المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

وَفِي رِوَايَةٍ: فَفَعَلَت ذَلِكَ عَن أَمرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد (6/ 360)، ومسلم (1207)(104 و 107)، وابن ماجه (2937)، والنسائي (5/ 68).

* * *

(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

[1078]

عَن عَائِشَةَ قَالَت: نُفِسَت أَسمَاءُ بِنتُ عُمَيسٍ، بِمُحَمَّدِ بنِ

ــ

وبقوله: {وَلا تُبطِلُوا أَعمَالَكُم} واعتذروا عن هذا الحديث بوجهين:

أحدهما: ادعاء الخصوص بهذه المرأة.

وثانيهما: أنهم حملوه على التحلل بالعمرة، فإنها أرادت أن تحج؛ كما جاء مفسرًا من رواية ابن المسيب، وهو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة أن تشترط وتقول: (اللهم! الحج أردت، فإن تيسر، وإلا فعمرة)(1). وروي عن عائشة: أنها كانت تقول: (للحج خرجت، وله قصدت، فإن قضيته فهو الحج، وإن حال دونه شيء فهو (2) العمرة) (3). والله تعالى أعلم.

(12)

ومن باب: يغتسل المحرم ولو كان امرأة حائضًا

قوله: (نفست أسماء)؛ أي: ولدت. وقد تقدم؛ أنه يقال: نفست المرأة في الحيض والولادة بالضم والفتح. كما حكاهما صاحب الأفعال، غير أن الضم في

(1) رواه البيهقي (5/ 223).

(2)

في (ظ): هي.

(3)

رواه البيهقي (5/ 222).

ص: 296

أَبِي بَكرٍ بِالشَّجَرَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكرٍ رضي الله عنه يَأمُرُهَا أَن تَغتَسِلَ وَتُهِلَّ.

رواه مسلم (1209)، وأبو داود (1834)، وابن ماجه (2911).

[1079]

وَعَنهَا، أَنَّهَا قَالَت: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ.

ــ

الولادة أكثر. والفتح في الحيض أكثر. وقيل: إنه لا يقال في الحيض إلا بالفتح، حكاه الحربي.

و(الشجرة): شجرة كانت هناك بذي الحليفة، و (البيداء) طرف منها، وكأنها إنما نزلت هناك لتبعد عن الناس لأجل الولادة.

وأمره صلى الله عليه وسلم لها بأن تغتسل: إنما كان للإهلال، وهو الإحرام.

وفي الحج أغسال هذا أوكدها، وهو سنة عند الجمهور. وقال بوجوبه عطاء، والحسن في أحد قوليه، وأهل الظاهر. والغسل الثاني لدخول مكة. ومن أصحابنا من اكتفى بهذا الغسل عن غسل الطواف، وقال: إنه شرع لأجل الطواف؛ لأنه أول مبدوء به عند الدخول. ومنهم من لم يكتف به، وقال: لا بدَّ من غسل الطواف، وإنما ذلك للدخول فقط. والغسل الثالث: للوقوف بعرفة. وهذه الأغسال كلها سنن مؤكدة. وقد أطلق مالك على جميعها الاستحباب، وأوكدها غسل الإحرام.

وقول عائشة رضي الله عنها: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع)؛ سميت بذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس ودعهم فيها وقال: (لعلي لا أحج بعد عامي هذا)، وقال:(ألا هل بلغت؟ ) فقالوا: نعم. فقال: (اللهم! اشهد)(1). وكذلك كان، فإنه صلى الله عليه وسلم وجازاه عنا خيرًا - توفي في ربيع الأول، في الثاني عشر منه - على أولى الأقوال وأشهرها - على رأس ثلاثة أشهر ونيف من موقفه ذلك. ولم يحج في الإسلام غير تلك الحجة، وحج فيها بجميع أزواجه صلى الله عليه وسلم.

(1) رواه البخاري (105)، ومسلم (1679).

ص: 297

وَفِي رِوَايَةٍ: موافين لهلال ذي الحجة - فَأَهلَلنَا بِعُمرَةٍ، ثُمَّ قَالَ

ــ

وقولها في الرواية الأخرى: (خرجنا موافين لهلال ذي الحجة)؛ أي: مطلين عليه ومشرفين. يقال: أوفى على ثنية كذا؛ أي: شارفها، وأطل عليها. ولا يلزم منه أن يكون دخل فيها. وقد دلَّ على صحة هذا: قولها في الرواية الأخرى: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة، وكذلك كان. وقَدِم النبي صلى الله عليه وسلم مكة لأربع أو خمس من ذي الحجة، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى مكة تسعة أيام، أو عشرة. والله تعالى أعلم.

