المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

(10) كتاب الصوم

(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

[949]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ

ــ

(10)

كتاب الصيام

قد تقدَّم الكلام على الصوم اللغوي، وأنه الإمساك مطلقًا، وهو في العرف الشرعي: إمساك مخصوص عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص، بشرط مخصوص. وهذه القيود تحتاج إلى تفصيل يذكر في كتب الفقه. وعلى الجملة: فهذه القيود منها متفق عليه، ومنها مختلف فيه. فأما حدَّه على مذهب مالك: فهو إمساك جميع أجزاء اليوم عن أمور مخصوصة، بنيّة موقعة قبل الفجر.

(1)

ومن باب: فضل شهر رمضان (1)

قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان)؛ دليل على من قال: لا يقال إلا شهر رمضان، متمسكًا بأنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقولوا: رمضان؛ فإن رمضان اسمٌ من أسماء

(1) ما بين حاصرتين ليس في الأصول، واستدرك من التلخيص.

ص: 135

فُتِّحَت أَبوَابُ الجَنَّةِ وَغُلِّقَت أَبوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَت الشَّيَاطِينُ.

رواه أحمد (2/ 357)، والبخاري (1898)، ومسلم (1079).

ــ

الله تعالى) (1)؛ وليس بصحيح، فإنه من حديث: أبي معشر نجيح؛ وهو ضعيف.

و(رمضان): مأخوذ من: رَمَضَ الصائم، يرمض: إذا حَرَّ جوفه من شدة العطش. والرَّمضاء: شدَّة الحر؛ قاله أبو عبيد الهروي.

وقوله: (فُتِّحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)، فتحت: بتخفيف التاء، وتشديدها. ويصح حمله على الحقيقة، ويكون معناه: أن الجنة قد فتحت وزخرفت لمن مات في شهر رمضان؛ لفضيلة هذه العبادة الواقعة فيه، وغلقت عنهم أبواب النَّار؛ فلا يدخلها منهم أحدٌ مات فيه. وصفدت الشياطين: غُلِّت وقُيِّدت. والصفد: الغل، وذلك لئلا تفسد الشياطين على الصائمين.

فإن قيل: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا؛ فلو كانت الشياطين مصفدة لما وقع شرٌ؟ فالجواب من أوجه:

أحدها: إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حُوفظ على شروطه، ورُوعيت آدابه، أما ما لم يحافظ عليه فلا يغل عن فاعله الشيطان.

والثاني: أنا لو سلمنا أنها صُفِّدت عن كل صائم، لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين، ألا يقع شر؛ لأن لوقوع الشر أسبابًا أخر غير الشياطين، وهي: النفوس الخبيثة، والعادات الرَّكيكة، والشياطين الإنسية.

والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين (2)، والمردة منهم، وأما من ليس من المردة فقد لا يصفد. والمقصود: تقليل الشرور. وهذا موجود في شهر رمضان؛ لأن وقوع الشرور والفواحش فيه قليل بالنسبة إلى غيره من الشهور.

(1) رواه البيهقي (4/ 201). وانظره في الأذكار برقم (992).

(2)

ما بين حاصرتين، ساقط من (ع).

ص: 136

[950]

وَعَن ابنِ عُمَرَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوا الهِلَالَ، وَلَا تُفطِرُوا حَتَّى تَرَوهُ، فَإِن أُغمِيَ عَلَيكُم فَاقدرُوا لَهُ.

رواه البخاري (1907)، ومسلم (1080)(9).

ــ

وقيل: إن فتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار علامة على دخول هذا الشهر العظيم للملائكة وأهل الجنة؛ حتى يستشعروا عظمة هذا الشهر (1)، وجلالته.

ويحتمل أن يقال: إن هذه الأبواب المفتحة في هذا الشهر هي: ما شرع الله فيه من العبادات، والأذكار، والصَّلوات، والتلاوة؛ إذ هي كلها تؤدي إلى فتح أبواب الجنة للعاملين فيه، وغلق أبواب النار عنهم.

