المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

وفي رواية: الشِّكَالُ: أَن يَكُونَ الفَرَسُ فِي رِجلِهِ اليُمنَى بَيَاضٌ، وَفِي يَدِهِ اليُسرَى، أَو فِي يَدِهِ اليُمنَى وَرِجلِهِ اليُسرَى.

رواه أحمد (2/ 250)، ومسلم (1875)(101 و 102)، وأبو داود (2547)، والترمذي (1698)، والنسائي (6/ 219).

* * *

(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

[1341]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَن خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخرِجُهُ إِلَّا جِهَاد فِي سَبِيلِي، وَإِيمَان بِي، وَتَصدِيقٌ بِرَسُولِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَن أُدخِلَهُ الجَنَّةَ، أَو أَرجِعَهُ إِلَى مَسكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ

ــ

المخالف، فإن صح أن ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق. والله تعالى أعلم.

وإن كان ذلك من قول بعض الرواة فالمعروف عند اللغويين ما قدَّمته من قول أبي عبيد.

(39)

ومن باب: الترغيب في الجهاد

قوله: (فهو عليّ ضامن)؛ قيل فيه: هو بمعنى مضمون. كما قالوا: ماء دافق؛ أي: مدفوق (1)، و: لا عاصم اليوم؛ أي: معصوم. وقيل معناه: ذو ضمان. كما قال في الحديث الآخر: (تكفل الله)؛ أي: ضمن. وهذا كله عبارة عن أن هذا الجزاء لا بد منه؛ إذ قد سبق هذا في علمه ونافذ حكمه. وعن هذا المعنى عبَّر بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَموَالَهُم} الآية؛ لأن من اشترى شيئا تعين عليه ثمنه، وكذلك من ضمنه.

وقوله: (أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه)؛ يعني: أن الله تعالى

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

ص: 705

مِنهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِن أَجرٍ أَو غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! مَا مِن كَلمٍ يُكلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ كَهَيئَتِهِ حِينَ كُلِمَ. . .

ــ

ضمن له إحدى الحسنيين؛ إما الشهادة، فيصير إلى الجنة حيًّا يرزق فيها، وإما الرجوع إلى وطنه بالأجر والغنيمة.

وقوله: (نائلا ما نال من أجر أو غنيمة)؛ كذا لأكثر الرواة، بـ (أو) وهي هنا بمعنى الواو الجامعة على مذهب الكوفيين، وأنشدوا:

نال الخلافة أو كانت له قدرًا

كما أتى ربه موسى على قدر (1)

وقد دلَّ على هذا المعنى رواية أبي داود لهذه اللفظة، فإنه قال فيها:(من أجر وغنيمة) بالواو الجامعة. وقد رواه بعض رواة كتاب مسلم بالواو. وذهب بعض العلماء إلى أنها (أو) على بابها لأحد الشيئين، وليست بمعنى الواو. وقال: إن الحاصل لمن لم يستشهد من الجهاد أحد الأمرين: إما الأجر؛ إن لم يغنم، وإما الغنيمة ولا أجر. وهذا ليس بصحيح؛ لما يأتي من حديث عبد الله بن عمرو: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من غازية تغزو فيصيبوا ويغنموا إلا تعجلوا ثلثي أجورهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث)(2)، وهذا نص في أنَّه يحصل له مجموع الأجر والغنيمة. فالوجه: التأويل الأول. والله تعالى أعلم.

وقوله: (ما من كلم يكلم في سبيل الله)؛ أي: ما من جرح يجرح في الجهاد الذي يبتغى به وجه الله.

وقوله: (إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم)؛ فيه دليل: على أن الشهيد لا يغسل. وهو قول الجمهور. وقد تقدم في الجنائز.

(1) هذا البيت لجرير بن عطية، يمدح الخليفة عمر بن عبد العزيز.

(2)

رواه مسلم (1906)، وأبو داود (2497)، والنسائي (6/ 17 و 18)، وابن ماجه (2785).

ص: 706

لَونُهُ لَونُ دَمٍ، وَرِيحُهُ ريح مِسكٌ، وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَولَا أَن يَشُقَّ عَلَى المُسلِمِينَ، مَا قَعَدتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا، وَلَكِن لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحمِلَهُم، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيهِم أَن يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَوَدِدتُ أَن أَغزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقتَلُ، ثُمَّ أَغزُو فَأُقتَلُ، ثُمَّ أَغزُو فَأُقتَلُ.

