المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(18) باب من أحصى أحصي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(18) باب من أحصى أحصي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

[896]

عَن أَسمَاءَ بِنتِ أَبِي بَكرٍ، قَالَت: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (انفَحِي أَوِ انضَحِي أَو أَنفِقِي، وَلا تُحصِي فَيُحصِيَ اللهُ عَلَيكِ، وَلا تُوعِي فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيكِ).

رواه أحمد (6/ 345 و 346)، والبخاري (1433)، ومسلم (1029)، والنسائي (5/ 73 - 74).

ــ

(18)

ومن باب: من أَحصَى أُحصِي عليه

قوله: (انفحي أو انضحي أو أنفقي)، [معناه]: أعطي، وأصل النفح: الضرب بالعصا أو بالسيف، وكأن الذي ينفق يضرب المعطى له بما يعطيه. ويحتمل أن يكون من نَفَحَ الطيبُ: إذا تحركت رائحته؛ إذ العطية تستطاب كما تستطاب الرائحة الطيبة، أو من نَفَحَت الريح، إذا [هَبَّت] باردة، فكأنه أمر بعطية سهلة كثيرة.

وفي حديث أبي ذر: ونفح به يمينًا وشمالاً (1)؛ أي: أعطاه في كل وجه. وأصل النضح: الرش. وكأنه أمره بالتصدّق بما تيسّر، وإن كان قليلاً.

وفي الحديث: (ارضخي)؛ أي: أعطي بغير تقدير. ومنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرضخ للنساء من الغنيمة، ولا يضرب لهن بسهم (2). ويفيد تكرار هذه الألفاظ تأكد أمر الصدقة، والحضّ عليها على أي حال تيسَّرت بكثير أو قليل، بمقدر أو بغير مقدر، والله أعلم.

(1) سبق تخريجه في التلخيص برقم (859).

(2)

رواه أحمد (224 و 352)، وأبو داود (2728) من حديث ابن عباس.

ص: 73

[897]

وَعَنهَا؛ أَنَّهَا جَاءَتِ للنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا نَبِيَّ اللهِ لَيسَ لِي شَيءٌ إِلا مَا أَدخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيرُ، فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أَن أَرضَخَ مِمَّا يُدخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ:(ارضَخِي مَا استَطَعتِ، وَلا تُوعِي فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيكِ).

رواه أحمد (6/ 354)، والبخاري (1434)، ومسلم (1029)(89)، والنسائي (5/ 74).

[898]

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (يَا نِسَاءَ المُسلِمَاتِ لا تَحقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَو فِرسِنَ شَاةٍ).

رواه أحمد (2/ 264 و 432)، والبخاري (6017)، ومسلم (1030)، والترمذي (2130).

ــ

وقولها: ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير؛ تعني: ما يدخل عليها للإنفاق عليها وعلى أهل بيتها، وهذا محمول على ما تقدّم.

وقوله: (فلا تحصي فيحصي الله عليك)؛ أي: لا تبخلي فتجازين على بخلك. وأصل هذا: من الإحصاء الذي هو العدّ. وعبر عن البخل بالإحصاء؛ لأن البخيل يعدُّ ماله ويتحرز به، ويغار عليه.

وقوله: (ولا توعي فيوعي الله عليك)؛ أي: لا تمسكي المال في الوعاء فيمسك الله فضله وثوابه عنك. وفي غير مسلم: (ولا توكي فيوكي عليك)؛ أي: لا تربطي. والوكاء: الخيط الذي يُشدُّ به. وهذا كله من باب مقابلة اللفظ باللفظ.

ومعنى ما ذكر: أنك إذا فعلت ذلك جزيت عليه بنسبة ما فعلت.

وقوله: (يا نساء المؤمنات)؛ روايتنا فيه بفتح الهمزة وكسر تاء المؤمنات على المنادى المضاف، وهو من إضافة الشيء إلى صفته. وقد تقدّم. وقد قدّر النحويون [هذا]: يا نساء الجماعات المؤمنات، تحرزا من إضافة الشيء إلى

ص: 74

[899]

وَعَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَبعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ

ــ

نفسه (1). وهذه رواية الجمهور، وقد رواه بعضهم: يا نساء - بالرفع -، والمؤمنات - بالكسر -، وعلى هذه الرواية يكون: يا نساء، منادى مفردًا، والمؤمنات صفة على الموضع. ويجوز رفعه على اللفظ، كما تقول: يا زيد العاقل، بالرفع على اللفظ، والنصب على الموضع.

والفِرسَن: للبعير كالقدم للإنسان، وأصله للبعير. وقد يقال للشاة، كما جاء هنا، ومقصود هذا الحديث النهي عن احتقار القليل من الصدقة. و (لو) هنا للتقليل، وقد بينا محاملها في أول الكتاب.

