المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

[1063]

عَن ابنِ عَبَّاسٍ، عَن الصَّعبِ بنِ جَثَّامَةَ اللَّيثِيِّ أَنَّهُ أَهدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحشِيًّا وَهُوَ بِالأَبوَاءِ أَو بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وَجهِي، قَالَ: إِنَّا لَم نَردُدهُ عَلَيكَ

ــ

(6)

ومن باب: ما جاء في الصيد ولحمه للمحرم

(الأبواء) - بفتح الهمزة، والمد -: بَرِّيَّة من عمل الفُرع، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً. و (وَدَان) بفتح الواو، وكذلك بينهما نحو ثمانية أميال بقرب من الجحفة.

و(السُّقيا) قرية جامعة هناك، بينها وبين الفُرع مما يلي الجحفة تسعة عشر ميلاً. و (تعهن) بفتح التاء وكسرها، وسكون العين. وقد سمع من العرب من يقول:(بتُعَهِن) فيضم التاء، ويفتح العين، ويكسر الهاء. وروايتنا التقييد الأول. وهي: عين ماء على ميل من (السقيا) بالقاف لا بالفاء، وهو: وادي العباديد، على ثلاثة مراحل من المدينة.

و(غيقة) بالغين معجمة مفتوحة، وبالقاف بينهما ياء، باثنتين من تحتها: موضع من بلاد بني غفار، بين مكة والمدينة. وقيل: هو قليب ماء لبني ثعلبة.

وقوله: (إنا لم نردده عليك)، المحدِّثون يقيدون (لم نرده) بفتح الدال المضاعفة المجزومة، وإن كان متصلاً بهاء الضمير (1) المضمومة. وقيده المحققون: بضم الدال مراعاة للواو المتولدة عن ضمها لها، ولم يحفلوا بالهاء لخفائها، وكأنهم قالوا:(ردوا)؛ كما فتحوها مع هاء المؤنث مراعاة للألف، وكأنهم

(1) في (هـ): (المذكر) بدل (الضمير).

ص: 277

إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أهدى الصعب بن جثامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحشي.

وفي أخرى: عجز حمار وحشي يقطر دما.

رواه أحمد (4/ 37 - 38)، والبخاري (1825)، ومسلم (1193)(50) و (1194)(54)، والنسائي (5/ 183 - 184)، وابن ماجه (3090).

ــ

قالوا: (ردًّا)، وهذا مذهب سيبويه، وأبي علي الفارسي، وأهل التحقيق من أهل اللسان.

وقوله: (إلا أنَّا حرم) بفتح (أنَّا) على أنه تعدَّى إليه الفعل بحرف التعليل.

ولا خلاف في تحريم الصيد على المحرم. وفي تحريم ما صيد من أجله عليه. وعلى ذلك دلَّ قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيكُم صَيدُ البَرِّ مَا دُمتُم حُرُمًا} وقوله: {لا تَقتُلُوا الصَّيدَ وَأَنتُم حُرُمٌ} ورد النبي صلى الله عليه وسلم على الصَّعب هذا الصيد: إنما كان لأنه خاف أن يكون صاده من أجله، ألا تراه صلى الله عليه وسلم كيف قَبِل حمار البَهزِيِّ (1) حين قال: هو لكم يا رسول الله! فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقُسمِّ بين الرفاق (2).

قال أبو محمد الأصيلي: إنما قَبِل رسول الله صلى الله عليه وسلم حمار البهزي؛ لأنه كان مكتسبًا بالصيد، فحمله على عادته، ورد حمار الصَّعب لظنه أنه صاده من أجله.

فإن قيل: فهذا يشكل على مذهب مالك؛ إذ يحكم: بأن ما صيد لأجل محرم لا يحل أكله، وهو ميتة عنده، ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم، بل سوَّغه لهم بتركه في أيديهم،

(1) هو زيد بن كعب، صحابي، له حديث واحد عند النسائي.

(2)

رواه النسائي (5/ 183).

ص: 278

[1064]

وعنه وقَالَ لزَيدُ بنُ أَرقَمَ يَستَذكِرُهُ، كَيفَ أَخبَرتَنِي عَن لَحمِ صَيدٍ أُهدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: قَالَ: أُهدِيَ لَهُ عُضوٌ مِن لَحمِ صَيدٍ فَرَدَّهُ فَقَالَ: إِنَّا لَا نَأكُلُهُ إِنَّا حُرُمٌ.

رواه أحمد (4/ 367 و 374)، ومسلم (1195)، وأبو داود (1850)، والنسائي (5/ 184).

ــ

وإقرارهم عليه! فالجواب: إن ذلك الحكم إنما يلزم على مذهبه فيما تحقق أنه صِيد لأجل المحرم، وليس في هذا الحديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع بذلك، ولا ظنه، وإنما امتنع من ذلك فيما يظهر ورعًا؛ كما قال في التمرة:(لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)(1)، والله أعلم.

