الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(46) باب ما جاء في طواف الوداع
[1180]
عَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَنفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهدِهِ بِالبَيتِ.
رواه أحمد (1/ 222)، ومسلم (1327)، وأبو داود (2002).
[1181]
وعن عَائِشَةَ قَالَت: حَاضَت صَفِيَّةُ بِنتُ حُيَيٍّ بَعدَ مَا أَفَاضَت، قَالَت عَائِشَةُ: فَذَكَرتُ حِيضَتَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ
ــ
(46)
ومن باب: طواف الوداع
قوله: (كان الناس ينصرفون في كل وجهٍ)؛ أي: يتفرقون من غير أن يودعوا البيت، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله:(لا ينفرنَّ أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)؛ فظاهر هذا: أن طواف الوداع واجب على كل حاجٍّ أو معتمر غير مكيّ. وإليه ذهب أبو حنيفة، لكن أزال هذا الظاهر حديث صفية، حيث رخص لها في تركه لَمَّا حاضت، ففهم منه: أنه ليس على جهة الوجوب. وهو مذهب الجمهور.
ثم من تركه فهل يلزمه دم أو لا يلزمه شيء؟ فقال أبو حنيفة، والشافعي - في أحد قوليه -: إنه يلزمه دم. وقال مالك: لا يلزمه دم. وهو الصحيح؛ لأن صفية لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك. ولو كان ذلك لازمًا؛ لما جاز السكوت عنه؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. والله أعلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم لصفية - لَمَّا أعلمته أنها حاضت -: (انفري)؛ دليل على أن الحائض يجزئها طواف الإفاضة عن طواف الوداع. وعلى هذا جماعة الفقهاء إلا خلافًا شاذًّا روي عن بعض السلف: أنها لا تنفر حتى تودع. والحديث حجة عليهم.
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالَت: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا قَد أَفَاضَت وَطَافَت بِالبَيتِ، ثُمَّ حَاضَت بَعدَ الإِفَاضَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلتَنفِر.
رواه أحمد (6/ 122 و 192)، والبخاري (328)، ومسلم (1211)(382)، والنسائي (1/ 194)، وابن ماجه (3073).
[1182]
وعنها قَالَت: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَن يَنفِرَ، إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً، فَقَالَ: عَقرَى حَلقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَكُنتِ أَفَضتِ يَومَ النَّحرِ؟ قَالَت: نَعَم. قَالَ: فَانفِرِي.
وِفي رواية: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قال: أحابستنا صفية؟ قلنا: قد أفاضت. قال: فلا إذا.
رواه أحمد (6/ 39)، والبخاري (1757)، ومسلم (1211)(384 و 387)، والترمذي (943).
* * *
ــ
وقوله: (أحابستنا هي)؛ دليل على أن الكَرِي يُحبس على التي حاضت ولم تطف طوافَ الإفاضة حتى تطهر. وهو قول مالك. وقال الشافعي: لا يُحبس عليها كري، ولتكر جملها، أو تحمل مكانها غيرها، وهذا كله في الأمن ووجود ذي المحرم. وأما مع الخوف، أو عدم ذي المحرم؛ فلا يُحبس باتفاق؛ إذ لا يمكن أن يسير بها وحدها، ويفسخ الكراء، ولا تحبس عليها الرفقة إلا أن يبقى لطهرها كاليوم. وقد تقدَّم القول في:(عقرى حلقى)، وفي: طمثت.