن تغلَّب عليهم، وقتل ابن الزبير، وصلبه الحجَّاج، وذلك يوم الثلاثاء لثلاث ليالٍ، وقيل: لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين.

و(الأسوة): القدوة. يقال بضم الهمزة وكسرها. وقد قرئ بهما في قوله تعالى: {لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ} .

و(الصدّ): المنع.

وقوله: (أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: أنه إن صدَّ عن البيت حل من إحرامه، كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالحديبية؛ إذ صدَّه كفار قريش.

وقوله: (إني أوجبت عُمرة) إنما أخبرهم بذلك؛ ليقتدوا به في ذلك. و (أوجبت): التزمت (2) وأهللت.

(1) أي: اجتمع وانتظم.

(2)

في (ل) و (هـ): ألزمت.

ص: 356

بِظَاهِرِ البَيدَاءِ قَالَ: مَا شَأنُ الحَجِّ وَالعُمرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ، أُشهِدُكُم أَنِّي قَد أَوجَبتُ حَجًّا مَعَ عُمرَتِي، وَأَهدَى هَديًا اشتَرَاهُ بِقُدَيدٍ، ثُمَّ انطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَطَافَ بِالبَيتِ وَبِالصَّفَا وَالمَروَةِ، وَلَم يَزِد عَلَى ذَلِكَ وَلَم يَنحَر، وَلَم يَحلِق، وَلَم يُقَصِّر وَلَم يَحلِل مِن شَيءٍ حَرُمَ مِنهُ، حَتَّى كَانَ يَومُ النَّحرِ فَنَحَرَ، وَحَلَقَ، وَرَأَى أَن قَد قَضَى طَوَافَ الحَجِّ، وَالعُمرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ.

ــ

وقوله: (ما شأن الحج والعمرة إلا واحد) أي: في حكم الصدِّ. يعني: أنه من صُدَّ عن البيت بعدوٍّ، فله أن يحل من إحرامه، سواء كان محرمًا بحج، أو عمرة، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما صُدَّ عن عمرة؛ لكن لما كان الإحرام بالحج مساويًا للإحرام بالعمرة في الحكم حمله عليه.

وقوله: (أشهدكم أني قد أوجبت حجًّا مع عمرتي) يعني: أنه أردف الحج على عمرته المتقدَّمة، فصار قارنًا. وفيه حجة على جواز الإرداف. وهو مذهب الجمهور.

وقوله: (وأهدى هديًا اشتراه بقُديد) يعني: أنه قلَّده هناك وأشعره (1)، ويعني به: الهدي الذي وجب عليه لأجل قرانه.

وقوله: (حتى قدم مكة، فطاف بالبيت) يعني: طواف القدوم. وحصل منه: أنه لم يقع له ما توهمه من الصَّد. وفيه دليل: على جواز من توقع الصد، وتوهمه، بخلاف من تحققه، فإنه لا يكون له حكم المصدود على ما يأتي.

وقوله: (ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول) يعني: الطواف بين الصفا والمروة. وأما الطواف بالبيت: فلا يصح أن يُقال فيه: إنه اكتفى

(1) ساقط من (ظ).

ص: 357