وقد أجاز غير واحد من العلماء أكل ما صاده حلال لمحرم لغير ذلك المحرم؛ منهم: عثمان رضي الله عنه.

واختلفوا في حمار الصعب: هل أهداه للنبي صلى الله عليه وسلم حيًّا أم ميتًا؟ وقد بوَّب البخاري على هذا الحديث ما يدل: على أنه فهم من الحديث أنه كان حيًّا، وعلى هذا الفهم يستدل به: على أن المحرم يرسل ما بيده من صيد؛ لأنه لم يسوغ لنفسه مُلكه لأجل الإحرام، وفيه أبواب من أحكام الهبات لا تخفى على متأمل.

قلت: والروايات الأخر تدل على أنه كان ميتًا، وأنه أتاه بعضو منه. ويصح الجمع بين هذه الروايات المختلفة؛ إما على القول: بأنه ميت، فإنه جاء بالحمار ميتًا فوضعه بقرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قطع منه ذلك العضو، فأتاه به، فصدق اللفظان. أو يكون أطلق اسم الحمار، وهو يريد بعضه، وهذا سائغ، وهو من باب التوسع والتجوز.

وأما إن تنزلنا على أن الحمار كان حيًّا، فيكون قد أتاه به، فلما رده عليه، وأقره

(1) رواه البخاري (2055)، ومسلم (1071)، وأبو داود (1651 و 1652).

ص: 279

[1065]

وَعَن عَبدُ اللَّهِ بنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: انطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيبِيَةِ فَأَحرَمَ أَصحَابُهُ وَلَم يُحرِم وَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَدُوًّا بِغَيقَةَ فَانطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَبَينَمَا أَنَا مَعَ أَصحَابِهِ يَضحَكُ بَعضُهُم إِلَيَّ، إِذ نَظَرتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحشٍ، فَحَمَلتُ عَلَيهِ فَطَعَنتُهُ فَأَثبَتُّهُ، فَاستَعَنتُهُم فَأَبَوا أَن يُعِينُونِي، فَأَكَلنَا مِن لَحمِهِا، وَخَشِينَا

ــ

بيده ذكاه، ثم أتاه منه بالعضو المذكور، ولعل الصعب ظن أنه إنما رده عليه لمعنى يخص الحمار بجملته، فلما جاءه بجزئه أعلمه بامتناعه أن حكم الجزء من الصيد كحكم الصيد، لا يحل للمحرم قبوله، ولا تملُّكه. وإنما احتجنا إلى هذه التكلفات لنرفع الاضطراب اللازم من تلك الروايات المختلفة على طريقتنا في روم الجمع بين الروايات المختلفة، فإنه الأحسن إذا أمكن، والله أعلم.

وقوله في حديث أبي قتادة: (إن أصحابه أحرموا، ولم يحرم هو)، قيل في سبب بقاء أبي قتادة غير محرم أقوال:

أحدها: أنه لم تكن وُقِّتت المواقيت، وفيه بُعد.

وثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في أصحابه لكشف عدوٍّ لهم بجهة السَّاحل، على ما ذكره مسلم.

وثالثها: أن أهل المدينة أرسلوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلمه: أن بعض العرب عزم على غزو المدينة.

وقوله: (فاستعنتهم، فأبوا أن يعينوني)؛ دليل على أبي حنيفة؛ إذ يرى: أن المعونة لا تؤثر إلا أن يكون الصيد لا يصح دونها. وامتناعهم من المعونة مطلقًا، ومن مناولة السَّوط ترد عليه، بل في الرواية الآتية قوله صلى الله عليه وسلم: (أمنكم أحدٌ أمره أن

ص: 280

أَن نُقتَطَعَ فَانطَلَقتُ أَطلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرفَعُ فَرَسِي شَأوًا وَأَسِيرُ شَأوًا،

ــ

يحمل عليها، أو أشار إليها؟ ) قالوا: لا. قال: (فكلوا)، ظاهره: أنه لو أعانه أحدٌ لمنعهم من أكلها.

وقد اختلف في وجوب الجزاء على المحرم الدَّال للحلال، فقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا شيء عليه. وقال الكوفيون، وأحمد، وإسحاق، وجماعة من الصحابة، والتابعين: عليه الجزاء. وكذلك اختلفوا في المحرم إذا دلَّ محرمًا آخر؛ فذهب الكوفيون، وأشهب من أصحابنا: إلى أن على كل واحد منهم جزاء. وقال مالك، والشافعي وأبو ثور: الجزاء على المحرم القاتل. وكذلك الخلاف فيما لو أعانه بالرمح، أو بالسَّوط، وبأي معونة كانت. وقال بعض شيوخنا: لو أشار إليه ليصيد؛ لكان دالاًّ، ويجري فيه الخلاف المتقدم.

وقوله: (أرفع فرسي شأوًا، وأسير شأوًا)؛ أي: أرفع في سيره، وأجريه. و (الشأو): الطَّلق (1).