وقوله: (سبعة يظلهم الله في ظله)؛ أي: في ظل عرشه، كما جاء في الحديث الآخر، والمراد يوم القيامة إذا قام الناس في صعيدها، وقربت الشمس من الرءوس، وأُديرت النار بأهل الموقف، فليس هناك إلا ظل العرش. فأما ظل الصدقة فمن ظل العرش، والله أعلم.

ويحتمل أن يراد بالظلّ هنا: الكَنَف والكرامة والوقاية من المكاره، كما تقول العرب: أنا في ظل فلان؛ أي: في صيانته وكرامته وكنفه، وإلى هذا نحا ابن دينار.

والإمام العادل: هو كل من ولي شيئًا من أمور المسلمين، فعدل فيه.

وقوله: (شاب نشأ بعبادة الله)؛ كذا الرواية: بعبادة الله - بالباء، وهذه الباء هي باء المصاحبة، كما تقول: جاء زيد بسلاحه؛ أي: مصاحبًا لها، ويحتمل أن تكون بمعنى الفاء، كما قد تكون الفاء بمعنى الباء، في مثل قوله تعالى:{هَل يَنظُرُونَ إِلا أَن يَأتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمَامِ} ونشأ نبت وابتدأ؛ أي: لم يكن له صبوة، وهو الذي قال فيه في الحديث الآخر:(يعجب ربك من صبيٍّ ليست له صبوةٌ)(2)، وإنما كان ذلك لغلبة التقوى التي بسببها ارتفعت الصبوة.

(1) في (ع): جنسه.

(2)

رواه أحمد (4/ 151).

ص: 75

وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجتَمَعَا عَلَيهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتهُ امرَأَةٌ ذَاتُ مَنصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخفَاهَا حَتَّى لا تَعلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنفِقُ شِمَالُهُ،

ــ

وقوله: (ورجل قلبه معلّق في المساجد)؛ أي: يحب الكون فيها للصلاة والذكر وقراءة القرآن، وهذا إنما يكون ممن استغرقه حبُّ الصلاة والمحافظة عليها وشُغِف بها.

وقوله: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه)؛ أي: داما على المحبة الصادقة الدِّينية، المبرأة عن الأغراض الدُّنيوية، ولم يقطعاها بعارض في حال اجتماعهما، ولا حال افتراقهما.

وقوله: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله)؛ معنى دعته: عرضت نفسها عليه؛ أي (1) للفاحشة. وقول المدعو في مثل هذا: إني أخاف الله، وامتناعه لذلك دليلٌ: على عظيم معرفته بالله تعالى، وشدّة خوفه من عقابه، ومتين تقواه، وحيائه من الله تعالى. وهذا هو المقام اليوسفي.

وقوله: (ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها) هذه صدقة التطوع في قول ابن عباس وأكثر العلماء. وهو حضٌّ على الإخلاص في الأعمال، والتستر بها، ويستوي في ذلك جميع أعمال البر التطوعية.

فأما الفرائض فالأولى إشاعتها وإظهارها لتنحفظ قواعد الدين، ويجتمع الناس على العمل بها، فلا يضيع منها شيء، ويظهر بإظهارها جمال دين الإسلام، وتعلم حدوده وأحكامه. والإخلاص واجب في جميع القرب، والرياء مفسد لها.

وقوله: (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)؛ هذا مبالغة في إخفاء الصدقة.

(1) من (ع).

ص: 76

وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَت عَينَاهُ).

رواه أحمد (2/ 439)، والبخاري (660)، ومسلم (1031)، والترمذي (239).

* * *

ــ

وقد سمعنا من بعض المشايخ أن ذلك أن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه، فيدفع له درهمًا مثلاً في شيء يساوي نصف درهم. فالصورة مبايعة، والحقيقة صدقة، وهو اعتبار حسن.

وقوله: (ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه)؛ خاليًا يعني: من الخلق، ومن الالتفات إلى غير الله.

وفيض العين: بكاؤها. وهو على حسب حال الذاكر، وبحسب ما ينكشف له من أوصافه تعالى، فإن انكشف له غضبه، فبكاؤه عن خوف، وإن انكشف [له] جماله وجلاله، فبكاؤه عن محبة وشوق، وهكذا يتلوَّن الذاكر بتلوُّن (1) ما يذكر من الأسماء والصفات.

وهذا الحديث جدير بأن ينعم فيه النظر، ويستخرج ما فيه من اللطائف والعبر، والله الموفق الملهم.

* * *

(1) في (ع): بحسب.

ص: 77