وقولها: (فأهللنا بعمرة)؛ يعني: أنها هي أهلت بعمرة مع غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أو تكون نون العظمة، وفيه بُعد، وقد أخبرت عن نفسها وحدها؛ إذ قالت:(فأهللت بعمرة)، و (كنت فيمن أهل بعمرة)؛ وهذا يعارضه قولها في الرواية الأخرى:(خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج)، وفي أخرى:(لا نرى إلا الحج).

فاختلف العلماء في تأويل هذه الألفاظ المختلفة المضطربة؛ فمنهم من رجح الروايات التي فيها: أنها أهلَّت بالحج، وغلط من روى: أنها أهلَّت بعمرة، وإليه ذهب إسماعيل - أظنه ابن علية -، ومنهم من ذهب مذهب الجمع بين هذه الرِّوايات، وهو الأولى؛ إذ الرواة لتلك الألفاظ المختلفة أئمة ثقات مشاهير، ولا سبيل إلى إطلاق لفظ الغلط على بعضهم بالوهم. فالجمع أولى من الترجيح إذا أمكن.

فمما ذكر في ذلك: أنها كانت أحرمت بالحج ولم تسق الهدي، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي بفسخ الحج في العمرة، فسخت فيمن فسخ، وجعلته عمرة، وأهلَّت بها، وهي التي حاضت فيها. ثم إنها لم تحل منها حتى حاضت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج، وتكون حينئذ مردفة، فأحرمت بالحج، ووقفت بعرفة وهي حائض، ثم إنها طهرت يوم النحر، فأفاضت، فلما كملت مناسك حجها اعتمرت عمرة أخرى مع أخيها من التنعيم. قال: فعن تلك العمرة التي دخلت فيها بعد الفسخ عبَّر بعض الرواة: بأنها أحرمت بعمرة، وعلى ذلك يحمل

ص: 298

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن كَانَ مَعَهُ هَديٌ فَليُهِلل بِالحَجِّ مَعَ العُمرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنهُمَا جَمِيعًا. قَالَت:

ــ

قولها: أهللت بعمرة؛ تعني بعد فسخها الحج، فلما كان منها الأمران صدق كل قول من أقوالها، وكل راو روى شيئًا من تلك الألفاظ.

قلت: ويعتضد هذا التأويل بقولها في بعض رواياته: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل، قالت: فحل من لم يسق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي؛ فأحللن. وهذا فيما يبدو تأويل حسن، غير أنه يبعده مساق قولها أيضًا في رواية أخرى قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من أراد أن يهل بحج وعمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليفعل)؛ قالت: فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج، وكنت فيمن أهل بعمرة. وظاهره: الإخبار عن مبدأ الإحرام للكل. وعلى هذا فيمكن التأويل على وجه آخر؛ وهو أن يبقى هذا الحديث على ظاهره، ويتأوَّل قولها:(لبينا بالحج)؛ على أن ذلك كان إحرام أكثر الناس؛ لأنه لما أحرم النبي صلى الله عليه وسلم بالحج اقتدى به أكثر الناس في ذلك، وأما هي فإنما أحرمت كما نصَّت عليه، وناهيك من قولها:(ولم أهل إلا بعمرة).

وقولها: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى إلا أنه الحج)؛ يمكن أن يقال: كان ذلك منها ومنهم قبل أن يخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع الإحرام، ويبينها لهم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة)؛ ظاهره: أنه أمرهم بالقران، فيكون قال لهم عند إحرامهم، ويحتمل أن يكون قال ذلك لمن قد كان أحرم بالعمرة، فيكون ذلك أمرًا بالإرداف.

وقوله: (ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا)، هذا بيان حكم القارن، فإنه لا يحل إلا بفراغه من طواف الإفاضة، ويجزئه لهما عمل واحد عند الجمهور خلافًا لأبي حنيفة؛ إذ يقول: يعمل لهما عملين. وسيأتي قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (يسعك

ص: 299

فَقَدِمتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَم أَطُف بِالبَيتِ وَلَا بَينَ الصَّفَا وَالمَروَةِ. فَشَكَوتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: انقُضِي رَأسَكِ، وَامتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمرَةَ

ــ

طوافك لحجك وعمرتك) (1)، وهو نصٌّ في الرد عليه، وكذلك قولها: فأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة؛ فإنما طافوا طوافًا واحدًا.

