الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر
[1374]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضَى عَلَيهِ يَومَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ استُشهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلتُ فِيكَ حَتَّى استُشهِدتُ، قَالَ: كَذَبتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلتَ لِأَن يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَد قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتَّى أُلقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمتُ العِلمَ وَعَلَّمتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمتَ العِلمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأتَ
ــ
كل ما باشره إخوانهم المجاهدون؛ أعطاهم الله تعالى مثل أجر مَن باشر كما قدَّمناه في حديث أبي كبشة الأنماري.
(49)
ومن باب: إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر
قد تقدم: أن الإخلاصَ في الطاعات واجب، وأن الرِّياء يفسدها.
وقوله: (إن أول الناس يُقضى عليه يوم القيامة رجل استُشهِد، ورجل تعلم العلم، ورجل أنفق ماله)؛ هذا يخالفُه: (أول ما يحاسب به العبد المسلم من عمله صلاته)(1)، الحديث، وقوله:(أول ما يقضى فيه بين الناس في الدِّماء)(2). قد يسبق إلى الوهم أن هذه الأحاديثَ متعارضة من حيث الأولية
(1) رواه أبو داود (864 و 865).
(2)
رواه البخاري (6533 و 6864)، ومسلم (1678)، والترمذي (1396)، والنسائي (7/ 83).
القُرآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَد قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ، حَتَّى أُلقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيهِ، وَأَعطَاهُ مِن أَصنَافِ المَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أَن يُنفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنفَقتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَد قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حتى أُلقِيَ فِي النَّارِ.
رواه أحمد (2/ 322)، ومسلم (1905)، والنسائي (6/ 23).
* * *
ــ
المذكورة في كل حديث منها؛ وليس كذلك؛ فإنه إنَّما كان يلزم ذلك لو أريد بكل أول منها أنه أوَّلٌ بالنسبة إلى كل ما يُسأل عنه، ويقضى فيه، وليس في شيءٍ من تلك الأحاديث ما ينصُّ على ذلك، وإنما أراد- والله أعلم-: أن كل واحد من تلك الأوليات أوَّلٌ بالنسبة إلى التي في بابه، فأول ما يحاسبُ به من أركان الإسلام الصلاة، وأول ما يحاسب به من المظالم الدِّماء، وأول ما يحاسب به مما ينتشر فيه صِيتُ فاعله تلك الأمور. وهذا أوَّلُ ما يقاربه ويناسبه، وهكذا تعتبر ما يردُ عليك من هذا الباب، والله تعالى أعلم.
و(الجريء) بالهمز. هو: المقدامُ على الشيء، لا ينثني عنه، وإن كان هائلا، مأخوذٌ من الجرأة.
و(سحب على وجهه)؛ أي: جُرّ. و (الجواد): الكريم، وهو الكثيرُ العطاء. والجود: الكرم.
* * *