الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة
[1138]
عَن أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ قال: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعبِ نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَم يُسبِغ الوُضُوءَ.
- وَفِي رِوَايَةٍ: تَوضأ وضوءا خفيفا - فَقُلتُ لَهُ: الصَّلَاةَ قَالَ: الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ المُزدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَت الصَّلَاةُ، فَصَلَّى المَغرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَت العِشَاءُ فَصَلَّاهَا، وَلَم يُصَلِّ بَينَهُمَا شَيئًا.
ــ
(36)
ومن باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة (1)
قوله في حديث أسامة: (أنه صلى الله عليه وسلم نزل فبال، ثم توضأ، ولم يسبغ الوضوء)؛ أي: لم يكمله. وهل اقتصر على بعض الأعضاء؛ فيكون وضوءًا لغويًا؟ أو اقتصر على بعض الأعداد - وهو الواحدة مع استيفاء الأعضاء - فيكون وضوءًا شرعيًّا؟ قولان لأهل الشرح. وكلاهما محتمل. وقد عضد من قال بالشرعي قوله بقول الراوي: (وضوءًا خفيفًا). فإنه لا يقال في النَّاقص من الأصل: خفيف؛ وإنما يقال: خفيف؛ في ناقص الكيفية. ولا خلاف في أن قوله: (فأسبغ الوضوء): أنه شرعي.
وقوله: (ثم أقيمت الصلاة، فصلَّى المغرب، ثم أقيمت العشاء)؛ دليل على جواز على الإقامة في الجمع من غير أذان. وقد تقدم الخلاف في ذلك في حديث جابر، وأنه ذكر فيه الأذان للأولى. ويحتمل قوله:(أقيمت) - هاهنا -: شرع فيها، ففعلت بأحكامها، كما يقال: أقيمت السُّوق، إذا حرك فيها ما يليق بها من البيع والشراء. ولم يقصدِ الإخبار عن الإقامة، بل عن الشروع.
(1) ما بين حاصرتين ليس في الأصول، واستدرك من التلخيص.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَرَكِبَ حَتَّى جِئنَا المُزدَلِفَةَ، فَأَقَامَ المَغرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِم، وَلَم يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ العِشَاءَ الآخِرَةَ فَصَلَّى، ثُمَّ حَلُّوا قُلتُ: وَكَيفَ فَعَلتُم حِينَ أَصبَحتُم؟ قَالَ: رَدِفَهُ الفَضلُ بنُ عَبَّاسٍ، وَانطَلَقتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيشٍ عَلَى رِجلَيَّ.
تقدم تخريجه برقم (1132) باب رقم (34).
[1139]
وعن هِشَامٌ، عَن أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ، وَأَنَا شَاهِدٌ (أَو قَالَ: سَأَلتُ أُسَامَةَ بنَ زَيدٍ) وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَردَفَهُ مِن عَرَفَاتٍ: كَيفَ
ــ
وقوله: (ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله)؛ يعني: أنهم بادروا بالمغرب عند وصولهم إلى المزدلفة، فصلوها قبل أن يُنَوِّخوا إبلهم، ثم لما فرغوا من صلاة المغرب نوَّخوها، ولم يحلُّوا رحالهم من عليها، كما قال في الرواية الأخرى؛ وكأنها شوَّشت عليهم بقيامها، فأزالوا ما شوَّش عليهم. ويُستدل به على جواز العمل اليسير بين الصلاتين المجموعتين.
وقوله: (ولم يصل بينهما شيئًا)؛ حجَّة على من أجاز التنفل بين الصلاتين المجموعتين. وهو قول ابن حبيب من أصحابنا. وخالفه بقية أصحابنا، فمنعوه.
وقوله: (ولم يَحلُّوا) - بضم الحاء -؛ يعني: أنهم لم يَحلُّوا رحالهم، ولا سبيل إلى كسر الحاء، كما توهمه من جَهِل.
وقوله: (كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال: رَدِفَه الفضلُ ابن عباس، وانطلقتُ أنا في سُبَّاق قريش على رجليّ)؛ فظهر منه أن هذا الجواب غير مطابق لما سأله عنه، فإنه سأله عن كيفية صنعهم للنسك، فأجابه بإردافه الفضل بن العباس، وسبقه على رجليه. وليس كذلك، بل هو مُطابقٌ؛ لأنه أخبره بما يتضمن نفرهم من المزدلفة إلى منى، فكأنه قال: نفرنا إلى منى.
كَانَ سِيرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَفَاضَ مِن عَرَفَةَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجوَةً نَصَّ، قَالَ هِشَامٌ: وَالنَّصُّ فَوقَ العَنَقِ.
رواه البخاري (1666)، ومسلم (1286)(283 و 284)، وأبو داود (1923)، والنسائي (5/ 259).
[1140]
وعن ابن عمر قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَينَ المَغرِبِ، وَالعِشَاءِ بِجَمعٍ لَيسَ بَينَهُمَا سَجدَةٌ، وَصَلَّى المَغرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَصَلَّى العِشَاءَ رَكعَتَينِ.
- وَفِي رِوَايَةٍ: بِإِقَامِةٍ واحدة - فَكَانَ عَبدُ اللَّهِ يُصَلِّي بِجَمعٍ كَذَلِكَ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عز وجل.
رواه البخاري (1668)، ومسلم (1288)(287 و 289)، وأبو داود (1926)، والنسائي (5/ 264).
* * *
ــ
و(العَنَق): سيرٌ فيه رفق. و (الفجوة): المتسع من الأرض. و (النص): أرفع السير؛ ويعني: أنه كان إذا زاحمه الناس سار برفق لأجلهم، وإذا زال الزحام أسرع. وهذا يدل: على أن أصل المشروعية في ذلك الموضع الإسراع.
وقوله: (ليس بينهما سجدة)؛ يعني به: الركعة، وقد تقدم أن ذلك كلام أهل الحجاز، ويسمون الركعة: سجدة (1) وقدّمنا أن الجمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة مجمعٌ عليه، وأنه اختلف فيما سوى ذلك في كتاب الصلاة.
وقوله: (بإقامة واحدة)؛ ظاهره للصلاتين، وهو خلاف ما تقدم. ويحتمل أن يريد به إقامة واحدة لكل صلاة. ويتحرَّز بذلك من الأذان. وقد تقدم: أن جمعًا، والمزدلفة، والمشعر الحرام، وقزح، أسماءٌ لموضع واحد.
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).