وقولها: (فقدمت مكة وأنا حائض)؛ كانت حاضت بسَرَف، كما قالت في الرواية الأخرى، وتمادى الحيض بها إلى يوم النحر، كما تقدَّم. وكونها لم تطف بالبيت؛ لاشتراط الطهارة في الطواف، ولا بالصفا والمروة؛ لأن مشروعيته أن يكون على إثر طواف، وإنما امتنعت من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية الأخرى:(افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)(2).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (انقضي رأسك، وامتشطي، ودعي العمرة)؛ ظاهر هذا: أنه أمرها بأن ترفض عمرتها، وتخرج منها قبل تمامها. وبهذا الظاهر قال الكوفيون في المرأة تحيض قبل الطواف، وتخشى فوت الحج: أنها ترفض العمرة. وقال الجمهور: إنها تردف الحج، وتكون قارنة. وبه قال مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأبو ثور. وقد حمل هذا أصحابنا: على أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بالإرداف، لا بنقض العمرة؛ لأن الحج والعمرة لا يتأتى الخروج منهما شرعًا إلا بإتمامهما؛ لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ} واعتذروا عن هذه الألفاظ بتأويلات:

أحدها: أنها كانت مضطرة إلى ذلك، فرخص لها فيها كما رخص لكعب بن عجرة.

(1) يأتي في الباب رقم (16).

(2)

انظر التخريج السابق.

ص: 300

- وَفِي رِوَايَةٍ وأمسكي عن العمرة - قَالَت: فَفَعَلتُ ذلك، فَلَمَّا قَضَينَا الحَجَّ أَرسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ أَبِي بَكرٍ إِلَى التَّنعِيمِ فَاعتَمَرتُ. فَقَالَ: هَذِهِ مَكَانُ عُمرَتِكِ، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمرَةِ بِالبَيتِ

ــ

وثانيها: أن ذلك خاص بها، ولذلك قال مالك: حديث عروة عن عائشة ليس عليه العمل عندنا، قديمًا ولا حديثًا.

وثالثها: أن المراد بالنقض والامتشاط: تسريح الشعر لغسل الإهلال بالحج، ولعلها كانت لبَّدت، ولا يتأتى إيصال الماء إلى البشرة مع التلبيد إلا بحل الضفرة وتسريح الشعر. ويتأيد بما في حديث جابر: أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: (فاغتسلي، ثم أهلي بالحج)(1). وقد تركنا من التأويلات ما فيه بُعد، واكتفينا بما ذكرناه؛ لأنه أوفقها، والله تعالى أعلم.

فأما قوله: (ودعي العمرة)؛ فمحمول على ترك عملها، لا على رفضها، والخروج منها؛ بدليل قوله في الرواية الأخرى:(وأمسكي) مكان (ودعي)، وهو ظاهر في استدامتها حكم العمرة التي أحرمت بها، وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم:(يسعك طوافك لحجك وعمرتك)؛ وهذا نصٌّ على أن حكم عمرتها باق عليها.

وقولها: (فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت)؛ هذا إنما كان بعد أن رغبت في أن تحرم بعمرة مفرقة (2) بعد فراغها من حجتها وعمرتها المقرونتين، بدليل قولها في الرواية الأخرى:(يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة)؛ تعني المتمتعين من الناس، وكما قالت في الرواية الأخرى:(فأهللت منها بعمرة جزاءً بعمرة الناس التي اعتمروا).

وقوله عند فراغ هذه العمرة: (هذه مكان عمرتك)؛ إنما قال لها هذا: لأنها

(1) يأتي في حجة النبي صلى الله عليه وسلم، باب رقم (17).

(2)

في (هـ): مفردة.

ص: 301

وَبِالصَّفَا وَالمَروَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعدَ أَن رَجَعُوا مِن مِنًى لِحَجِّهِم. وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

وفي طريق آخر: قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج.

وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَهلَلَتُ بِعُمرَةٍ، ولم أكن سقت الهدي حتى قدمنا مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أَحرَمَ بِعُمرَةٍ وَلَم يُهدِ فَليَحلِل، وَمَن أَحرَمَ بِعُمرَةٍ وَأَهدَى فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَنحَرَ هَديَهُ؛ وَمَن أَهَلَّ بِحَجٍّ فَليُتِمَّ حَجَّهُ. قَالَت

ــ

لم تطب نفسها بالعمرة التي أردفت عليها؛ لأنها طافت طوافًا واحدًا، وسعت سعيًا واحدًا. كما جاء عنها من حديث جابر: أنها قالت: يا رسول الله! إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت. فقال لعبد الرحمن: أعمرها من التنعيم، فلما فرغت منها، قال لها هذه المقالة تطييبًا لقلبها؛ ألا ترى أنه قد حكم بصحة العمرة المردف عليها؟ ! وعلى هذا فلا يكون فيه حجة لمن يقول: إنها رفضت العمرة المتقدمة، وهذه قضاء لتلك المرفوضة، لما قررناه. فتدبره.

وأنصّ ما يدلّ على صحة ما قلناه قولها: (وأمرني أن أعتمر من التنعيم مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحلل منها).

وقوله: (ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه)؛ يعني: أنه لا يحلق حتى ينحر الهدي؛ كما قال تعالى: {وَلا تَحلِقُوا رُءُوسَكُم حَتَّى يَبلُغَ الهَديُ مَحِلَّهُ} وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجته: نحر، ثم حلق، وقال:(أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن ننحر، ثم نحلق، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا)(1)، وستأتي الرخصة في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض.

