المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

[1371]

عن أبي مُوسَى الأَشعَرِيُّ: أَنَّ رَجُلًا أَعرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلمَغنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَن فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي أَعلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

ــ

وظاهره: أنه عاين منزلته في الجنة في تلك الحالة. ويحتملُ أن يقول ذلك محققًا لوعد الله ورسوله الحقّ الصدق، فصار كأنه عاين. والله تعالى أعلم.

(48)

ومن باب: الإخلاص وحسن النية في الجهاد

قوله صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله)؛ يعني بـ (كلمة الله): دين الإسلام. وأصله: أن الإسلامَ ظهر بكلام الله تعالى؛ الذي أظهره على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

ويُفهَمُ من هذا الحديث: اشتراط الإخلاص في الجهاد، وكذلك هو شرطٌ في جميع العبادات؛ لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعبُدُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} والإخلاص: مصدر من: أخلصت العسل وغيره: إذا صفيته، وأفردتُه من شوائب كدره؛ أي: خلصته منها. فالمخلِصُ في عباداته هو الذي يُخلصها من شوائب الشركِ والرياء. وذلك لا يتأتى له إلا بأن يكون الباعثُ له على عملها قصدَ التقرب إلى الله تعالى، وابتغاء ما عنده. فأما إذا كان الباعثُ عليها غير ذلك من أعراض الدُّنيا؛ فلا يكونُ عبادة، بل يكون مصيبة موبقة لصاحبها، فإما كفرٌ، وهو: الشرك الأكبر، وإما رياء، وهو: الشركُ الأصغر. ومصيرُ صاحبه إلى النار، كما جاء في حديث أبي هريرة في الثلاثة المذكورين فيه. هذا إذا كان الباعثُ على تلك

ص: 742

وفي رواية: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً؟ قَالَ: فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَيهِ، وَمَا رَفَعَ رَأسَهُ إِلَيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

رواه أحمد (4/ 392)، والبخاري (123)، ومسلم (1904)(149 و 151)، وأبو داود (2517)، والترمذي (1646)، والنسائي (6/ 23)، وابن ماجه (2783).

ــ

العبادة الغرضَ الدنيوي وحده، بحيث لو فُقِد ذلك الغرضُ لتُرِك العمل. فأما لو انبعث لتلك الحالة (1) لمجموع الباعثَينِ- باعث الدنيا وباعث الدين-؛ فإن كان باعثُ الدنيا أقوى، أو مساويًا ألحق القسم الأول في الحكم بإبطال ذلك عند أئمة هذا الشأن، وعليه يدل قولُه صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تبارك وتعالى:(مَن عَمِل عملًا أشركَ معي فيه غيري تركتُه وشريكه)(2). فأما لو كان باعثُ الدِّين أقوى؛ فقد حكم المحاسبي (3) رحمه الله بإبطال ذلك العمل؛ متمسكًا بالحديث المتقدِّم، وبما في معناه، وخالفه في ذلك الجمهور، وقالوا بصحة ذلك العمل، وهو الأقدم في فروع مالك. ويُستدلُ على هذا بقوله صلى الله عليه وسلم:(إن من خير معايش الناس رجلا ممسكا فرسه في سبيل الله)(4)، فجعل الجهاد مما يصح أن يُتخذ للمعاش، ومن ضرورة ذلك أن يكونَ مقصودًا، لكن لما كان باعثُ الدِّين على الجهاد هو الأقوى والأغلب، كان ذلك الغرض مُلغى، فيكون معفوًّا عنه؛ كما إذا توضأ قاصِدًا رَفع الحدث والتبرُّد، فأما لو تفرَّد باعثُ الدِّين بالعمل، ثم عرض باعث الدنيا في أثناء العمل فأولى بالصحة. وللكلام في هذا موضع آخر، وما ذكرناه كافٍ هنا.

(1) في (ج 2): العبادة.

(2)

رواه أحمد (2/ 301 و 435).

(3)

هو: الحارث بن أسد المحاسبي، من أكابر الصوفية، كان عالمًا بالأصول والمعاملات، توفي سنة (243 هـ).

(4)

رواه مسلم (1889).

