المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

[1141]

عَن عَبدِ اللَّهِ، قَالَ: مَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا، إِلَّا صَلَاتَينِ: صَلَاةَ المَغرِبِ، وَالعِشَاءِ بِجَمعٍ، وَصَلَّى الفَجرَ يَومَئِذٍ قَبلَ مِيقَاتِهَا.

وَفِي رِوَايَةِ: قَبلَ وَقتِهَا بِغَلَسٍ.

رواه أحمد (1/ 434)، والبخاري (1682)، ومسلم (1289).

ــ

(37)

ومن باب: التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة

قول ابن مسعود: (إنه صلى الله عليه وسلم صلَّى الفجر يومئذ قبل ميقاتها) لا يفهم من ذلك: أنه يعني بذلك: أنه أوقع صلاة الصبح قبل طلوع الفجر، فإن ذلك باطل بالأدلة القاطعة؛ وإنما يعني بذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أوقع الصبح يومئذ قبل الوقت الذي كان يوقعها فيه في غير ذلك اليوم، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم (1) كان إذا أتاه المؤذن يخبره (2) بالفجر صلَّى ركعتي الفجر في بيته، وربما تأخر قليلاً ليجتمعوا، ثم يخرج فيصلي، ومع ذلك فكان يصلِّيها بغلس كما قال ابن عباس، وعائشة، وغيرهما. وأما في هذا اليوم: فكان الناس مجتمعين والفجر نصب أعينهم، فبأول طلوع الفجر ركع ركعتي الفجر، وشرع في صلاة الصبح، ولم يتربَّص لاجتماع الناس، وليتفرغوا للدعاء، فصار فعل هذه الصلاة في هذا اليوم قبل وقتها المعتاد.

و(حطم الناس): زحمتهم؛ لأن بعضهم يحطم بعضًا من أجل الزحام، وأصل الحطم: كسر الحطام،

(1) ساقط من (ع).

(2)

من هامش (هـ).

ص: 393

[1142]

وعَن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَت: استَأذَنَت سَودَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ المُزدَلِفَةِ، تَدفَعُ قَبلَهُ، وَقَبلَ حَطمَةِ النَّاسِ، وَكَانَت امرَأَةً ضخمة ثَبِطَةً، قَالَت: فَأَذِنَ لَهَا، فَخَرَجَت قَبلَ دَفعِةِ الناس، وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصبَحنَا، فَدَفَعنَا بِدَفعِهِ، وَلَأَن أَكُونَ استَأذَنتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا استَأذَنَتهُ سَودَةُ، فَأَكُونَ أَدفَعُ بِإِذنِهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِن مَفرُوحٍ بِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَت عَائِشَةَ: فَاستَأذَنَت سَودَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَن تُفِيضَ مِن جَمعٍ بِلَيلٍ. فَأَذِنَ لَهَا. وفيها وكانت عَائِشَةُ: لا تفيض إلا مع الإمام.

وفي أخرى: قَالَت عَائِشَةُ: وَدَدَتُ أني كنت استَأذَنتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا استَأذَنَتهُ سَودَةُ، فَأُصَلِّي الصُّبحَ بِمِنًى، فَأَرمِي الجَمرَةَ قَبلَ أَن يَأتِيَ النَّاسُ.

رواه البخاري (1680)، ومسلم (1290)، والنسائي (5/ 292)، وابن ماجه (3027).

ــ

وهو اليابس من الزرع وغيره.

و(الثبطة): الثقيلة، كأنها تثبط بالأرض؛ أي: تتثبت، وتتحبس.

و(المَفرُوح به): هو كل شيء مُعجِبٌ، له بالٌ، بحيث يُفرح به؛ كما قد جاء في غير موضع:(هو أحب إليَّ من حمر النعم).

و(الظعن): جمع ظعينة. وهن النساء في الهوادج. و (هنتاه): منادى: هنة؛ التي هي مؤنث هن؛ الذي هو كناية عن نكرة؛ كشيء، ونحوه. ولا يستعمل: هناه، ولا هنتاه إلا في النداء خاصة. ونون هنتاه ساكنة، وأصل هائه أن تكون ساكنة؛ لأنها للسكت، لكنهم قد شبهوها بالضمائر فأثبتوها في الوصل، وضموها، كما قال امرؤ القيس:

وقد رابَنِي قَولُها يا هَنا

هُ وَيحَكَ ألحَقتَ شَرًّا بِشَرِّ

فقولهم: يا هناه؛ كقولك: يا رجلُ. و: يا هنتاه؛ كـ: يا امرأة.

ص: 394

[1143]

وعن عَبدُ اللَّهِ مَولَى أَسمَاءَ، قَالَ: قَالَت لِي أَسمَاءُ: وَهِيَ عِندَ دَارِ المُزدَلِفَةِ: هَل غَابَ القَمَرُ؟ قُلتُ: لَا. فَصَلَّت سَاعَةً. ثُمَّ قَالَت:

ــ

وفي هذه الأحاديث ما يدل على أن الكون بالمزدلفة بعد الوقوف بعرفة من شعائر الحج، ومناسكه. ولا خلاف في ذلك؛ إلا خلافًا شاذًّا روي عن عطاء، والأوزاعي: أن جمعًا منزل كسائر منازل السَّفر، من شاء طواه، ومن شاء نزل به، ورحل متى شاء.