وقوله: (ومن أهل بحج فليتم حجه)؛ هذا - والله أعلم - قاله لهم قبل أن

(1) رواه البخاري (968)، والنسائي (3/ 182) من حديث البراء.

ص: 302

عَائِشَةُ: فَحِضتُ فَلَم أَزَل حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَومُ عَرَفَةَ، وَلَم أُهلِل إِلَّا بِعُمرَةٍ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَن أَنقُضَ رَأسِي وَأَمتَشِطَ وَأُهِلَّ بِالحَجٍّ، وَأَترُكَ العُمرَةَ. قَالَت: فَفَعَلتُ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا قَضَيتُ حَجَّتِي بَعَثَ مَعِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ أَبِي بَكرٍ، وَأَمَرَنِي أَن أَعتَمِرَ مِن التَّنعِيمِ مَكَانَ عُمرَتِي الَّتِي أَدرَكَنِي الحَجُّ، وَلَم أَحلِل مِنهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَضَى اللَّهُ حَجَّنَا وَعُمرَتَنَا، وَلَم يَكُن فِي ذَلِكَ هَديٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا صَومٌ.

ــ

رخص لمن لم يسق الهدي بالتحلل، ثم بعد ذلك رخص فيه على ما يأتي، أو يكون هذا الخطاب متوجها لمن ساق الهدي.

وقولها: (فحضت، فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة)؛ مخالف لقولها في الرواية الأخرى: (فلما كان يوم النحر طهرت). ووجه التلفيق: أن يحمل على أنه تقارب انقطاع الدم عنها يوم عرفة. ورأت علامة الطهر يوم النحر، والله تعالى أعلم.

وقولها: (فقضى الله حجنا وعمرتنا، ولم يكن في ذلك هدي، ولا صدقة، ولا صوم)؛ هذا الكلام مشكل على من يقول: إنها كانت معتمرة، أو قارنة؛ لأنها إن كانت معتمرة فقد استباحت مشط رأسها، وإلقاء القمل؛ إن تنزلنا على تأويل من قال: إنها كان بها أذى، وإنها رُخِّص لها كما رُخِّص لكعب بن عجرة، فكانت تلزم الفدية كما نصَّ الله على ذلك. وأما إن كانت قارنة فليلزمها الهدي للقران عند جماعة العلماء إلا داود فإنه لا يرى في القران هديًا.

وقد أشكل هذا على أصحابنا حتى قال القاضي أبو الفضل عياض: لم تكن معتمرة ولا قارنة، وإنما كانت أحرمت بالحج، ثم نوت فسخه في عمرة، فلما حاضت ولم يتم لها ذلك رجعت

ص: 303

رواه البخاري (1556)، ومسلم (1211)(112 و 113 و 115)، وأبو داود (1781)، والنسائي (5/ 225 و 226)، وابن ماجه (2974).

* * *

ــ

إلى حجها، فلما أكملت حجها اعتمرت عمرة مبتدأة، فلم تكن متمتعة، فلم يجب عليها هدي.

قلت: وكأن القاضي رحمه الله لم يسمع قولها: (وكنت فيمن أهل بعمرة)، وقولها:(ولم أهل إلا بعمرة). ولا قوله صلى الله عليه وسلم لها: (يسعك طوافك لحجك وعمرتك).

قلت: وهذا الكلام المشكل يهون إشكاله: أنه قد رواه وكيع موقوفًا على هشام بن عروة وأبيه فقال: قال عروة: إنه قضى الله حجها وعمرتها. قال هشام: ولم يكن في ذلك هدي، ولا صيام، ولا صدقة (1). وإذا كان الأمر كذلك سهل الانفصال؛ بأن يقال: إن عروة وهشامًا لما لم يبلغهما في ذلك شيء أخبرا عن نفي ذلك في علمهما، ولا يلزم من ذلك انتفاء ذلك الأمر في نفسه، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عنها، ولم يبلغهما ذلك، وهذا التأويل أيضًا منقدح على تقدير: أن يكون هذا الكلام من قول عائشة. ويؤيده قول جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عن عائشة بقرة على ما يأتي (2) إن شاء الله تعالى.

ويحتمل أن يكون معنى قولهم: (لم يكن في ذلك هدي، ولا صوم، ولا صدقة)؛ أي: لم يأمرها بذلك، ولم يكلفها شيئًا من ذلك؛ لأنه نوى أن يقوم به عنها، كما قد فعل على ما رواه جابر وغيره، والله تعالى أعلم.

(1) انظر كلام هشام في صحيح مسلم (1211)(117).

(2)

انظر الحديث رقم (1080) في التلخيص.

ص: 304