ص: 743

[1372]

وعَن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامرِئٍ مَا نَوَى، فَمَن كَانَت هِجرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَن كَانَت هِجرَتُهُ لِدُنيَا يُصِيبُهَا أَو امرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ.

رواه أحمد (1/ 25)، والبخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنسائي (1/ 59 - 60).

ــ

وقوله: (فرفع رأسَه إليه، وما رفع رأسه إليه إلا أنه كان قائمًا)؛ فيه دليل على جواز سؤال القائم السائل للعالم وهو قاعد؛ إذا دعت إلى ذلك حاجة، أو عذر، وإلا فالأولى للسَّائل الجلوسُ، والتثبُّت؛ كما في حديث جبريل (1)، حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (إنما الأعمالُ بالنيَّات)؛ أي: الأعمال المتقرَّب بها إلى الله تعالى، بدليل بقية الحديث. وهذا الحديث بحكم عمومه يتناولُ جميعَ أعمال الطَّاعات، فيدخل في ذلك الوضوء، والغُسل، وغير ذلك. فيكون حُجَّة على مَن خالف في ذلك، كما تقدَّم في الطهارة. ووجه التمسُّك به: أنه عموم مؤكَّد بـ (إنَّما) الحاصرة، فصار في القوة كقوله: لا عمل إلا بنية، فصار ظاهرًا في نفي الإجزاء والاعتداد بعملٍ لا نية له. ولا يقال: فهو مخصصٍ بدليل إخراج العبادات المعقولة المعنى، كغسل الجنابة وما في معناها؛ لأنا نقول: اللفظُ العام محمول على عمومه بعد إخراج المخصص، كما قد تقدَّم غير ما مرَّةٍ.

وقوله: (وإنَّما لامرئٍ ما نوى)؛ تحقيق لاشتراط النية، والإخلاص في الأعمال. وقد زاده وضوحًا قوله:(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)؛ أي: كانت هجرتُه مقبولةً عند الله تعالى، وثوابها عليه، (ومن

(1) كذا في (ع)، وفي (ج) و (ج 2): كما فعل جبريل.

ص: 744

[1373]

وعَن جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَقَالَ: إِنَّ بِالمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرتُم مَسِيرة، وَلَا قَطَعتُم وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَكُم، حَبَسَهُم المَرَضُ.

رواه مسلم (1911).

* * *

ــ

كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوَّجها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه)؛ أي: ليس له من هجرته إلا ما قصده. وهذا كما قال في الحديث الآخر: (مَن أتى المسجد لشيءٍ فهو حظه)(1). وإنما ذُكِرَت في الحديث الهجرةُ؛ لأنه جَرَى سَبَبُها، وذلك: أنَّ رجلًا هاجر إلى المدينة ليتزوَّج امرأةً بها، تُسمَّى: أم قيس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وسُمِّي الرجل: مهاجر أم قيس. على ما ذكر أئمتنا (2). وظاهرُ حال هذا الرجل بسبب هذه الإضافة التي غلبت على اسمه أنه لم تكن له في الهجرةِ الشرعية رغبة، ولا نية فسلبها، ونسب إلى ما نواه، وقَصَده. والله تعالى أعلم.

وقوله: (إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا، ولا قَطَعتُم واديًا إلا كانوا معكم، حَبَسَهُمُ المرض)؛ يدل على ما ذكرنا: من أنَّ الناوي لأعمال البرِّ؛ الصادق النية فيها؛ إذا منعه من ذلك عذر كان له مثلُ أجر المباشر مضاعفًا، كما قدَّمناه. وقد دلَّ عليه من الحديث ذكر قطع الوادي، والمسير، فإن هذا إشارة إلى قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُم لا يُصِيبُهُم ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله تعالى: {وَلا يَقطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُم لِيَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَنَ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ} ولما كان القاعدون لأجل العُذر قد صحَّت نيَتهم في مباشرة

(1) رواه أبو داود (472)، والبيهقي (2 ج 447 و 3/ 66).

(2)

قال ابن رجب في كتابه "جامع العلوم والحكم"(ص 12): اشتهر أن قصة مهاجر أم قيىس؛ كانت سبب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم "من كانت هجرته. . ." وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلًا يَصِحُّ.

ص: 745