الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي أُخرَى: قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ بَعدُ، فَغَزَا فِي البَحرِ فَجَعَلَهَا مَعَهُ، فَلَمَّا أَن جَاءَت قُرِّبَت لَهَا بَغلَةٌ، فَرَكِبَتهَا فَصَرَعَتهَا، فَاندَقَّت عُنُقُهَا.
رواه أحمد (6/ 361)، والبخاري (2799)، ومسلم (1912)، وأبو داود (2491)، والنسائي (6/ 40 - 41)، والترمذي (1645)، وابن ماجه (2776).
* * *
(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء
؟
[1380]
عَن سَلمَانَ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: رِبَاطُ يَومٍ وَلَيلَةٍ خَيرٌ مِن صِيَامِ شَهرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِن مَاتَ جَرَى عَلَيهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ
ــ
وفيه دليل: على أن من مات في طريق الجهاد من غير مشاهدته ومباشرته؛ له من الأجر والرتبة مثل ما للمباشر. كما قدَّمناه.
(52)
ومن باب: فضل الرِّباط، وكم الشهداء؟
الرِّباط: مصدر رابط، يرابط، رباطًا: إذا قام في ثغر من ثغور الإسلام حارسًا له من العدو. وأصله: من ربط الخيل فيها.
وقوله: (وإن مات)؛ يعني: في حالة الرِّباط جرى عليه عمله)؛ أي: أجر عمله (الذي كان يعمله) في حال رباطه، وأجر رباطه. وقد جاء في غير مسلم
يَعمَلُهُ، وَأُجرِيَ عَلَيهِ رِزقُهُ، وَأَمِنَ الفَتَّانَ.
رواه أحمد (5/ 440)، ومسلم (1913)، والترمذي (1665)، والنسائي (6/ 39).
[1381]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصنَ شَوكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ. وَقَالَ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمَبطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
رواه أحمد (2/ 533)، والبخاري (652)، ومسلم (1914)، والترمذي (1958)، وابن ماجه (2682).
ــ
بأوضح من هذا؛ قال: (كل ميتٍ يختم على عمله إلا المرابط، فينمو له عمله)(1).
وقوله: (وأجري عليه رزقه)؛ يعني به- والله تعالى أعلم-: أنه يرزق في الجنة كما يرزق الشهداء؛ الذين تكون أرواحهم في حواصل الطير، تأكل من ثمر الجنة، كما تقدَّم في الشهيد.
وقوله: (وأمِنَ الفتَّان)؛ يروى عن الأكثر من الرواة: بضم الفاء، جمع فاتن، ويكون للجنس؛ أي: يؤمن من كل ذي فتنة. ورواه الطبري: بفتح الفاء؛ يعني به: فتان القبر. وكذلك رواه أبو داود مفسرًا بالإضافة إلى القبر.
وقوله صلى الله عليه وسلم في مؤخر غصن الشوك: (فشكر الله له)؛ أي: رضي فعله ذلك، وأثابه عليه بالأجر، والثناء الجميل. وقد تقدَّم: أن أصل الشكر: الظهور.
وقوله: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله)، وقال مالك من حديث جابر بن عتيك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) رواه أحمد (6/ 20)، وأبو داود (2500)، والترمذي (1621).
[1382]
وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَعُدُّونَ
ــ
قال: (الشهداء سبعة، والقتيل في سبيل الله)(1)، وذكر نحو ما تقدَّم، وزاد:(وصاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بجمع)، ولا يظن: أن بين قوله: (الشهداء خمسة)، و (الشهداء سبعة)، تناقضًا؛ لأنهما حديثان مختلفان، أخبر بهما في وقتين مختلفتين. ففي وقت أوحي إليه أنهم خمسة. وفي وقت آخر أوحي إليه أنهم أكثر. والله تعالى أعلم.
فأما المطعون؛ فهو الذي يموت بالطاعون، وهو: الوباء. وقد فسَّره في الحديث الآخر؛ إذ قال فيه: (الطاعون شهادة لكل مسلم)، ولم يُرد المطعون بالسَّنان، لأنه هو المقتول في سبيل الله، المذكور من جملة الخمسة.
و(المبطون): هو الذي يموت من علَّة البطن، كالاستسقاء، والحقن- وهو: انتفاخ الجوف-، والإسهال.
و(الغرق) يروى بغير ياء، كحذر. ويروى بالياء، وهو للمبالغة كعليم.
و(صاحب الهدم): هو الذي يموت تحت الهدم.
و(الحريق): هو الذي يموت بحرق النار.
وهؤلاء الثلاثة إنما حصلت لهم مرتبة الشهادة لأجل تلك الأسباب؛ لأنهم لم يغررّوا بنفوسهم، ولا فرّطوا في التحرز، ولكن أصابتهم تلك الأسباب بقضاء الله وقدره. فأما من غرر، أو فرط في التحرز حتى أصابه شيء من ذلك فمات، فهو عاص، وأمره إلى الله؛ إن شاء عذب، وإن شاء عفا.
وأما صاحب ذات الجنب: فهي قرحة في الجنب، وورم شديد، وتُسمى: الشوصة.
(1) رواه أبو داود (3111)، والنسائي (4/ 13)، وابن ماجه (2703).
الشَّهِيدَ فِيكُم؟ . قَالَوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَن قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ. قَالَوا: فَمَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَن قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ من الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَن مَاتَ من البَطنِ فَهُوَ شَهِيدٌ.
وفي رواية: والغريق شهيد.
رواه أحمد (2/ 522)، ومسلم (1915)، وابن ماجه (2804).
[1383]
وَعَن أَنسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسلِمٍ.
رواه البخاري (2830)، ومسلم (1916).
* * *
ــ
وأما المرأة تموت بجمع، ويُقال: بضم الجيم وكسرها، فهي المرأة تموت حاملًا، وقد جمعت ولدها في بطنها. وقيل: هي التي تموت في نفاسه وبسببه. وقيل: هي التي تموت بكرًا لم تفتض (1). وقيل: بكرًا لم تظهر لأحد. والأول أولى وأظهر. والله تعالى أعلم.
وقوله: (ومن مات في سبيل الله فهو شهيد)؛ يعني: أنه يموت شهيدًا وإن لم يباشر الحرب، ولم يشاهده، كما قدَّمناه.
* * *
(1) اقتضاض البكر وافتضاضها: بمعنى واحد. وهو الافتراع.