وتصفيد الشياطين: عبارة عن كسر شهوات النفوس التي بسببها تتوصل الشياطين إلى الإغواء والإضلال، ويشهد لهذا قوله:(الصوم جُنَّة)(2)، وقوله:(إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش)(3)، على ما قد ذكر، وقد تقدَّم اشتقاق الشيطان.

وقوله: (فإن أُغمي عليكم فاقدروا له)، في أُغمي ضمير يعود على الهلال، فهو المغمى عليه لا الناظرون. وتقديره: فإن أغمي الهلال عليكم. وأصل الإغماء: التغطية، والغم. ومنه: المغمى عليه؛ كأنه غطي عقله عن مصالحه. ويقال: أغمي الهلال، وغمي - مشدد الميم - وكلاهما مبني لما لم يُسم فاعله. ويقال أيضًا: غمَّ، مبنيًا لما لم يُسم فاعله مشددًا. وكذلك جاءت رواية أبي هريرة. فعلى هذا يقال: أُغمي، وغُمِّي - مخففًا ومشددًا، رباعيًّا وثلاثيًّا -، وغُمَّ، فهي أربع

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (هـ).

(2)

رواه أحمد (4/ 22 و 217)، والنسائي (4/ 167)، وابن خزيمة (2125)، وابن حبان (3649) من حديث عثمان بن أبي العاص.

(3)

رواه أحمد (3/ 156 و 258)، والدارمي (2/ 320).

ص: 137

[951]

وعَنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكتُبُ وَلَا نَحسُبُ، الشَّهرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الإِبهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا (يَعنِي تَمَامَ الثَلَاثِينَ).

رواه أحمد (2/ 43 و 52)، ومسلم (1080)(15)، وأبو داود (2319)، والنسائي (5/ 139).

[952]

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإِن غُمّ عَلَيكُم فَأَكمِلُوا العَدَدَ.

ــ

لغات. ويقال: قد غامت السَّماء، تغيم، غيمومة، فهي غائمة، وغيمة، وأغامت، وتغيمت، وغيمت، وأغمت، وغمت.

وفي حديث أبي هريرة: (فإن غمي)؛ أي: خفي. يقال: غمي عليَّ الخبر؛ أي: خفي. وقيل: هو مأخوذ من الغماء، وهو السَّحاب الرقيق. وقد وقع للبخاري:(غَبِي) - بالباء، وفتح الغين -؛ أي: خفي. ومنه الغباوة.

وقوله: (فاقدروا له)؛ أي: قدِّروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يومًا. يقال: قدَّرت الشيء أقدُرُه وأقدِره - بالتخفيف - بمعنى: قدَّرته (بالتشديد)؛ كما تقدَّم في أول كتاب الإيمان. وهذا مذهب الجمهور في معنى هذا الحديث. وقد دلَّ على صحة ما رواه أبو هريرة مكان: فاقدروا له: (فأكملوا العدَّة ثلاثين).

وهذا الحديث حجة على من حمل: (فاقدروا له) على معنى: تقدير المنازل القمرية، واعتبار حسابها، وإليه صار ابن قتيبة من اللغويين، ومطرف بن عبد الله بن الشخير من كبراء التابعين.

ومن الحجة أيضًا على هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب)، فألغى الحساب، ولم يجعله طريقًا لذلك.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)؛ يقتضي لزوم حكم الصوم

ص: 138

وفي لفظ آخر: فَإِن غُمِّيَ عَلَيكُم الشَّهرُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ.

رواه أحمد (2/ 454 و 456)، والبخاري (1909)، ومسلم (1081)(18)، والنسائي (4/ 133).

ــ

والفطر لمن صحت له الرؤية، سواء شورك في رؤيته، أو انفرد بها. وهو مذهب الجمهور. وذهب عطاء وإسحاق: إلى أنه لا يلزمه حكم شيء من ذلك إذا انفرد بالرؤية. وهذا الحديث ردٌّ عليهما.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب (1))؛ أي: لم نكلف في تعرف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، وإنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحُسَّاب وغيرهم. ثم تمم هذا المعنى وكمَّله حيث بيَّنه بإشارته بيديه، ولم يتلفظ بعبارة عنه نزولاً إلى ما يفهمه الخُرصُ (2) والعجم. وحصل من إشارته بيديه ثلاث مرات: أن الشهر يكون ثلاثين، ومن خَنسِهِ (3) إِبهامه في الثالثة: أن الشهر يكون تسعًا وعشرين؛ كما قد نصَّ عليه في الحديث الآخر.

