الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أحمد (3/ 477)، ومسلم (1044)، وأبو داود (1640)، والنسائي (5/ 89).
* * *
(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف
[912]
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: قَد كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعطِينِي العَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعطِهِ أَفقَرَ إِلَيهِ مِنِّي، حَتَّى
ــ
بالنصب، وليس وجهه ببيِّن. وهو عائدٌ على الحالات الثلاثة، لا على لفظ الثلاث فإنها للذكور.
وقوله: (فما سواهن سحت)؛ أي: ما سوى هؤلاء الثلاثة، ثم هو بعد ذلك مخصوص بحديث سمرة الذي خرّجه أبو داود مرفوعًا:(المسائل كدوح يكدح الرجل بها وجهه، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بدًّا)(1)، وما تدعو الحاجة والضرورة إلى المسألة فيه [يزيد] على الثلاثة المذكورين في هذا الحديث الذي نحن باحثون فيه.
(22)
ومن باب: إباحة الأخذ من غير سؤال
قول عمر رضي الله عنه: أعطه أفقر إليه مني؛ دليل: على زهده، وإيثاره لغيره على نفسه.
وقوله له: خذه؛ أمرٌ على جهة الندب والإرشاد للمصلحة.
(1) رواه أبو داود (1639).
أَعطَانِي مَرَّةً مَالاً فَقُلتُ: أَعطِهِ أَفقَرَ إِلَيهِ مِنِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (خُذهُ وَمَا جَاءَكَ مِن هَذَا المَالِ وَأَنتَ غَيرُ مُشرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذهُ. وَمَا لا، فَلا تُتبِعهُ نَفسَكَ).
رواه البخاري (7164)، ومسلم (1045)، وأبو داود (1671)، والنسائي (5/ 105).
ــ
وقوله: (وأنت غير مشرف ولا سائل)؛ إشراف النفس: تطلعها، وتشوُّفها، وشرحها لأخذ المال.
ولا شك أن هذه الأمور إذا كانت هي الباعثة على الأخذ للمال؛ كان ذلك من أدلِّ دليل على شدّة الرغبة في الدنيا والحب لها، وعدم الزهد فيها، والركون إليها، والتوسّع فيها، وكل ذلك أحوال مذمومة، فنهاه عن الأخذ على هذه الحالة، اجتنابًا للمذموم، وقمعًا لدواعي النفس، ومخالفة لها في هواها، فإن من لم يكن كذلك جاز له الأخذ للأمن من تلك العلل المذمومة.
قال الطحاوي: وليس معنى هذا الحديث في الصدقات، وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام على أغنياء الناس وفقرائهم.
وقال الطبريّ: اختلف الناس فيما أمر النبي صلى الله عليه وسلم به عمر رضي الله عنه من ذلك، بعد إجماعهم على أنه أمر ندب وإرشاد؛ فقيل: هو ندبٌ إلى عطية السلطان وغيره. وقيل: بل ذلك إلى عطية غير السلطان، وأما عطية السلطان فقد حرمها قوم وكرهها آخرون. فأما من حمل الحديث على عطية السلطان، وأنها مندوبٌ إليها، فذلك إنما يصحّ أن يقال: إذا كانت أموالهم كما كانت أموال سلاطين السلف؛ مأخوذة من وجوهها، غير ممنوعة من مستحقيها. فأما اليوم: فالأخذ إما حرام وإما مكروه، والله تعالى أعلم.
وقوله: (فلا تتبعه نفسك)؛ أي: لا تُعَلِّقها، ولا تُطمِعها في ذلك، فإذا فعلت ذلك بها سكنت ويئست. وهذا النهي على الكراهة يرشد إلى المصلحة التي
[913]
وَعَن عَبدِ اللَّه بنِ السَّعدِيِّ المَالِكِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: استَعمَلَنِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغتُ مِنهَا وَأَدَّيتُهَا إِلَيهِ، أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ، فَقُلتُ: إِنَّمَا عَمِلتُ لِلَّهِ وَأَجرِي عَلَى اللهِ، فَقَالَ: خُذ مَا أُعطِيتَ، فَإِنِّي عَمِلتُ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَمَّلَنِي، فَقُلتُ مِثلَ قَولِكَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(إِذَا أُعطِيتَ شَيئًا مِن غَيرِ أَن تَسأَلَ فَكُل وَتَصَدَّق).
رواه أحمد (1/ 52)، ومسلم (1045)(112)، وأبو داود (1647)، والنسائي (5/ 102).
* * *
ــ
في الأعراض.
والعُمَالة: ما يعطاه العامل على عمله، وهي الأجرة، وعَمَّلَني: أعطاني أجر عملي.
وقوله: (فكل وتصدق)؛ يحصل منه: أنه حلال طيب، يصلح للأكل والتصدق وغيرهما. فأما ما لا يكون كذلك، فلا يصلح لشيء من ذلك كما تقدّم، وحديث عبد الله بن السعدي هذا فيه انقطاع، فإن مسلمًا رواه من حديث السائب بن يزيد عن ابن السعدي، وبينهما رجل، وهو: حويطب بن عبد العزى، قاله النسائي وغيره. وفي هذا الإسناد أربعة من الصحابة، يروي بعضهم عن بعض: السائب، وحويطب، وعبد الله بن السعدي.
والسعدي اسمه: قدامة (1). وقيل: عمرو، وهو قرشي عامري، مالكي من بني مالك بن حسل.
وهذا الحديث أصل في أن كل من عمل للمسلمين عملاً من أعمالهم العامة: كالولاية، والقضاء، والحسبة، والإمامة، فأرزاقهم في بيت مال المسلمين، وأنهم يُعطون ذلك بحسب عملهم.
(1) انظر: صحيح مسلم (2/ 723).