رواه مسلم (1876)(103)، والنسائي (8/ 119).

[1342]

وعَنه: عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَن جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخرِجُهُ مِن بَيتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصدِيقُ كَلِمَتِهِ، بِأَن يُدخِلَهُ الجَنَّةَ، أَو

ــ

وقوله: (لونه لون دم، وريحه ريح مسك)، وفي الرواية الأخرى:(وجرحه يثعب دمًا)؛ أي: يسيل. وقد يستدل بهذا الحديث على أن تغير ريح الماء بالمخالط النجس لا يخرجه عن أصله، كما لم يخرج الدم عن كونه دمًا استحالة رائحته إلى رائحة المسك، وهو قول عبد الملك في رائحة الماء أنها لا تفسده، ولا تخرجه عن أصله. وقد استدل به أيضًا على نقيض ذلك، وهو: أن تغير الرائحة يخرجه عن أصله، كما هو مذهب الجمهور. ووجه هذا الاستدلال: أن الدم لما استحالت رائحته إلى رائحة المسك خرج عن كونه مستخبثًا نجسًا، فإنه صار مسكًا، وإن المسك بعض دم الغزال، فكذلك الماء إذا تغيرت رائحته. وأخرج البخاري هذا الحديث في: المياه. وتؤول له كلا التأويلين.

وقوله: (والله أعلم بمن يكلم في سبيله)؛ تنبيه على: وجوب الإخلاص في الجهاد، وتنويه بالمخلص فيه، واستبعاد للإخلاص، وإشعار بقلته.

وقوله: (وتصديق كلماته)؛ بالجمع. وفي غير كتاب مسلم: (كلمته)(1).

(1) كما في البخاري (3123).

ص: 707

يَرجِعَهُ إِلَى مَسكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنهُ مَعَ مَا نَالَ مِن أَجرٍ أَو غَنِيمَةٍ.

رواه أحمد (2/ 399)، والبخاري (3123)، ومسلم (1876)(104)، والنسائي (6/ 16).

[1343]

وعَنه: عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يُكلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعلَمُ بِمَن يُكلَمُ فِي سَبِيلِهِ- إِلَّا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ وَجُرحُهُ يَثعَبُ، اللَّونُ لَونُ الدَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسكٍ.

رواه مسلم (1876)(105).

[1344]

وعَنه قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم: مَا يَعدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا تَستَطِيعُونَهُ. قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيهِ مَرَّتَينِ أَو ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ:

ــ

وكل متقارب في المعنى؛ يعني به: كلام الله تعالى الذي أخبر به عن ثواب الجهاد، وفضل الشهادة.

وسُمي الشهيد شهيدًا؛ لأنه حي يرزق، ويشاهد الجنة، وما أكرمه الله تعالى به. وقيل: لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة. وقيل: لأن الله تعالى وملائكته شهدوا له بالرضا والرضوان. فعلى هذا يكون فعيل بمعنى: مفعول؛ أي: مشهود له. وعلى التأويلين الأولين بمعنى: فاعل.

وقوله: (ما يعدل)؛ أي: ما يعادله ويماثله في الثواب عند الله تعالى؟

وقوله: (لا تستطيعونه)؛ أي: لا تطيقون أن تفعلوا ما يساوي ثواب الجهاد. ووجهه: أن كل ما يصدر من المجاهد في حالتي نومه ويقظته، وسكونه وحركته هو عمل صالح يكتب له ثوابه دائمًا، بدوام أفعاله، إذ لا يتأتى لغيره فيه؛ لأنه على كل حال في الجهاد، وملابس أحواله، وذلك: أن المجاهد إما أن ينال من العدو، أو يغيظه، أو يروّعه، أو يكثر سواد المسلمين، أو يصيبه نصب أو مخمصة. وكل ذلك أعمال كثيرة لها أجور عظيمة، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُم

ص: 708

لَا تَستَطِيعُونَهُ. قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ، لَا يَفتُرُ مِن صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ، حَتَّى يَرجِعَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

رواه مسلم (1878)، والنسائي (6/ 19).

[1345]

وعَن أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَغَدوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَو رَوحَةٌ، خَيرٌ مِن الدُّنيَا وَمَا فِيهَا.

رواه أحمد (3/ 132)، والبخاري (2792)، ومسلم (1880)، والترمذي (1651)، وابن ماجه (2757).