وعلى هذا الحديث: من نذر أن يصوم شهرًا غير معين؛ فله أن يصوم تسعًا وعشرين؛ لأن ذلك يقال عليه: شهر، كما أن من نذر صلاة أجزأه من ذلك ركعتان؛ لأنه أقل ما يصدق عليه الاسم. وكذلك من نذر صومًا فصام يومًا أجزأه. وهو خلاف ما ذهب إليه مالك. فإنه قال: لا يجزئه إذا صامه بالأيام إلا ثلاثون يومًا؛ فإن صامه بالهلال فعلى ما يكون ذلك الشهر من رؤية هلاله.

(1) هذا الحديث لا يفيد إلزام المسلمين أن يبقوا أميِّين، بل يقرِّر واقعًا وُجد آنذاك.

والآيات والأحاديث الحاضَّةُ على العلم تدلُّ على طَلَب التَّغيير لذلك الوَاقع؛ كقوله تعالى: {اقرأ} وقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة".

(2)

هكذا في الأصول، ولعله: الخُرْس، جمع أخرس.

(3)

"خنسه": قبضه.

ص: 139

[953]

وعَن عَائِشَةَ قَالَت: لَمَّا مَضَت تِسعٌ وَعِشرُونَ لَيلَةً أَعُدُّهُنَّ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَت: بَدَأَ بِي فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَقسَمتَ أَلَّا تَدخُلَ عَلَينَا شَهرًا وَإِنَّكَ دَخَلتَ مِن تِسعٍ وَعِشرِينَ أَعُدُّهُنَّ. قَالَ: إِنَّ الشَّهرَ تِسعٌ وَعِشرُونَ.

رواه أحمد (1/ 33 - 34)، والبخاري مختصرًا (89)، ومسلم (1475)(35)، والترمذي (3318)، والنسائي (4/ 137 - 138).

ــ

وفيه من الفقه: أن يوم الشك محكوم له بأنه من شعبان، وأنه لا يجوز صومه عن رمضان؛ لأنه علق صوم رمضان بالرؤية، ولَم فلا.

وقول عائشة: (لما مضت تسع وعشرون ليلة)؛ هذا الحديث هو جزء من حديث طويل يتضمن: أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كثرن عليه، وطالبنه بتوسعة النفقة، واجتمعن في ذلك، وخضن فيه، فوجد عليهن، فأدبهن بأن أقسم ألا يدخل عليهن شهرًا، فاعتزلهن في غرفة تسعًا وعشرين، فدخل عليه عمر فكلمه في ذلك، وتلطف فيه، إلى أن زالت موجدته عليهن، وأنزل الله آية التخيير، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاثين، فبدأ بعائشة، فذكرته بمقتضى يمينه، وأنه أقسم على شهر ظانَّةً أن الشهر لا يكون أقل من ثلاثين، فبيَّن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن الشهر يكون تسعًا وعشرين (1)، وظاهره: أنه اعتزلهن في أول ليلة من ذلك الشهر، وأن ذلك الشهر كان تسعًا وعشرين، ويشهد له قوله:(إن الشهر تسع وعشرون)؛ أي: هذا الشهر؛ لأنه هو المتكلم فيه. ويحتمل أن يكون اعتبر أول زمان اعتزاله بالأيام، وكمل تسعًا وعشرين بالعدد، واكتفى بأقل ما ينطلق عليه اسم الشهر. وعليه يخرج الخلاف فيمن نذر صوم شهر غير معين، فصامه بالعدد؛ فهل يصوم ثلاثين؟ أو

(1) انظر الحديث بطوله في صحيح مسلم (1479).

ص: 140