وقوله: (خشينا أن نقتطع)؛ أي: خفنا أن يحال بيننا وبينهم، ويقطع بنا عنهم.

وقوله: (أصدت)؛ أصله: أصطدت، فأدغمت الطاء في الصاد لتقاربهما.

وقوله صلى الله عليه وسلم للقوم: (كلوا) وهم محرمون، وأكله منه وهو محرم؛ دليل على من منع المحرم من أكل لحم الصيد. وهو مروي عن عطاء، وابن عبَّاس، وجماعة من السَّلف، وهو قول سفيان الثوري، وإسحاق. وذكر نحوه عن مالك والليث.

وقوله: (فجعل بعضهم يضحك إلى بعض)؛ لم يكن ضحكهم لينبهوه على

(1)"الطَّلَق": الشوط الواحد من سباق الخيل.

ص: 281

فَلَقِيتُ رَجُلاً مِن بَنِي غِفَارٍ فِي جَوفِ اللَّيلِ، فَقُلتُ: أَينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: تَرَكتُهُ بِتَعهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقيَا، فَلَحِقتُهُ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَصحَابَكَ يَقرَءُونَ عَلَيكَ السَّلَامَ وَرَحمَةَ اللَّهِ، وَإِنَّهُم قَد خَشُوا أَن يُقتَطَعُوا دُونَكَ انتَظِرهُم فَانتَظَرَهُم، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَصَدتُ وَمَعِي مِنهُ فَاضِلَةٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلقَومِ: كُلُوا وَهُم مُحرِمُونَ.

رواه أحمد (5/ 190 و 301)، والبخاري (1821)، ومسلم (1196)(59)، والنسائي (5/ 186)، وابن ماجه (3093).

[1066]

وَعَن أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصحَابٍ لَهُ مُحرِمِينَ، وَهُوَ غَيرُ مُحرِمٍ فَرَأَى حِمَارًا وَحشِيًّا، فَاستَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصحَابَهُ أَن يُنَاوِلُوهُ سَوطَهُ فَأَبَوا فَسَأَلَهُم رُمحَهُ فَأَبَوا عَلَيهِ، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الحِمَارِ، فَأَكَلَ مِنهُ بَعضُ أَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَى بَعضُهُم، فَأَدرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ طُعمَةٌ أَطعَمَكُمُوهَا اللَّهُ.

ــ

الصيد، وإنما كان - والله أعلم - تعجبًا من إتيان هذا الصيد، وتأتي صائده الحلال له ولم يفطن له. وأما لو ضحك منبهًا: فقال الداودي: لم يمنع من أكله.

قلت: ولا بُعد في أن يقال: إن ذلك كالإشارة؛ إذ قد حصل منه ما يحصل من المشير من التنبيه.

وقوله: (تركته بتعهن)، قائل السُّقيا. قائل: اسم فاعل من القول، ومن القائلة أيضًا، والأول هو المراد هنا، والسقيا: مفعول بفعل مضمر، كأنه قال: اقصدوا السقيا.

ص: 282

وَفِي رِوَايَةٍ: فقال: هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ. وفي أخرى: فقال: هَل مَعَكُم مِن لَحمِهِ شَيءٌ؟ . فقَالُوا: مَعَنَا رِجلُهُ قَالَ: فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَهَا.

وفي أخرى: أَمِنكُم أَحَدٌ أَمَرَهُ أَن يَحمِلَ عَلَيهَا، أَو أَشَارَ إِلَيهَا؟ قَالُوا لَا. قال: فكلوا ما بقي من لحمها.

رواه أحمد (5/ 301)، والبخاري (2914) ومسلم (1196)(56 و 57 و 58 و 63)، وأبو داود (1852)، والنسائي (5/ 182).

[1067]

وعن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عُثمَانَ التَّيمِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللَّهِ، وَنَحنُ حُرُمٌ فَأُهدِيَ لَهُ طَيرٌ، وَطَلحَةُ رَاقِدٌ فَمِنَّا مَن تَوَرَّعَ، فَلَمَّا استَيقَظَ طَلحَةُ وَفَّقَ مَن أَكَلَهُ، وَقَالَ: أَكَلنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد (1/ 162)، ومسلم (1197)، والنسائي (5/ 182).

* * *

ــ

وقوله: (هل معكم من لحمه شيء)، وأكله لما أعطوه منه؛ كل ذلك تطييب لقلوبهم، وتسكين لنفرة من نفر منهم، وإبانة لحلِّيته بأقصى الممكن.

وقول عبد الرحمن التيمي: (فمنا من تورع)؛ أي: كفَّ ورعا؛ أي: لم يتوقف جازمًا بالمنع، ولكنه تردد وتخوَّف، فتورع. والورع، والرعة: الانكفاف عما يريب.

وقوله: (فلما استيقظ طلحة وفَّق من أكله)؛ أي: صوبه، وقال:(هو موفق مسدد).

وقوله: (أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ أي: ونحن محرمون.

ص: 283