ــ

لا يُصِيبُهُم ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوطِئًا يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيلا إِلا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ} وعلى هذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم، القائم، القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله)(1). فشبه المستغرق في أفضل العبادات التي هي الصوم والصلاة، الخاشع فيها؛ الذي لا يفتر بالمجاهد؛ لذلك المعنى الذي ذكرنا.

و(القائم)؛ يعني به: في الصلاة. و (القانت): الخاشع فيها.

و(الغدوة) - بفتح الغين-: واحدة المشي في الغدوِّ. وبضم الغين: وهو البكور. و (الروحة): المشية في الرواح، وهو الرجوع بالعشيّ. وأول العشي: الزوال. وقد تقدَّم هذا في الجمعة.

وقوله: (خير من الدنيا وما فيها)، وفي الرواية الأخرى:(مما طلعت عليه الشمس)؛ يعني: أن الثواب الحاصل على مشية واحدة في الجهاد خير لصاحبه من

(1) رواه البخاري (2787)، والنسائي (6/ 18).

ص: 709

[1346]

وفي حديث أبي أيوب: خَيرٌ مِمَّا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ أوَ غَرَبَت.

رواه مسلم (1883).

[1347]

وعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَن رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَت لَهُ الجَنَّةُ. فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ: أَعِدهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: وَأُخرَى يُرفَعُ بِهَا العَبدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الجَنَّةِ، مَا بَينَ كُلِّ دَرَجَتَينِ كَمَا

ــ

الدنيا كلها لو جمعت له بحذافيرها. وهذا كما قال في الحديث الآخر: (وموضع قوس أحدكم أو سوطه في الجنة خير من الدنيا وما فيها)(1). هذا منه صلى الله عليه وسلم إنما هو على ما استقر في النفوس من تعظيم ملك الدنيا. وأما على التحقيق فلا تدخل الجنة تحت (أفعل) إلا كما يقال: العسل أحلى من الخل. وقد قيل: إن معنى ذلك- والله أعلم- أن ثواب الغدوة والروحة أفضل من الدنيا وما فيها لو ملكها مالك، فأنفقها في وجوه البر والطاعة غير الجهاد. وهذا أليق، والأول أسبق.

وقوله: (من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا، وجبت له الجنَّة)؛ أي: من مات على ذلك فلا بدَّ له من دخول الجنَّة قطعًا، ولو دخل النار في كبائر عليه فمآله إلى الجنة على كل حال.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة)؛ أي: خصلة أخرى. والدرجة: المنزلة الرفيعة، ويراد بها غرف الجنة ومراتبها؛ التي أعلاها الفردوس، كما جاء في الحديث. ولا يظن من هذا: أن درجات الجنة محصورة بهذا العدد،

(1) رواه أحمد (3/ 263 - 264)، والبخاري (6568)، والترمذي (1651).

ص: 710

بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ. قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

رواه أحمد (3/ 14)، ومسلم (1884)، والنسائي (6/ 19).

* * *

ــ

بل هي أكثر من ذلك، ولا يُعلم حصرها ولا عددها إلا الله تعالى، ألا تراه قد قال في الحديث الآخر:(يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)(1)؛ فهذا يدل: على أن في الجنة درجات على عدد آي القرآن، وهي نيف على ستة آلاف آية، فإذا اجتمعت للإنسان فضيلة الجهاد مع فضيلة القرآن، جمعت له تلك الدرجات كلها. وهكذا ما زادت أعماله زادت درجاته. والله تعالى أعلم (2).

* * *

(1) رواه أحمد (2/ 192)، وأبو داود (1464)، والترمذي (2914).

(2)

زاد في (ج 2):

قال شيخنا أبو محمد عبد العظيم المنذري:

(قوله "مئة درجة") يحتمل أن يكون الحديث على ظاهره، وأن الدرجات: المنازل التي بعضها أرفع من بعض في الظاهر، وكذلك منازل الجنة، كما جاء في أصحاب الغرف أنهم يراهم من هو أسفل منهم، كالكوكب الدُّريِّ، ويحتمل أن يكون المراد الرفعة المعنوية من عظيمِ الأجسام، وكثرة النعيم، وأن أنواع النعيم على المجاهد، وثوابه، يتفاضل تفاضلًا كثيرًا، ومثل ذلك تفاضله في البعد بما بين السماء والأرض من البعد. ورجَّح بعضُهم الأول.

ص: 711