ثم اختلف القائلون: بأنه مشروع. فمنهم من ذهب إلى أنه ركن يبطل الحج بفواته. وإليه ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام. وقال علقمة، والشعبي، والنخعي: من فاته جمع، ولم يقف به؛ فقد فاته الحج. والجمهور: على أنه يلزمه بفواته دم والحج صحيح.

ثم اختلف في القدر الذي يجزئ من ذلك. فقال الشافعي: إن خرج منها بعد نصف الليل فلا شيء عليه. وإن كان قبل ولم يعد إليها؛ افتدى بشاة. وقال مالك: من نزل بها؛ فلا دم عليه في أي وقت دفع منها، وإن مرّ ولم ينزل؛ فعليه الدم.

وأما الوقوف بالمشعر الحرام: فقد صار الشافعي، والنخعي، والأوزاعي: إلى أنه إن فاته الوقوف به؛ فقد فاته الحج. واختلف فيه عن الثوري. والجمهور: على أنه ليس بواجب. ثم اختلفوا. فقال الكوفيون، وفقهاء أصحاب الحديث: على تاركه دم. وذهب مالك: إلى أنه مستحب، ولا يجب بتركه دم.

وسبب هذا الخلاف معارضة ظاهر قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضتُم مِن عَرَفَاتٍ فَاذكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشعَرِ الحَرَامِ} ؛ لما ثبت من السنة في إذنه صلى الله عليه وسلم لضعفة أهله في الدفع من المزدلفة قبل طلوع الفجر إلى منى، ولم يأمرهم بالوقوف، ولا بالدم على الترك (1)، فدلّ ذلك على أنه ليس بواجب، ولا في تركه دم، وما أمر به عبد الله بن عمر مَن قدَّمه من ضعفة أهله من الوقوف عند المشعر الحرام، فذلك على جهة الاستحباب (2) منه، وهو حسنٌ لمن فعله. وهذه

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (هـ).

(2)

في (هـ) و (ل): الاستحسان.

ص: 395

يَا بُنَيَّ هَل غَابَ القَمَرُ؟ قُلتُ: نَعَم قَالَت: ارحَل بنِي! فَارتَحَلنَا حَتَّى رَمَت الجَمرَةَ، ثُمَّ صَلَّت فِي مَنزِلِهَا. فَقُلتُ: لَهَا أَي هَنتَاه لَقَد غَلَّسنَا قَالَت: كَلَّا أَي بُنَيَّ! إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِلظُّعُنِ.

رواه البخاري (1679)، ومسلم (1291)، وأبو داود (1943)، والنسائي (5/ 266).

[1144]

وعن أُمِّ حَبِيبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِهَا مِن جَمعٍ بِلَيلٍ، وَفِي رِوَايَةِ: نُغَلِّسُ.

رواه مسلم (1292)(298 و 299)، والنسائي (5/ 262).

ــ

الأحاديث تدل على أن الدفع للضَّعفة من المزدلفة قبل طلوع الفجر رخصة، ولا خلاف في أن الأولى والأفضل المكث بالمزدلفة إلى أن يُصلِّى الفجر بها، ثم يقف بالمشعر الحرام، ثم يدفع منها بعد ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. ثم هل تلك الرخصة تختص بالإمام أو تتعدى إلى غيره ممن يحتاج إلى ذلك؟ قولان عندنا. وابن عمر راوي الحديث فهم التعدِّي، وأن من احتاج إلى ذلك فعله، وهو الصحيح.

وقوله: (فارتحلت حتى رمت الجمرة، ثم صلت في منزلها)؛ يعني: صلاة الصبح. وظاهره: أن أسماء رمت الجمرة قبل طلوع الفجر. وهو متمسك الشافعي على قوله بجواز رمي الجمرة من نصف الليل. وذهب الثوري، والنخعي: إلى أنها لا ترمى إلا بعد طلوع الشمس؛ متمسكين بما في كتاب النسائي من حديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم قدَّم ضعفة أهله، وأمرهم ألا يرموا حتى تطلع الشمس (1). وهو صحيح. ومذهب مالك: أن الرمي يحلُّ بطلوع الفجر. متمسِّكًا بقول عائشة:

(1) رواه النسائي (5/ 261).

ص: 396

[1145]

وعن ابنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَحَرٍ مِن جَمعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللَّهِ.

رواه البخاري (1677)، ومسلم (1294)، وأبو داود (1939)، والترمذي (892)، والنسائي (5/ 261)، وابن ماجه (3026).

[1146]

وعن سَالِمَ بنَ عَبدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهلِهِ، فَيَقِفُونَ عِندَ المَشعَرِ الحَرَامِ بِالمُزدَلِفَةِ بِاللَّيلِ، فَيَذكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُم، ثُمَّ يَدفَعُونَ قَبلَ أَن يَقِفَ الإِمَامُ، وَقَبلَ أَن يَدفَعَ فَمِنهُم مَن يَقدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الفَجرِ، وَمِنهُم مَن يَقدَمُ بَعدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوا الجَمرَةَ وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَرخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رواه البخاري (1676)، ومسلم (1295).

* * *

ــ

فأصلي الصبح بمنًى، وأرمي الجمرة (1). وبحديث ابن عمر، وإليه ذهب أحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

و(قول ابن عباس: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع في ثَقَله بسَحَر)؛ بغير صرف، وهو الصواب؛ لأنه سحر معينٌ. و (ثقل): بفتح الثاء والقاف: وهو الشيء الذي يثقل حامله (2).

* * *

(1) سبق تخريجه برقم (1442).

(2)

هنا نهاية النسخة الظاهرية.

ص: 397